لماذا تصر تركيا على الانفراد بإدارة المنطقة الآمنة في سوريا؟

> مرة بعد أخرى، يطلق الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تصريحات تؤكد أن المنطقة الآمنة شمالي سوريا، ستكون حصرا تحت سيطرة تركيا، رافضا ضمنيا مقترحات وجود قوات دولية أو غربية فيها، للفصل بين القوات الكردية والتركية.
ويرى مراقبون أن الإصرار التركي على هيمنة أنقرة على المنطقة الآمنة في الشمال السوري، يأتي تحقيقا لأجندة ضم عملي لمناطق في شمال سوريا، مشيرين إلى أن تركيا لا تستطيع بمفردها السيطرة على هذه المنطقة دون توافق دولي، لا يبدو قريبا.

وجاءت أحدث تصريحات أردوغان بشأن المنطقة الآمنة في سوريا، السبت، عندما قال لشبكة "سي. أن. أن ترك": "إن كان لابد من إقامة منطقة آمنة على حدودنا (مع سوريا)، إذا ينبغي أن تكون تحت سيطرتنا لأنها حدودنا".
وبرزت مسألة المنطقة الآمنة في سوريا بشكل كبير خلال يناير الماضي، عندما اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن تكون بعمق 32 كيلومترا، دون أن يوضح حينها من سيتولى الإشراف على المنطقة الآمنة شمالي سوريا.

وجاء اقتراح ترامب بعدما أعلن قراره المفاجئ بشأن الانسحاب الأميركي من سوريا، مما شكّل صدمة إلى قوات سوريا الديمقراطية، المؤلفة من غالبية كردية. واعتبرت هذه القوات قرار ترامب "طعنة في الظهر".
وتحدثت تقارير إعلامية عن أن إدارة ترامب طلبت من حلفائها الغربيين المساعدة في إنشاء المنطقة الآمنة، للحيلولة دون صدام تركي كردي، ولضمان عدم عودة داعش. وقال دبلوماسيون إن هناك مفاوضات بين الأوروبيين وواشنطن بشأن المنطقة.

وتعني المنطقة "العازلة" إقامة منطقة محددة تفصل بين طرفي نزاع تسيطر عليها قوة دولية، ويمكن أن تتصل بفرض حظر جوي، أما "المنطقة الآمنة" فلا تهدف عادة إلى الفصل بين أطراف النزاع، لكنها تهدف إلى توفير ملاذ آمن للمدنيين الفارين من أتون الحرب، لكن في الحالة السورية التي يجري الحديث عنها، فإنها تجمع بين الاثنين.
وعبّر أكراد سوريا عن رفضهم القاطع لإقامة منطقة آمنة تحت سيطرة تركيا، التي تتربص من أجل شن عملية عسكرية ضد الجماعات الكردية بالشمال السوري، التي تعمل مع التحالف الدولي لمحاربة داعش، ضمن قوات سوريا الديمقراطية.

أجندة أردوغان والحزب
ويقول الخبير في الشؤون التركية، خورشيد دلي، في حديث إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، إن لدى أنقرة أجندة في الشمال السوري، فأيديولوجية أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا تعتبر المناطق الموجودة في الشمال السوري "جزءا من الأراضي التي اقتطعت من تركيا إثر معاهدة لوزان، بعد الحرب العالمية الأولى".

وأشار دلي إلى أن أنقرة تعتبر المنطقة الآمنة في سوريا، "مدخلا لتحقيق هذه الأجندة"، لذلك فهي ترفض وجود القوات الدولية، التي سيحطم وجودها الأجندة التركية عبر الاعتراف بالقوى المحلية الموجودة هناك.
واعتبر أن هناك رفضا دوليا لمخطط السيطرة التركية على المنطقة الآمنة في سوريا، قائلا إن القرار الأميركي بالإبقاء على 400 جندي في سوريا، هو بمثابة "رد غير مباشر" على الخطط التركية، كما أن روسيا تحدثت عن نشر قوات لها هناك، مما يوسع دائرة الرفض الدولية للمساعي التركية.

ويرى الباحث السياسي، ماجد كيالي في مقابلة مع "سكاي نيوز عربية"، أن تركيا تطرح منذ عامين أو ثلاثة إنشاء مناطق آمنة في سوريا، باعتبارها محاولة لدرء المخاطر التي تهدد أمنها القومي.
وقال إن أنقرة تشير إلى وجود وحدات حماية الشعب الكردية (العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية) قرب الحدود، التي تعتبرها امتدادا لحزب العمال الكردستاني العامل داخل تركيا، وتصنفه الأخيرة منظمة إرهابية.

ورأى كيالي أن تركيا غير قادرة على فرض سيطرتها على المنطقة الآمنة، إلا بتوافق دولي، كما تم في مناطق أخرى في سوريا، واستبعد اندلاع نزاع عسكري بين الأكراد وتركيا.
كما اعتبر أن الاقتراح بوجود قوات دولية أو غربية في الشمال السوري، "مخرجا للحفاظ على العلاقة بين واشنطن مع الأكراد والأتراك على حد سواء"، مضيفا أن وجود مساحة آمنة قد يمنع حدوث صدام مسلح بين الطرفين.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى