الطفلة إصلاح صالح.. الفقر أحرمها نعمة البصر

> ذكاء فطري ميزها عن أقرانها في المدرسة

> ​تقرير/ عنتر الصبيحي
 
إصلاح صالح إبراهيم، واحدة من أطفال مديرية كرش محافظة لحج، ممّن نالوا نصيباً وافراً من المعاناة منذ أن وجدوا على هذه الدنيا، وحالت الظروف المادية الصعبة أمام أسرهم دون التخفيف ولو قليلاً ممّا يُعانون، وهو ما زاد من تعقيد حالاتهم المرضية وصولاً إلى الإعاقة التامة أو الجزيئة للكثيرين منهم.

فقدان البصر
الطفلة إصلاح إبراهيم (13 عاماً) واحدة من هؤلاء الأطفال، إذ بدأت تُعاني منذ صغرها من مرض في عينيها ولفقر والدها الشديد، والذي توفي منذ سنوات، تأزمت حالتها حتى فقدت البصر نهائياً، وكان بالإمكان علاجها وإنقاذها مما وصلت إليه إذا تم معاجلتها في أوقات مبكرة بحسب تأكيدات الطبيب المختص الذي عُرضت عليه بأواخر العام الماضي.
وتنتمي إصلاح إلى منطقة «زيق»، إحدى قرى كرش الأكثر فقيراً، فمعظم أبنائها يعتمدون بدرجة رئيسة على تربية الأغنام وزراعة الأراضي كمصدر للرزق.

حرب وحرمان
منذ أربع سنوات حُرم الكثير من أبناء هذه المناطق والمناطق من زراعة أراضيهم لوقوعها بالقرب من خطوط التماس والمواجهات بين أفراد المقاومة الجنوبية المسنودين برجال الجيش والحزام الأمني من جهة وقوات الحوثي من جهة أخرى.
وسقط خلال السنين الماضية الكثير من المواطنين ضحايا الألغام أو القنص من قناصة الحوثيين المتمركزين على قمم التلال القريبة من قراهم.

تقول والدتها في حديثها لـ «الأيام»: «ابنتي كانت تعاني من ضعف بالنظر في عينها نتيجة المياه الزرقاء المصابة بها غير أنها فقدت البصر نهائياً بعد وفاة والدها بشهر واحد».

قساوة الحياة
وزاد وفاة والدها عام 2010م من قساوة الحياة لأسرته التي تتكون من أربعة أفراد؛ طفل وبنتين وزوجة، حيث لم يترك لهم أي مصدر دخل.
تقول أم الطفلة: «كان زوجي يعمل بالأجر اليومي، وغير مسجل في الرعاية الاجتماعية، ولم نتحصل على أي دعم من المنظمات المحلية أو الدولية ذات العلاقة، ومنذ فارق الحياة قبل ثمان سنين تأزمت أوضاعنا المعيشية والمادية ومعها تضاعفت مشكلة طفلتي، حتى فقدت كامل بصرها دون أن أستطع معالجتها أو حتى المحافظة على القليل من نظرها لتتمكن من ممارسة حياتها بشيء من الاعتماد على نفسها».
المدرسة التي تدرس فيها الطفلة إصلاح
المدرسة التي تدرس فيها الطفلة إصلاح

وعلى الرغم مما تُعاني منه هذه الطفلة إلا أنها تتميز بذكاء فطري، وحب شديد لمواصلة التعليم، تقول والدتها، وهي تسرد قصة إصلاح ومدى تعلقها بالتعليم: «تستيقظ في الصباح الباكر وتقوم بمساعدتي في بعض أمور المنزل البسيطة بقدر ما تمكنها حواسها وإدراكها منه، وما أن تتناول وجبتها حتى تبدأ بالاستعداد للذهاب إلى المدرسة، ولعدم تمكنها من الذهاب بمفردها تنتظرني حتى أفرغ من أعمال البيت لأصحبها إلى المدرسة، وكلها حيوية ونشاط».

ذكاء فطري
يقول مدير مدرسة «علي عبدالمغني» بالمنطقة المعلم فؤاد شائف الطاهري: «إن الطفلة إصلاح صالح تتمتع بذكاء شديد ومن أوائل الطالبات في الصف الثاني ابتدائي، على الرغم من فقدانها لبصرها واليتم الذي تعانيه وما خلفه لها من فقر وحرمان وشظف في العيش».
ويشير الطاهري في حديثه لـ «الأيام» إلى أن عينيها أُصيبتا منذ صغرها بالمياه الزرقاء، ونتيجة لفقر أُسرتها وعدم تمكنهم من معالجتها في أوقات مبكرة تأزمت حالتها كثيراً وصولاً إلى العمى التام.

وقال: «مؤخراً وبعد مناشدات تكفل بعض رجال الخير ممن علموا بحالتها وفقر أسرتها بعلاجها في مستشفى (مكة) للعيون الواقع مديرية المنصورة بالعاصمة عدن، ولكن مع الأسف كان الوقت قد مر، حيث أكد الأطباء باستحالة علاجها، ونحن بدورنا في المدرسة نعمل على تسهيل كل الصعاب أمامها لتستطيع التعليم ومواصلة دراستها، وعبر «الأيام» نناشد أصحاب الأيادي البيضاء والمنظمات وكل من لديه القدرة بتقديم المساعدة لهذه الطفلة ولأسرتها التي باتت تقاسي الأمرين بعد وفات معيلها منذ عدة سنوات، وتنمى من هذه الجهات سرعة الاستجابة».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى