أحور.. موقع فريد وتاريخ مجيد

> إعداد/ حمدي العمودي

> تقع مديرية «أحور» جنوب شرق محافظة أبين.. وهي منطقة مفعمة بالجمال، زاخرة بالخيرات، جذورها ضاربة في التاريخ، ومشهود لها بالريادة في العلم والثقافة والتنوير.
جاء في المعاجم (حور: الحور شدة بياض لون العين في شدة سوادها وهي صفة جمال وحسن تطلق على الظباء وتستعار للإنسان عند التعبير عن جماله وحسنه).
وليس الجمال ببعيد عن أحور، فهي تتكئ على جبالها الشُم، وتصافحها مياه البحر العربي، وهي تشدو نغماً جميلاً تعزفه أمواجه إليها.
درةٌ وما بين الجبل والبحر سهل وأودية خضراء تنشر البهجة في نفوس من يراها وترسم لوحة رائعة الجمال في مشهد خلاب بديع.


أحور موقع إستراتيجي هام
أحور هي إحدى مديريات محافظة أبين وتمتاز بموقع إستراتيجي هام؛ حيث تتوسط كلاً من، العاصمة الاقتصادية والتجارية لليمن والمنطقة الحرة عدن من جهة، والمناطق النفطية (شبوة وحضرموت) من جهة أخرى، ويربطها بهاتين المنطقتين طريق دولي إسفلتي يربط الجمهورية اليمنية بدول الخليج العربي.
ومدينة أحور هي عاصمة المديرية ومركزها الإداري وتبعد عن زنجبار عاصمة المحافظة بحوالي مائة وسبعين كيلو متراً وتبعد عن مدينة عدن بمسافة مائتين وأربعين كيلو مترا.

موقع أحور الجغرافي
تقع مديرية أحور في الجزء الجنوبي الشرقي من محافظة أبين، ويحدها من الشمال مديرية المحفد، ومن الجنوب البحر العربي، ومن الشرق مديرية رضوم بمحافظة شبوة، ومن الغرب مديرية خنفر وأجزاء من مديرية الوضيع.
وتبلغ مساحة المديرية (4384) كيلو متراً مربعاً منها (1198) كيلو متراً مربعاً.

ومساحة الأرض الصالحة للزراعة ونسبتها 27.4 % من مساحة المديرية.
 وهناك (3066) كيلو مترا ومناطق هامشية ومرتفعات صلبة، وهذه تساوي 70 % من مساحة المديرية.
موقع أحور الجغرافي
موقع أحور الجغرافي

120 كيلو مترا مربعاً مناطق حفرية وشواطئ وتمثل 2.6 % من مساحة المديرية.
ولمديرية أحور شريط ساحلي يطل على البحر العربي، ويبلغ طوله 100 كيلو متر، ويوجد به عدد من الخُلجان والرؤوس الصخرية والمرافئ الطبيعية.

أحور في التاريخ  
تقع مديرية أحور في الجزء الجنوبي من بلاد اليمن، والتي شهدت في عمق التاريخ حضارة زاخرة.
وقد ذُكرت مديرية أحور في نقش عبدان الكبير، وفيه إشارة إلى (اليزنيين) لقنا عام 355م  لدى مرورهم في رحلة صيد إلى جبال حجر و السوط وجردان وأرض ضيقتن.
وفي ترجمة نقش عبدان: «واصطادوا على ظهور خيولهم بقراً وحمُراً وحشية، في كل من منطقة الشيطان ودثينة وأحور».
حيث أشار الحسن بن أحمد الهمداني عند حديثه عن قصور اليمن، والتي وصفها بقصور (مجهلة)، أي في العهد الجاهلي، أشار إلى قصر من تلك القصور، وهو قصر أحور، ونسبه لليزنيين، وقد ورد ذكر ذلك القصر في القصيدة المنسوبة للمراني الهمداني حيث ذكر فيها قصر أحور ضمن عدد من القصور اليمنية:

وقصر بينون علاَّه وشيده
   ذو الفخر عمرو وسوَّى قصر غمدانا
وقصر أحور اس القيل ذو يزن
              وقصر فائش في أرباب قد كانا

وفي الجزء العاشر من الإكليل يتحدث الشاعر، علقمة بن ذي جدن، عن قصور اليمن القديمة ويشير إلى منازل، سيف بن ذي يزن، المسلوبة عنه في مديرية أحور بقوله:

وسلبن همدان غرفة تلقم
                وسلبن ذا يزن منازل أحور.

وهناك العديد من المواقع الأثرية القديمة في أحور ومنها ما يعرف بـ (غنم الكفار)، وقد ذكر في كتاب حضرموت، المصور الذي اعتنى به الباحثان الألمانيان (د.فاندو مولن، ود.فون وايزمان) وقالا: «إنه يبين سلطة الممالك القديمة وأهميتها».
وهذا الموقع عبارة عن أنصاب حجرية تشمل خطوطاً من الحجارة المسطحة والتي رُتبت في اتجاهات متعددة وتنطلق هذه الخطوط غالباً من مواقع دائرية مغطاة بكومة من الألواح الصخرية الملساء.

وتدل لفظة «الكفار» على كل من لا يتبعون الإسلام، وهذا يشير إلى أن هذه الخطوط الأثرية من عمل سكان الجنوب القدامى قبل الإسلام.

مخلاف أحور
قال الهمداني في كتابه (صفة جزيرة العرب): «وأحور وادٍ واحد فيه قرى منها، الجثوة، وهي للشعاثم من بني عبدالله، ومنهم يحيى بن جرب، ومنهم أبو يزيد بن عبدالعزيز، الذي أجمعت مذحج على رئاسته وسار بها إلى أبين والسرو».
ومخلاف أحور على ما ذكره الهمداني، يشير إلى اتساع عظيم كان عليه، فقد جعل جميع القرى التي على الساحل بين مديرية أحور وحجر كلها من مخلاف أحور.

وقد شهدت المنطقة تقلبات سياسية متعددة، ففي عهد الدولة الرسولية من عام 630هـ إلى عام 858هـ كانت تعرف في السجلات الرسمية ببلاد الجحافل، ثم أصبحت تابعة للدولة الطاهرية من عام 858 إلى عام 945هـ.
ثم خضعت للدولة الكثيرية إبان حكم السلطان بدر بن طويرق، وعقب حكم الدولة الكثيرية لها وقعت تحت حكم الدولة الزيدية ثم استمر عهد الزيدية في أحور حتى عهد السلاطين العوالق (بني معن)، والذي استمر حتى جلاء الاستعمار البريطاني عن جنوب اليمن، حيث ضمت أحور إلى مناطق المديرية الجنوبية التابعة لمديرية خنفر بمحافظة أبين.. وفي التقسيم الإداري لدولة الوحدة (الجمهورية اليمنية) اعتبرت أحور مديرية مستقلة تابعة لمحافظة أبين.

 وبالعودة إلى تاريخ أحور يقول الداعية الحبيب أبوبكر العدني ابن علي المشهور، في كتابه (الطرف الأحور في تاريخ مخلاف أحور): «وفي وادي أحور والمحفد (العوالق السفلى) نجد عدداً هاماً من المواضيع القديمة يدل ما فيها على حضارة زاهرة في العصور التي سبقت المسيحية والإسلام».
ولابد من الإشارة هنا إلى أن مدينة أحور كانت عاصمة لدولة سلطنة العوالق السفلى، وقد ازدهرت فيها مجالات عدة اقتصادية وعلمية وثقافية ورياضية جعلتها متميزة بين سلطنات الجنوب العربي حينها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى