ضحايا النزوح.. الهروب من الحديدة إلى المعاناة في عدن

> هارون محمد

>
«نزحت من مدينة الحديدة من أجل أن أعيش في أمان وسلام، ولكني وجدت نفسي في حرب مع ملاك العقارات»، بهذه الكلمات وبوجه تغزوه علامات التعب والإرهاق يستهل أحمد يحيى حديثه مع «العربي» الذي نزح إلى مدينة عدن برفقة عائلته المكونة من 7 أفراد بينهم 4 فتيات.

عندما خرج من منزله لم يفكر يحيى، بالمنزل الجديد أو المكان الذي يقصده، كل ما كان يفكر فيه هو أن يهرب من جحيم الحرب المشتعلة.
وتابع «خرجت من منزلي والآن أسكن في شبه منزل. لا أعلم هل منزلي لا يزال سليماً أم أن المقذوفات دمرته؟».

يسكن يحيى، مدرس العلوم في مدرسة ابتدائية بالحديدة، وعائلته في منزل صغير مكون من غرفتين تستبيحهما أشعة الشمس، في منطقة القطيع بمديرية صيرة، ويدفع مقابل الإقامة فيه 25 ألف ريال يمني في الشهر الواحد.

رحلة البحث عن منزل
بدأ يحيى رحلة البحث عن منزل بعد ساعات من وصوله إلى عدن، واستمرت تلك الرحلة لمدة شهر، ويقول: «بعد وصولي سكنت في مخيم، وبدأت أبحث عن منزل صالح للسكن، وكل المنازل التي عثرت عليها كان ملاكها يشترطون الدفع بالدولار أو بالسعودي وإمكانياتي لا تسمح لي بذلك، وبالصدفة التقيت بأحد النازحين ودلني على هذا المنزل».

ذهب يحيى إلى المطبخ الكائن في ركن إحدى الغرف ليرينا محتوياته، وأكد قائلاً: «راتبي 60 ألف ريال يمني، وعندما استلمه أقوم بدفع الإيجار، وتسديد بعض الديون».
وبصوت محبط تبدو عليه علامات العجز واليأس، يقول: «يعلم الله كم سنعيش في هذا المنزل، وهذه المدينة.. نتعب، نجوع، نفتقر لأبسط مقومات الحياة».

ووجّه يحيى رسالة إلى الجهات الحكومية تحمل في طياتها تساؤلات عدة أبرزها: لماذا لا تلتفتون إلى النازحين؟ وإلى متى سيستمر حالنا هذا؟.
وارتفع عدد النازحين جراء الصراع المتصاعد في اليمن، إلى أكثر من 3 ملايين شخص، وفق تقرير مشترك صادر عن مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة.

وبحسب تقديرات مؤسسة جذور المستقبل للتنمية الاجتماعية، في عدن، فإن أكثر من 4500 أسرة نزحت من منازلها إلى عدن والمناطق المجاورة لها، بسبب الحرب الدائرة في عدة مناطق.

جشع المؤجرين
يصر أغلب المؤجرين وأصحاب العقارات على التعامل بالعملات الأجنبية معياراً لتأجير مسكنهم في واحدة من أبرز التطورات الخطيرة التي لم يسبق لمدينة عدن أن عرفتها طيلة السنوات القليلة الماضية.

ويقول سالم اليافعي، أحد مالكي العقارات في عدن، في حديث مع «العربي»: إن «الحرب وانهيار العملة اليمنية هي التي تسببت بارتفاع الإيجارات».
ويتابع: «كنت أؤجر بالريال اليمني، والشقة بـ 8 آلاف ريال يمني، وكان سعر الدولار بـ 250 ريالاً، وفور ارتفاع أسعار العملات غيرت نظام التعامل من العملة اليمنية إلى العملات الأجنبية».

اكتظاظ المدينة
وتعاني مدينة عدن من اكتظاظ السكان وغياب مساكن الإيجار، مع تزايد موجة النزوح إلى المدينة من محافظات تعز وأبين والضالع والحديدة ومحافظات يمنية أخرى بعضها بدافع الهروب من الحرب، وبعضها بسبب غياب الخدمات، وبسبب انقطاع المرتبات وعدم صرفها من قِبل سلطة الحكومة «الشرعية».

وبحسب إحصائيات شبه رسمية، فقد بلغ سكان محافظة عدن مليون نسمة تقريباً، أي بواقع «146,682» أسرة في العام 2017م، صاحبتها موجة نزوح هائلة خلال العامين الماضيين، ما أعطى الفرصة السانحة لأصحاب العقارات في الرفع الجنوني لإيجارات عقاراتهم.
عن «العربي»​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى