رجــــال في ذاكــــرة التـاريـــخ

رجـال في ذاكـرة التـاريـخ.. 1- محمد مرشد ناجي 2- فيصل سعد علوي

> نجيب محمد يابلي

> 1 - محمد مرشد ناجي

الميلاد والنشأة
محمد مرشد ناجي من مواليد حافة القحم، قسم «ب» بالشيخ عثمان يوم 6 نوفمبر 1929م من أب من معافر الشويفة ومن أم صومالية عظيمة تدعى «عورلا عبدي».. بدأ كأقرانه بالتردد على الكتاتيب (المعلامة)، وفي حيه تلقى المرشد حفظ القرآن في معلامة الفقيه أحمد الجبلي.

التحق بعد ذلك بابتدائية الشيخ عثمان، ومن زملائه محمد سعيد مسواط، عثمان عبده محمد، سعد قائد قعطبي وعبدالرزاق معتوق.

ومن مدرسيه: أفضل خان، محمد أحمد يابلي، سعيد علي فرج، أحمد حسن حنبلة، ومدير مدرسة السيد محمد الباقر (والد التربويين الجليلين أبوبكر وعلي باقر.. رحم الله الجميع).
نال المرشد رصيداً متواضعاً من التعليم بين متوسطة البادري ومدرسة صالح حسن تركي (خال الفنان إسكندر ثابت وسعيد ثابت، والد الفنان نجيب سعيد ثابت) لدراسة اللغة الإنجليزية وفيها تلقى دراسته الأمير أحمد فضل القمندان.

الكفاح مع الصحة والوظيفة والظروف الصعبة
حصل المرشد على فرصة عمل في صحراء السعودية مع شركة أرامكو النفطية في أواخر أربعينات القرن الماضي، إلا أن صحته لم تحتمل الحياد هناك فعاد إلى عدن وحصل على فرصة عمل في جيش محمية عدن في أواخر عام 1948م، خضع المرشد لمدة عام واحد للعلاج في المستشفى، وخضع بعد ذلك للراحة التامة بحسب التوجيهات الطبية.

المرشد مديرا لمكتب السلطان الفضلي
زف صديقه هاشم عمر إسماعيل خبرا بوجود وظيفة في السلطنة الفضلية وأصدر السلطان حسين بن عبدالله الفضلي، نائب السلطنة، قرارا بتعيين محمد مرشد ناجي مديرا لمكتب خلال الفترة 1950/ 1953
حيث قدم المرشد استقالته ليعمل مدرسا في مدرسة النهضة العربية في الشيخ عثمان، وكان مديرها محمد سعيد مسواط، وأعانه الأستاذان عثمان عبده محمد وعلي محمد عبدالله على الإلمام بفنون التدريس، تحمل المرشد وظيفة مدير بالإنابة (Acting) نتيجة انتقال الأستاذ مسواط إلى المؤمر العمالي (A.T.U.C).

السلطان عبدالله بن عثمان
 في بيت المرشد
زار السلطان عبدالله بن عثمان، السلطان الفضلي، المرشد في بيته في الشيخ عثمان وقضى جزءاً من عصرية ذلك اليوم مع المرشد مع مرافقيه في جلسة مقيل واقترح على المرشد أن يرافقه إلى شقرة.
رافق المرشد السلطان عبدالله بن عثمان الفضلي مع عدد من أفراد أسرته في زيارة لبريطانيا وفرنسا والنمسا ويوغسلافيا واليونان وتركيا، وكانت بيروت والقاهرة وأسمرا آخر محطات الرحلة.

المرشد في شركة B.p
انكب المرشد على التدريب يوميا على الضرب على الآلة الكاتبة، وذلك لأن هناك وظيفة في شركة مصافي الزيت البريطانية  B.p ويشترط في المتقدم إجادته على الضرب عليها، وحصل على دورتين تدريبيتين أفادته على الالتحاق بشركة شل النفطية وعمل فيها حتى استقلال الجنوب في نوفمبر 1967م.

مشوار الفن أوله مع الوالد عبدالعزيز حمود
كان المرشد يرافق الوالد عبدالعزيز حمود (والد الملحن فيصل حمود) إلى المحافل عازفا على الإيقاع واقترح عليه جاره إدريس حنبلة الانضمام إلى ندوة الموسيقى العدنية ورجلها الأول خليل محمد خليل، رائد الأغنية العدنية، وكان المرشد يتردد على «الندوة» وعلى نادي الشباب الثقافي في الشيخ عثمان، واقترح الأصدقاء في النادي على اقتحام مجال التلحين وأعطاه محمد سعيد جرادة قصيدة «وقفة» وأبدع فيها المرشد ثم قدم له جرادة بعد ذلك قصيدتين هما: «هجرت وأبعدتني»، و«شبابك ندي ريان».

المرشد في خدمة «الرابطة»
ارتبط المرشد بالعمل الوطني وكان محيطه وطنياً، حيث تفاعل مع دعوة رابطة أبناء الجنوبSouth Arabian League التي برزت عام 1951م والتي ضمت قطاعا واسعا من المثقفين، وبادر بتلحين «نشيد الرابطة» وتوطدت علاقة المرشد برموز العمل الوطني والاجتماعي وفي مقدمتهم السيد محمد علي الجفري، وأفاد الكاتب والقاص المعروف أحمد محفوظ عمر في «الجمهورية الثقافية» في عددها الصادر يوم 6 ديسمبر 2001م: «إن للفنان المرشد دورا مهما ومؤثرا في حياة الجماهير وأنه يمكن أن يكون الفن الشرارة التي تشعل اللهب المدمر فاستيقظنا في خبرنا الداكن على أغانيه الوطنية اللاهبة».

المرشد في دائرة الضوء
تفرد المرشد بين الفنانين أنه كتب كل شيء عن حياته وفنه وهو على قيد الحياة، ومنها:
1 - صفحات من الذكريات       183 صفحة
2 - أغنيات وحكايات             256 صفحة
3 - الغناء اليمني القديم ومشاهيره      200 صفحة
نسج المرشد أوسع دائرة علاقات اجتماعية وفنية فأسس مجلساً ثقافيا اجتماعيا في بيته وتردد على كل المجالس في كل منتديات (مبارز) عدن: كريتر/ التواهي/ المعلا/ الشيخ عثمان/ البريقة/ المنصورة.
دخل دائرة الضوء برلمانيا وكان عضوا في مجلس الشعب الأعلى في الجنوب، ومجلس النواب في ظل دولة الوحدة، وترأس لجانا وتبنى عشرات وعشرات القضايا أمام جهات الاختصاص وحل الكثير منها أو كلها.

من أغاني المرشد:
وقفة، لا وين أنا لا وين، شبابك ندي ريان، سألتني، البدوية، نظرة، أهلا بمن داس العزول، غنوا معي غنوا، صلاة قلب، خلاني وراح، يا دموعي، ذا كان زمان يا صاح، لا تخجلي، أخضر جهيش، يا ريت ما كنا، عز ساكني صنعاء، لقاء، ودعت حبك، يا نجم يا سامر، على ذكراها، ذات الخال، يا غارة الله، مع السلامة،  مشى مصدق، يا شركسي، يا كذا والا كذا؟، عرفت الحب، أهلا بمن سلم، أهواك، قطفت لك، ضناني الشوق، شي لله،
يا عاشقين، على امسيري، بروحي وقلبي، بامعك، شابوك أنا وامرفاق، ظبي بن شمسان.

وفاته
انتقل الرجل الكبير محمد مرشد ناجي إلى جوار ربه يوم 7 فبراير، 2013م عن 84 عاما وترك وراءه ثروة لا تنضب من التراث الموسيقي وأعمال البر ودائرة حب واسعة جداً، وخلف عشرة أبناء نصفهم من الذكور والنصف الآخر من الإناث:
1 - علي 2 - مسواط 3 - هاشم 4 - خالد 5- نشوان 6 - مها 7 - سهى 8 - سعاد 9 - سهير
 
2 - فيصل سعد علوي

التراث عبدلي والعظمة عبدلية
سجل التاريخ بأن كل شيء جميل في لحج كان في ظل السلطنة العبدلية الخالدة والعطرة الذكر، فمن شواهد العظمة كان العام 1940م عندما مثل المبدع الكبير مسرور مبروك مسرحية «عطيل» Otello  لويلم شكسبير على مسرح العروبة.

سلطنة لحج صانعة الدستور اللحجي والنظام المتكامل للري والذي كان موضوع أطروحة عبدالله محمد علي مهدي وبموجبها حصل على الدكتوراه في القانون من بريطانيا في خمسينات القرن الماضي.

سلطنة لحج هي صانعة الندوة الموسيقية، ومن رموزها: فضل محمد اللحجي (الشهيد) والأمير محسن أحمد مهدي وأحمد يوسف الزبيدي وصالح يوسف الزبيدي وحسن عطا وأحمد صالح عيسى ومحمد سعد الصنعاني ومهدي علي حمدون وصالح نصيب ومهدي درويش وأحمد سعيد الحاج والأمير محسن صالح مهدي وصالح فقيه (صاحب أغنية قال أبو زيد).

الميلاد والنشأة
فيصل سعد علوي من مواليد الشقعة في الفاتح من يناير 1949م وكان والده سعد علوي فناناً، فيما كان جده فقيها وإمام مسجد، أي أن الأسرة ارتبطت برخامة الصوت وعذوبته.
تلقى فيصل علوي تعليمه في المدرسة المحسنية في الحوطة التي احتضنت كل عمالقة لحج الذين دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه.

تأثر فيصل علوي بأمير الفن أحمد فضل القمندان ومن بعده تأثر بفضل محمد اللحجي الذي علمه أصول الفن والموسيقى، إلا أن التجربة أثبتت أن فيصل علوي كان موهوبا ومفطورا على حب الموسيقى والفن، وإلا لما كان نصيبه من الألقاب ثلاثة: 1 - ملك العود 2 - رائد الأغنية اللحجية 3 - مطرب النورس.
 
عوامل ساعدت على احتراف فيصل للفن
ارتبط فيصل علوي طولاً وعرضاً وعمقاً بساحة الفن وجمهور الفن، فالرجل كان يمتلك طاقة صوتية وطاقة حركية ومخزونا كبيرا من الأغنيات والموشحات وقدرة لا تجارى في العزف على العود المصحوب بالرقصة، وكنت تراه يعزف على العود وهو يرقص على العود وكأن الرجل مجبولاً على الابتسامة ولا يمكن له العزف إلا بها.

كان فيصل علوي حركياً بدرجة لا ينافسه عليها أحد فكنت تراه يوماً في الشقعة وأخرى في المحلة وثالثة في الوهط ورابعة في الحمراء وخامسة في صنعاء وسادسة في عدن وسابعة في الفيوش وثامنة في فقم وتاسعة في زنجبار وعاشرة في المكلا وحادية عشرة في أبو ظبي وثانية عشرة في الكويت وثالثة عشرة في بيت عياض.

كان فيصل علوي متواضعاً ومحباً للناس وله قدرة عجيبة في جمع المال وتبديديه، أي أنه كان فنانا في جمع المال وتبديديه في آن، كان رحمه الله كريماً وصاحب صوت صداح يملأ الآذن والروح في آن.

فيصل علوي في شهادات الآخرين
حظي الفنان الكبير بشهادات قامات أمثال الدكتور محمد الرميحي الذي وصفه بأنه صاحب إمكانات كبيرة يفتقد وجود رجل ينظم ويدير له أعماله وعلاقاته مع الآخرين.
الراحل الكبير محمد مرشد ناجي شهد بأن فيصل علوي احتل مكانة كبيرة على المستويين المحلي والعربي.

الفنان أحمد بن غودل، عميد معهد جميل غانم للفنون بعدن، شهد بأن فيصل علوي من كبار الفنانين الشعبيين الذين أسسوا مدرسة للفن والغناء الشعبي، ومن الفنانين الذين نقشوا تراث المرحوم القمندان ونشروه على مستوى الخليجي والوطن العربي.

شعراء تعاون معهم فيصل وأشخاص تأثر بهم
تعاون الفارس فيصل علوي مع عدد من الشعراء، وفي صدارتهم الأمير والأديب أحمد فضل القمندان (المتوفى عام 1943م).
والشاعر عبدالله هادي سبيت وصالح نصيب وصالح فقيه وعلي سالم الحجيري وأحمد باجهل وعبدالله سالم باجهل.

أما الذين تأثر بهم وأصبحوا مسكونين فيه منهم: محمد جمعة خان وأحمد فضل القمنادن وفضل محمد اللحجي.

قصة فيصل مع العود
ساحت موهبة وإبداع فيصل في ساحة الفن وتعامل مع آلة العود بحرفية لافتة للنظر، وقال، رحمه الله، بعظمة لسانه: طورت العود الذي أعزف عليه إلى 14 وترا ثم إلى 16 وترا وإلى 18 وترا. أهل الخبرة والمعرفة بالعود يصفونه بأنه أبرز من يتعامل مع العود ويصفون أسلوب عزفه بالفيصلي، وأصبح مرغوباً فيه ولا ينازعه في ذلك أحد في المخادر، ولا تخلو المخدرة إذا صدح صوت فيصل علوي ولعلع عودة ويتجلى ذلك في الشرح الجماعي لرواد المخادر على عزف وصوت فيصل علوي.

المشوار الفني لفيصل علوي
كانت باكورة أعمال فيصل علوي أغنية (باسالك بالحب يا فاتن جميل) من ألحان صالح ناصر كرد وكلمات أحمد عبادي حسين وسجلها لإذاعة عدن عام 1958 (بعد أربعة أعوام من افتتاحها) والتحق بفرقة ندوة الجنوب بقيادة الطود فضل محمد اللحجي، حيث تأثر فيصل بصوت وعزف فضل، وحظي فيصل بتشجيع فضل له، وانضم فيصل إلى فرقة تبن الفنية خلال الفترة 1964/ 1966م، وبعد استشهاد الفنان فضل محمد اللحجي على أيدي حاقدين في 2 فبراير 1967م، أسس فيصل مع فضل ميزر فرقة موسيقية وبدأ انطلاقته الفنية في بواكير السبعينات، وسافر إلى دول الخليج وأقام هناك العديد من الحفلات في السعودية والكويت.
 
من روائع فيصل علوي:
1 - يعيبوا على الناس والعيب فيهم 2 - غلط يا ناس تصحوني وانا نايم 3 - عرفت الناس إلا أنت مكاني أجهلك 4 - أنا مجروح..
ومن أغاني التراث التي غناها وجدد بعضا، منها:
5 - زمان والله زمان 6 - لا وين أنا لا وين 7 - سرى الليل 8 - بانجناه 9 - قضيت العمر 10 - تذكرته 11 - سامحني وانا باتوب..
كما غنى فيصل باحتراف الأغاني التراثية الصنعانية، ومنها:
12 - وامكحل 13 - السعيد الذي 14 - يا ساري البرق 15 - وامغرد بوادي الدور 16 - من أجل طرفك 17 - رضاك خير من الدنيا 18 - غني على نايف 19 - صادت فؤادي 20 - امسيت سهران
القائمة طويلة جداً ومتاحة للقارئ..

رحيل الفارس فيصل علوي
رحل فناننا الكبير فيصل علوي يوم 7 فبراير 2010م عن 61 عاماً متأثراً بمرض السرطان بعد مشوار فني كفاحي امتد خلال الفترة 1958/ 2010م (52 عاماً)، وخلف وراءه أوسع دائرة اجتماعية داخل البلاد وخارجها
خلف الفارس فيصل علوي خمسة أبناء: 1 - باسل 2 - علوي 3 - فهيم 4 - فارض 5 - عنود (ابنته الوحيدة).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى