تعز.. تقييد حرية الرأي والتعبير يدق ناقوس الخطر

> تقرير / عابدالرحمن راجح

> تعز المعروفة ببسالة أبنائها واعتزازهم بمدينتهم الحالمة بالسلام والأمن والتنمية تعاني اليوم ويلات الصراع السياسي والطائفي وتعاني من حصار واشتباكات بين مليشيا الحوثي من جهة  والجيش والمقاومة من جهة أخرى منذ اندلاع المواجهات مطلع 2015 ولا زال إلى اليوم سيد الموقف.
التنوع الديمغرافي لأبناء تعز يجعلهم ناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي ويكثر فيه العراك في مواقف متذبذبة لا تكاد تحصر بين مؤيدين ومعارضين  فضلاً عن غالبية الشريحة الصامتة.

في الآونة الأخيرة شهدت تعز تغيرات سياسية وعسكرية شملت المحافظ وقيادة المحور مما أوجد موجة جدل واسعة لدى الكثير، معتبرين أن القرارات تصب لمصلحة فئة قادرة على التأثير في صب القرارات الرئاسية لصالحها فشهدت الساحة التعزية هجمات وعواصف في مواقع التواصل الاجتماعي متهمين جهة ما محاولتها الهيمنة على مرافق ومؤسسات الدولة ومحاولة إخضاع الجميع لذلك، وهذا ما يرفضه وينكره الآخر مما تسبب بشرخ كبير في المدينة بين النشطاء والمسؤولين على إثرها تم احتجاز الصحفي الصامت في مقر البحث الجنائي.

 وأوضحت مصادر مطلعة أن جهاز البحث الجنائي احتجز الصحفي «جميل الصامت» إثر محاولته الهروب من مدينة تعز، بعد رفع دعوى ضده من قبل «وحدة الشؤون القانونية» في محور تعز العسكري بتهمة الإساءة إلى الجيش.
بينما رأى آخرون بأن هذه الخطوة جاءت عقب ضغوط كبيرة تعرض لها الجيش الوطني من قِبل الشارع بمحافظة تعز لاتخاذ إجراءات قانونية بحق المسيئين للجيش والأجهزة الأمنية ومحاسبتهم.

وهذا استدعى نقابة الصحفيين اليمنيين فرع تعز بإصدار بيان صحفي يدين اعتقال الصامت  بتهمة قضايا نشر.
وطالبت النقابة قيادة المحافظة والجهات المختصة بتعز بسرعة إطلاق سراح الصامت الذي تم اعتقاله من فراش المرض، والذي يعاني من حمى الضنك القاتلة.

وجدي السالمي
وجدي السالمي
وفي بلاغ قدمه الصحفي وجدي السالمي مراسل موقع «العربي الجديد» لنقابة الصحفيين ونقابة المحامين قال فيه إنه في يوم الثلاثاء 19 فبراير 2019 تلقيت اتصالاً عبر الهاتف من ضابط في البحث طلب مني الحضور للتحقيق، وقال المتصل إن البحث الجنائي قد تلقى توجيها من النيابة (لم يحدد هذه النيابة) لتحقيق معي، وذكر أن التهمة هي الإساءة للجيش الوطني، وأضاف أن إذا ما تبادر بالحضور سيتم تحرير أمر قبض قهري ضدك.

 وأضاف السالمي: «في يوم الإثنين 18 فبراير 2019 تم إيقافي لمدة ساعتين بمعية المصور مرزوق الجابري والزميل الصحفي جمال الأسمر لدى الكتيبة الثالثة في اللواء 145 التابع للشرعية، وذلك بعد تصويرينا برفقة جندي من الكتيبة مقابلة صحفية مع أسرة طفل مات بالكوليرا، وتم الإفراج عنا بعد اتصالنا بقائد المحور اللواء سمير الحاج الصبري، الذي قال عبر الهاتف إننا لم نحصل على ترخيص من المحور للتصوير.. ولا أعلم من متى يأخذ الصحفي إذناً من المحور لتصوير قصة إنسانية؟».

وواصل السالمي حديثه: «في 5 فبراير 2019 كنت في زيارة للجنة الطبية بخصوص متابعة ملفات جرحى تم حرمانهم من السفر للعلاج رغم أن وثائقهم تؤكد حاجتهم الطبية للعلاج خارج اليمن، لكن تم إحالتي إلى ضابط الاستخبارات العسكرية، عمر الراسمي، الذي طلب وثائق هويتي الصحفية، وأفاد أن هناك بلاعاً ضدي بأنني لست صحفياً، قبل أن يعتذر بشدة ويتفهم مشكلة الجرحى الذين لم يتم حل قضيتهم لليوم، وفي 19 يوليو 2017 تعرضت لإطلاق نار من قِبل جندي تابع للقوات الحكومية، في مدينة تعز، بالحي الذي أسكنه وكاد الحادث أن يودي بحياتي، وتقدمت بشكوى وأحضرت الشهود إلى الشرطة العسكرية وتم إجهاض القضية، وفي الشهر نفسه تمت مداهمة منزلي من قِبل ملثمين تابعين لقسم شرطة الدحي بتهمة أنني أعمل مع الحوثي وعفاش، واعتذر مدير القسم رسمياً وحضر إلى منزلي للاعتذار، فقررت عدم إثارة القضية».

 من جهتها، أصدرت نقابة الصحفيين بياناً آخر بتاريخ 20 فبراير 2019 تدين ما يتعرض له الصحفيون في تعز وتطالب الحكومة بإيقاف هذا التوجه المعادي والمقيد للحريات..
وعبرت النقابة عن قلقها الشديد لتزايد مضايقة الصحفيين والناشطين في تعز على خلفية قضايا نشر وبشكل تعسفي ومعادٍ لحرية الرأي والتعبير مع عدد من الناشطين. ودعت النقابة السلطات في تعز والحكومة للتحقيق في هذه الجرائم وإيقاف توجه تكميم الأفواه والزج بالصحفيين في الصراعات السياسية.
تكليف حضور
تكليف حضور

 وفي سياق متصل، حققت هيئة مستشفى الثورة بتكليف من النيابة مع الناشط ياسر مارش بواقعة نشر حول إهمال مستشفى الثورة للجرحى وانتقاد إدارته على موقع فيسبوك.. ورد ساخراً في صفحته في الفيس «يد ما تسرق ما تخاف»، وأضاف: «لو كانت السلطات القضائية متفاعلة مع ما ينشره الصحفيين والنشطاء من قضايا الفساد مثل تفاعلها مع اعتقال الصحفيين»..
كما استدعى البحث الجنائي الكاتب عبدالله فرحان وتم التحقيق معه، وبعد الانتهاء من التحقيق تم رفع التقرير جاء فيه في الفقرة رقم 4 «اتضح لنا أن السبب الرئيس لقيام المشكو به عبدالله فرحان بنشر منشوراته في صفحة حسابه بمواقع التواصل، هو الحرص الوطني لليمن بشكل عام ولمحافظة تعز بشكل خاص، ودعماً لتحقيق النموذج المؤسسي الأفضل».. جاء ذلك في منشور مرفق بصور للتقرير في صفحته على الفيسبوك.
أمر قهري
أمر قهري

في ذات السياق، رُفع بلاغ للنيابة العامة والأجهزة الأمنية في تعز من قِبل الإدارة العامة للإعلام بديوان عام محافظة تعز يحوي في طياته إقدام مسلحين على اقتحام المكتب والاعتداء على الموظفين ونهب أجهزة كمبيوترات محمولة وجوالات خاصة بالإدارة أثناء الدوام الرسمي.

استياء ورود أفعال واسعة
 عبرت منظمة هود للحقوق والحريات فريق تعز والمركز القانوني اليمني بقلق بالغ عما يتعرض له هامش حرية الرأي والتعبير من تضييق وما يواجهه المدافعون عن حقوق الإنسان من النشطاء والإعلاميين من ملاحقات من قِبل السلطات الحكومية في مدينة تعز بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأدان مرصد الحريات الإعلامية في اليمن ما يتعرض له الصحفي وجدي السالمي من استدعاء للبحث الجنائي للتحقيق معه بشأن شكوى من قيادة محور تعز العسكري على خلفية قضايا نشر.

واعتبر المرصد الممارسات التعسفية التي يتعرض لها الصحفيون والتي زادت في الآونة الأخيرة بمدينة تعز مؤشراً خطيراً ضد حرية الصحافة، حيث سجل المرصد خلال الأيام الماضية 5 انتهاكات بمدينة تعز مارستها جهات تتبع الجيش ضد الصحفي جميل الصامت ومرزوق الجابري وجمال الأسمر والناشط عبدالله فرحان والصحفي وجدي السالمي بسبب قضايا نشر.
واستنكر الصحفي توفيق آغا بقوله إن ما يجري من استدعاء للصحفيين من قِبل البحث الجنائي في قضايا النشر في تعز يأتي من توجه قمعي متجاهل لقانون الصحافة وما يكفله الدستور بحقوق الصحافي في نشر قضايا الفساد والاختلالات الإدارية والمالية وبهذا التجاهل الديمقراطي والتعددية السياسية وحرية الصحافة باتجاه مغاير لمسلك التقويم وقبول النقد البناء، وهذا الاتجاه يمارس في تعز في قمع الصحفيين بتعز في ظل غياب الدولة وهيمنة قوى الفساد على الهيئات والمؤسسات والسلطات، وفي ظل هذا الواقع المرير أفسد المفسدون حتى بالحرية وعين الحقيقة، فكلما وجدوا إشارة بين السطور كانت على صفحات التواصل الاجتماعي أو غيرها من المواقع الأخبارية أو الصحافة تشير إلى مفسدة أو فاسد يعبث بالمال العام ويأكل حقوق الناس من خلال هذه الممارسات التي يمارسونها في تفويض أنفسهم ونيابة عن شرعية المؤسسات في ظل غياب دور جهاز الرقابة والمحاسبة والمساءلة القانونية وحوزتها كملكية خاصة كلما تعرض الصحافي أو السلطة الرابعة في تعز للاعتقال والمضايقات والممارسات التعسفية.

وعلق المحامي والناشط الحقوقي شادي الصديق أن الأعمال التي تتم بملاحقة الصحفيين والنشطاء واحتجازهم في أقبية السجون تصرف غير سديد ويعتبر مخالفاً لنصوص الدستور وأحكام القانون الذي كفل حرية الرأي والتعبير، وما ينفذه القائمون على إدارة البحث الجنائي يعتبر قمعاً للحريات، ويستوجب المساءلة وتقديم الفاعلين للمحاكمة بتهمة احتجاز حرية دون حق، ونناشد وكيل نيابة البحث ورئيس النيابة للانتصار للقانون والعدالة.

رد الجهات الرسمية
رد المتحدث باسم محور تعز، العقيد عبدالباسط البحر، حول الانتهاكات بحق الصحفيين والناشطين الإعلاميين قائلاً: «هذا كذب محض، ولا يوجد أي اعتقالات بالمطلق ورغم كل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد عموماً وتعز خصوصاً وحالة الطوارئ والحرب وتماهي البعض مع أجندات معادية تصب في صالح العدو، إلا أنه لم تتخذ الإجراءات التي تتم في الحالات الطبيعية.. وبالنسبة للمؤسسة القضائية فهي مؤسسة سيادية مستقلة لا سلطان يعلو عليها، فهي تسير وفق إجراءات قانونية تسري على جميع الأشخاص العاديين أو الاعتباريين، وبما يحفظ الحقوق والكرامة والعرض والأموال والأنفس».
مذكرة الإفراج عن الصامت
مذكرة الإفراج عن الصامت

وأضاف أن «التقدم ببلاغ للنيابة أو لجهات الاختصاص عن أي تهمة دون أدلة أو إثباتات حق مكفول لكل مظلوم أكانا عسكريا أو مدنيا، ولا علاقة لهذا بأي اعتقال أو قضايا الحقوق والحريات والرأي والرأي الآخر، ولابد حتى تتهم أن تبذل جهداً في جميع الملفات على المتهمين، أو تتحمل العواقب والنتائج عن الضرر الشخصي والعام الذي يلحق بهم، وإلقاء التهم جزافاً وتحطيم الأشخاص وتدمير سمعتهم واغتيالهم معنوياً ليس بالأمر الهين الذي يجب أن يمر مرور الكرام.. ومن حقك أن تتحدث عني ومن حقي أن أشتكيك للجهات المختصة ولا نستطيع منع أحد أن يلجأ إلى القضاء، وهو حق مكفول مثل حرية الرأي في حين إلقاء التهم جزافاً ليس حقاً».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى