ارتفاع سعر السمك في عدن.. بين غياب دور الحكومة الرقابي ومبررات بائعيه الواهية

> تقرير / سليم المعمري

> ​السمك أصبح غائبا عن موائد الأسر في عدن

ارتفعت أصوات مواطني العاصمة عدن بالتذمر والشكوى جراء الارتفاع المتصاعد في أسعار السمك الذي تشهده أسواق المدينة في ظل غياب تام لدور الجهات الحكومية المختصة بالرقابة والتفتيش وضبط ومحاسبة تجار الأسماك في عدن المتلاعبين بأسعاره.. فعلى الرغم من أن محافظة عدن ساحلية ويحيط بها البحر من مختلف الجهات إلا أن السمك فيها يباع بأسعار خيالية مقارنة بالكثير من المحافظات المجاورة والتي أغلبها ليست ساحلية بل وبعيدة تماما عن البحر، حيث نجد أن أسعار السمك في أسواق تلك المدن والمحافظات المجاورة أقل بكثير من سعرها في عدن.. وتحصلت «الأيام» مؤخرا على قائمة بأسعار أنواع السمك في أسواق العاصمة عدن وهي كالآتي:

الكيلو الديرك 8000 ريال
والكيلو أبو عين 7000 ريال
والكيلو السخلة 6000 ريال
الكيلو الثمد 4000 ريال
والمشك الباغة 1500 ريال


الحل بناء سوق مركزي
وكان لصحيفة «الأيام» والحال كذلك أن تجري هذا التحقيق وتتوجه للمعنيين والمهتمين بالأمر لاستطلاع آرائهم للوقوف على أسباب ظاهرة ارتفاع أسعار الأسماك في عدن دون سواها وسبل مواجهتها:
غازي لحمر
غازي لحمر
يقول غازي أحمد لحمر وكيل وزارة الثروة السمكية لقطاع خدمات الإنتاج والتسويق لـ «الأيام» إن «إجمالي إنتاج عدن من الأسماك يشكل 40 % من نسبة الإنتاج على مستوى الجمهورية يقابله ارتفاع كبير في نسبة الطلب والاستهلاك من قبل المواطنين الذين كانوا يعتمدون عليه اعتمادا كبيرا في وجباتهم الرئيسية فيها، فمثلاً متوسط الإنتاج في حضرموت يبلغ 88 ألف طن يوميا وفي المهرة 90 ألف طن يوميا فيما يبلغ متوسط الإنتاج في عدن التي ترتفع نسبة استهلاك السكان للأسماك فيها 10 آلف طن فقط يوميا».

واستطرد وكيل وزارة الثروة السمكية بالقول: «لكي نقضي على هذه الإشكالية يجب الموازنة بين العرض والطلب، فالكميات المعروضة للبيع يجب أن تواكب نسبة الاستهلاك ونحن بدورنا في قطاع خدمات الإنتاج والتسويق بالوزارة أعددنا دراسة بهذا الخصوص وقدمنا تصورا للسلطة المحلية في عدن على أساس أن ننشئ سوقا مركزيا نموذجيا للبيع بالجملة والتجزئة مجهز بالإمكانيات الضرورية لحفظ الأسماك لأطول فترة ممكنة لكي لا تفقد قيمتها الغذائية والاستهلاكية».

مختتما حديثه بالتأكيد على أن إنشاء سوق مركزي في عدن سوف يساهم بشكل كبير في حل المشكلة ووضع حد لارتفاع أسعار الأسماك في أسواق عدن.

 في موسم الرياح
محمد عبدالكريم
محمد عبدالكريم
أما التاجر محمد علي عبد الكريم القائم على سوق طيبة المركزي في المنصورة لبيع وشراء الأسماك بالجملة والتجزئة فيشير إلى أن ارتفاع الأسماك ظاهرة تشهدها أسواق عدن خلال موسم الرياح وتستمر لثلاثة أشهر متواصلة من كل عام، الأمر الذي يحول دون تمكن الصيادين من مزاولة مهنة الصيد خلالها وإذا توفر يوما فإنه ينقطع عنهم لثلاثة أيام».
ويضيف: «رغم أن الدولار ارتفع إلى 500 ريال إلا أن أسعار الاسماك بقيت ثابتة منذ العام 2005م لم تتغير، ويرتفع في موسم الرياح فقط، حيث سعر الكيلو في هذا الموسم يصل إلى 3000 ريال ولا يلبث أن يعود إلى 1000 ريال بعد انتهاء موسم الرياح، مؤكدا على أن الرياح التي تهب في موسم (الشمال) هي السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار السمك، موضحا أن التفاوت القائم في أسعار السمك بين عدن والمحافظات الشمالية يتمثل في أن المستهلكين في عدن يبحثون دائما عن السمك الطازج ولا يقبلون بغير السمك الطري وذي الجودة العالية، لكن في المحافظات الشمالية كصنعاء أو تعز أو غيرهما فإن السكان فيها يقبلون بما توفر في السوق من الأسماك  بصرف النظر عن جودتها، لذلك فنحن نضطر غالبا لبيع الأسماك التي لا تجد إقبالا أو تتكدس في أسواقنا بعدن في أسواق تعز التي لا تخضع للجودة أو لمواصفات معينة..

وأكد أن «السبب الآخر الذي يساهم في ارتفاع أسعار السمك في عدن فإنه يرجع إلى تعنت بعض النقاط العسكرية، فأنا كتاجر عندما أشتري صيد بـ 2 مليون ريال مثلا فلابد أن أشتري عليه الثلج بـ 100 ألف ريال ومثلها أجرة العمال 100 ألف ريال بالإضافة إلى الرسوم والجبايات القانونية وغير القانونية التي ندفعها في النقاط والتي تصل إلى 70 ألف ريال، فإنني في المقابل أضيفها على المشتري في سعر السمك وحينها تتضاعف القيمة عليه».

وواصل حديثه قائلا: «كما لا توجد رقابة على التجار القادمين من سلطنة عمان، فمثلا أنا أشتري الحوت الثمد بـ 20 ألف ريال فيأتي التاجر الذي يقوم بتوريده إلى عمان ويدفع مبلغ 25 ألف ريال وأحيانا أكثر لأن فارق الصرف يلعب دور كبير وهذا يتسبب بعجز كبير على ميزانية التاجر المحلي مما يؤثر سلبا على أسعار الثمد وهو الصادر المحلي الذي يفترض أن يكون في متناول الجميع لكن المصدِّر يقوم بتصديره خارج الحدود بعد أن يشتريه بأي سعر ويتسبب بذلك في أزمة سمك على مستوى الداخل المحلي».

ثقافة مزاجية
فيما يقول المواطن تامر محمد علي من أبناء مديرية صيرة لـ «الأيام» إن ارتفاع أسعار السمك أصبح ثقافة مزاجية في عدن ليس لها ما يبررها سوى موت الضمير الإنساني والأخلاقي لدى التجار الذين استغلوا غياب دور الرقابة الحكومية للتلاعب بالأسعار على الرغم من أن العملة المحلية استقرت وكذلك هبوط أسعار المشتقات النفطية التي كان يتذرع بها التجار.. لافتا إلى أن ارتفاع أسعار السمك يعود بشكل أساسي إلى انعدام المسؤولية الإنسانية والاخلاقية والوطنية لدى التجار والصيادين تجاه المواطنين، حيث يساهمون في زيادة معاناتهم برفع أسعار السمك وحرمانهم من تناوله بعد أن ظل يمثل المصدر الغذائي الوحيد الذي يعتمدون عليه في حياتهم اليومية والذي يجب أن يكون قريبا من متناول الجميع كون عدن تقع على بحر زاخر بالثروة السمكية يحيط بها من مختلف الجهات».

جشع البائعين
عمر سريب
عمر سريب
بينما يشير المواطن عمر محمد سريب إلى أن «أسباب ارتفاع سعر الأسماك في عدن يعود إلى طمع وجشع تجار السمك أنفسهم وليس الصيادين، حيث يؤكد على أن هناك كثيرا من الناس يأخذوا السمك من سوق الحراج بسعر رخيص وأنا لي تجربة وقريبة جدا قبل حوالي أسبوعين عندما أتى أحد الصيادين حاملا «حوت سخلة» وأنا أقف عند أحد الصيادين في سوق السمك بالمعلا يعرضه على أحد الباعة هناك ـ ركز معي - حوت سخلة وطري من البحر مباشرة فتجاهله البائع كي يرغمه على تخفيض السعر أكثر فقمت بسؤال الصياد عن سعر الحوت وكانت المفاجأة حين قال لي أن سعره من 6 إلى 7 آلاف ريال فصعقت من هذا المبلغ علما بأن الباعة يبيعون الكيلو فقط السخلة بـ 6000 ريال، فقلت للصياد أنا سأشتري منك الحوت فباعه لي بـ 7000 ريال وبعد تقطيعه وتصفيته تبين أن وزن الحوت حوالي 4 كيلو إلا ربع، انظر إلى فارق الربح حوالي 3 أضعاف سعره في حالة ما لو كنت أشتريته من البائع وليس من الصياد».

أسعار السمك في عدن أغلى بكثير من أسعارها في المناطق البعيدة من السواحل

غياب الدور الحكومي
عامر السعيدي مواطن آخر يقول لـ «الأيام» إن «ظاهرة ارتفاع أسعار السمك في أسواق عدن بالذات أكثر من بقية المحافظات ليست بجديدة ولكنها ازدادت في الآونة الأخيرة بفعل طمع وجشع الباعة الذين ظلوا يتحججون بارتفاع الدولار والمشتقات النفطية مستغلين غياب الدور الحكومي على أسواق حراج بيع السمك، ولكن الأسعار ظلت على ما هي عليه حتى بعد أن هبط سعر الدولار وأسعار المشتقات النفطية، بل إنها واصلت ارتفاعها على نحو غير مسبوق».

أسعار باهظة
مواطن قادم من محافظة إب إلى عدن، يدعى سمير الحبيشي يقول لـ «الأيام»: «لم أتصور أن أسعار السمك في الحديدة التي تشهد حربا منذ فترة وفي إب التي لا تمتلك ساحلا أرخص بكثير وكثير جدا من أسعارها في عدن التي تقع وسط البحر»، مؤكدا أن سعر الكيلو الثمد في إب لا يتجاوز 2000 ريال، متسائلا ومستغربا في نفس الوقت من هذا الارتفاع الخيالي الذي تشهده أسواق السمك في في عدن.
 
دعوة لمقاطعة شراء السمك
فيما دعا المواطن جعبل الحسني المواطنين في عدن إلى مقاطعة السمك على الأقل ليوم واحد فقط إن كانوا يريدون انخفاضه بغرض توصيل رسالة للبائعين بأننا جميعنا سنقف ضد الارتفاع الجنوني لأسعار الأسماك في عدن من خلال التوقف عن شرائه لكي يخضعوا للمواطن، مشيراً إلى أن المشكلة تتمثل في أن المواطنين ليسوا على يد واحدة ضد الجشعين والمتلاعبين بالأسعار مع أن الحل بسيط «يوم واحد فقط بدون سمك».

المدن غير الساحلية أرخص
سليمان الحبيشي، مواطن آخر من محافظة إب، يقول لـ «الأيام» إن أسعار الأسماك في المدن غير الساحلية أرخص بكثير من عدن، قبل يومين كنت أنا واثنان من الأصدقاء في صيرة وطلبنا حوت سمك (صغير) من الدرجة الثالثة فقيل لنا بأن سعره تسعة آلاف ريال مع المراعاة والمساعدة، وهذا يدل على أن أسعار الأسماك في عدن نار على الرغم من أن عدن يحيط بها البحر من مختلف الاتجاهات.. الله يكون في عون المواطن البسيط».

مبررات مرفوضة
ماجد عزان
ماجد عزان
ماجد حسن عزان، صحفي حقوقي ونقابي، يتحدث لـ «الأيام» عن الارتفاع الجنوني في أسعار السمك  في عدن والمبررات الواهية التي يقدمها تجار السمك دون مراعاة للظروف الاقتصادية القاسية التي يواجهها المواطنون في حين أن أسعارها في المحافظات المجاورة أرخص بكثير مما هي عليه في عدن الأمر الذي يسقط كل تلك المبررات التي يسوقها تجار الأسماك لتبرير جشعهم واستغلالهم للسكان الذين يعتمد معظمهم على رواتبهم الوظيفية الزهيدة المثقلة بالأعباء والديون والذين بدأوا يتذمرون من تخاذل وصمت الجهات الحكومية المعنية التي يفترض بها أن تقوم بدورها في متابعة تجاوزات أولئك التجار الجشعين وحماية المستهلكين من جشعهم ووضع حد لتلاعبهم بأسعار السمك الذي انعكس كذلك على أسعار الدجاج أيضا.

شكاوى من الجباية
فيما شكا صيادون لـ «الأيام» من الجمعيات السمكية في عموم المحافظات التي تأخذ الجباية غير المشروعة عبر فرض ضريبة على المشتري للأسماك في جميع مراكز التسويق رغم أنها غير قانونية، وقد صدر قرار من وزير الثروة السمكية بهذا الخصوص وهي طبعا عبء وتنعكس سلبا على المشتري وعلى المواطن على حد سواء، حيث يتم أخذ جباية في حضرموت والمهرة من المحرج بواقع 3 % على كل مشتري وكذلك في عدن يأخذ المحرج 1 % على المشتري وهذا عمل مخالف للقانون ومخالف لتوجيهات الوزير، فهد كفاين.

ارتفاع جنوني
فيما قال المواطن وجدان الصبيحي: «إننا نعاني هذه الأيام من ارتفاع جنوني في أسعار الأسماك  بحيث أصبح المواطن البسيط غير قادر على  شرائه بالمرة، وبالتالي فقد أصبح السمك غائبا عن موائد الكثير من الأسر التي كانت تعتمد عليه وخاصة الفقيرة، بعد أن غاب عنها اللحم ومن بعده الدجاج، ويقدم موردو الأسماك وبائعوه مبررات عديدة واهية لارتفاعه، فتارة يزعمون أن ذلك بسبب ارتفاع المحروقات وتارة بسبب هبوط العملة المحلية أمام العملة الأجنبية وأخرى بسبب هبوب الرياح الموسمية».

 وأشار إلى أن السبب الحقيقي الذي يقف وراء ظاهرة ارتفاع السمك في عدن دون غيرها يكمن في غياب دور الرقابة الحكومية التي يجب أن تلزم مورديه بتسعيرة موحدة تناسب القدرة الشرائية لعامة الناس وإيقاف جشع من يختلقون المبررات الواهية لارتفاعه الجنوني.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى