مظاهر المناصب الكبرى

> أحمد عبدربه علوي

>
من الأمور التي تسيء إلينا وتجعلنا من الدول المتخلفة عن ركب الحضارة والديمقراطية اهتمامنا بالمظاهر والمبالغة في إحاطة المناصب الكبرى بهالة من التفخيم والتعظيم (الأبهة) وإغداق الامتيازات على أصحابها، في حين أنهم كانوا قبل توليهم هذه المناصب يعيشون حياة عادية، لا فرق بينهم وبين غيرهم من المواطنين!!.. وإذا نظرنا إلى طبيعة المنصب الكبير بتفهم ووعي لوجدنا أنه تكليف بالمسئولية وخدمة عامة وليس مبرراً لإغراق صاحبه بالمظاهر والامتيازات التي لا تقتصر على السيارة الفاخرة فقط، ولكنها تشمل المكاتب الأنيقة المبالغ في قيمة أثاثها والدواوين الملحقة بها ومدير مكتب الوزير والمديرين والسكرتارية التي تضم حشداً كبيراً من الموظفين والحراسة وغير ذلك هذا كله إلى جانب الحراسة والسعاة الواقفين والجالسين على باب صاحب المنصب الكبير، «المصاب بجنون العظمة».

وما يحدث في البلاد المتحضرة التي سبقتنا بزمن طويل إلى الديمقراطية يختلف تماماً عما يحدث في بلادنا، فأصحاب المناصب الكبرى هناك سواء رؤساء الوزارات أو الوزراء أو من في مستواهم، لا فرق يذكر بينهم وبين من يتولون المناصب الأخرى، يسيرون في الشوارع دون أن يشعر بهم أحد ويرتادون المحلات العامة ويستخدمون وسائل الانتقال التي يستخدمها أفراد الشعب «بيننا وبينهم فرق كبير في الكثير من الإجراءات».

ونتيجة لمبالغتنا في إحاطة المناصب الكبرى بالمظاهر (والهالة المصطنعة) تغير مفهوم ومدلول هذه المناصب من كونها تكليفاً بالمسئولية والخدمة العامة إلى وسيلة للحصول على الامتيازات والاستمتاع بما تتيحه وتوفره من إمكانيات وحياة ميسرة ورفاهية، حتى أصبح خروج الوزير أو غيره من شاغلي المناصب الكبرى يعتبر خسارة كبيرة لأفراد أسرته وأقاربه، ليس لحرمانه من شرف الخدمة العامة ولكن لحرمانهم هم من الامتيازات التي كانوا يستمتعون بها.

والمظاهر التي تحيط بها الدولة أصحاب المناصب الكبرى إلى جانب أنها نوع من التخلف الحضاري والبعد عن روح الديمقراطية وإهدار للمال العامة فهي أيضا تعتبر تحديا صارخاً لمشاعر المواطنين وتفرقة لا مبرر لها بين الطبقات، وإثارة الغضب والتعليقات الساخرة الشنيعة من أفراد الشعب، وتوليد للحقد والكراهية في نفوس الفئات الفقيرة الموظفة التي أصبحت بدون راتب.
نأمل في المرحلة القادمة الجديدة أن تزول هذه المظاهر وغيرها حتى نبلغ مما ننشده من إصلاح وازدهار وتقدم وحياة هادئة وأمن وأمان يعم الوطن من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه،

ورحم الله مسئولاً عرف قدر إمكانياته وقدراته.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى