الانتظار لاستعادة دولة الجنوب خطأ سنندم عليه

> جمال مسعود

> سنعض أصابع الندم، وسنموت حسرة وقهراً، وسيسجل لنا التاريخ في صفحات الخيبة لمنتصر عظيم سلمياً وحربياً وصفحات العجز والفشل لمناور سياسياً وعود كثيرة وتصريحات أكثر بأن ما بعد اليوم ليس كالأمس، وأن الجنوب قادم وهو قاب قوسين من إعلانه، وأن العام الحالي هو عام الجنوب دولة مستقلة كاملة السيادة، وأن وأن..
تختلف المواقيت وتختلف المنابر والمواسم ويظل الأمل معقوداً والحلم موعوداً والانتظار ممدوداً.. لن نكِل ولن نمل، ولن نتراجع اليوم أو الغد أو العام القادم أو الذي بعده، لن نيأس سنظل ننتظر قدومه لأنه حق ولابد أن يعود لأصحابه يوماً ما طالما هناك من يطالب به ويسعى لاستعادته بكل السبل.

ليست هنا المشكلة، فقط نريد أن نعرف، وبكل صراحة وبشجاعة، ما الذي يحول دون تحقيق استعادة دولة الجنوب؟ وما الذي يعرقل إعلان ذلك؟ ولماذا غابت الخيارات الجنوبية الأخرى واختفت وسائل الضغط والتهديد ولو اللفظي ضد كل المعرقلين لحقنا بدون استثناء؟ فالحق لنا، والنصر من عند الله تحقق على أيدينا، ولن ينكر ذلك علينا أحد الرصاص الصداح ونار الحرب الملتهبة تتمزق فيها أشلاء جنودنا ويكتوي بنارها ابناءنا.

لقد كفينا ووفينا ووعدنا فأنجزنا وجزاؤنا في جنوبنا اليوم ها هو أمامكم، ننظر إليه بحسرة في غرف الانعاش يكاد المتربصون به أن يسحبوا عنه الأكسجين ويفصلون عنه الأجهزة الانعاشية ليموت كمداً وقهراً. أربع سنوات أو تزيد، من بعد النصر والتحرير، ولم يزداد في الجنوب إلا رقم العداد يحصي عدد الشهداء والجرحى والأيتام والأرامل وعدد المشاريع المخربة وعدد الموجوعة قلوبهم بالظلم الذي حل بالجنوب وأبنائه، والذي قضى بالعيش كما أراده الحكم الإجباري لا كما يريده الحق الجنوبي.

إن فترة الانتظار الطويلة تحت حرارة المواقف والمواقد تفقد الجنوبيين القدرة على السيطرة والتركيز في القضايا المحورية وتدفعهم للانغماس في التفاصيل الشيطانية، كما وتتيح المجال لصناع المشاريع والخطط المعيقة للجنوب كدولة أن ينفثوا سمومهم ويرسموا خططهم ويرصوا صفوفهم مستغلين طول فترة الانتظار وفتور نشوة الانتصار؛ بل والأخطر من ذلك هو تعميم مبدأ التعايش والتعود عليه وتطبيع الاوضاع ونسيان الأهداف، وهذه هي الكارثة الكبرى.

لا يوجد إطلاقاً ما يبرر التراخي والتأخير والاستسلام لخيار واحد فقط أخضعنا للترويض والتطويع والتشكيل، الذي يمارس ضد بعض الجهات المحلية، والتي تقيدت بذلك الخيار الوحيد ووقفت أمامه جامدة وممنوعة من الصرف والتصرف وضبطت بوصلة الحركة والحراك على جهة معينة لا نعرف أبعادها والمسافة الجغرافية والزمنية الفاصلة بينها وبين إعلان استعادة الدولة.
ونخشى أكثر ما نخشاه من سحب القرار من أهله وتحويله لتدويله وربطه بخارطة الطريق، التي لم ترسم بعد، لنكتشف بأن التجربة المريرة، التي خضناها للمرة الثانية وسقط في طريقها ولا زال يسقط حتى اليوم المزيد والمزيد من أبنائنا، ما هي إلا ضريبة دفعناها وسنظل ندفعها دائماً وقوداً وحطباً للمحرقة الاستنزافية طويلة المدى؛ لينتصر بنا وبدمنا ودمعنا كل من عجز عن تحقيق أهدافه وبرامجه فيصعد للنجاح فوق سلالم الجنوب والجنوبيين كما صعد صالح اليمن وحكم وأخضع وطوع الجميع وطواهم تحت عباءته حياً وميتاً.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى