سعادة «المستشار» !

> د. علي صالح الخلاقي

> في الدول المتقدمة لقب (سعادة المستشار) له مكانته واحترامه، ولا يحصل عليها إلا من يحملون الرؤية المهنية والعلمية المتميزة بغرض الاستفادة الفعلية من تجاربهم في مجال تخصصهم.
لكن ما يعتمل في بلد العجائب والغرائب، وما رأيناه منذ عهد الرئيس المقتول عفاش من غريب وعجيب التعيينات، يخالف هذا المعنى جملة وتفصيلاً، حتى أفقد كلمة (مستشار) معناها وأفرغها من مضمونها الحقيقي وجعلها مثاراً للسخرية والطرافة، حيث تكاثر في عهده جيش المستشارين الذين لا يستشارون في هيئات الدولة وسلطاتها المركزية والمحلية، حتى أصبحوا عبئاً كبيراً لا مبرر لوجوده، ورغم كثرتهم فإن ما يجمع بينهم أنهم لا خبراء ولا متخصصين في أي أمر هام، وتبعاً لذلك لا يمارسون عملا محدداً ولا مكاتب لهم ولا يلجأ إليهم أحدٌ لطلب مشورتهم، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، باستثناء قلة منهم.

ويعرف القاصي والداني أن أسلوب التعيين في هذا المنصب كان يتم لاعتبارات سياسية غالبا، أو لكسب ودّ المعينين أو لمكافأتهم على ولائهم  الشخصي أو للتخلص من بعضهم بإزاحتهم من مناصبهم المرتبطة بتخصصاتهم إلى مثل هذا المنصب الوهمي الذي لا طعم ولا لون ولا رائحة له.
بل أن المخلوع لجأ إلى استحداث وتأسيس مجلس شورى (استشاري) رديفا لمجلس النواب، وأصبح الناس يطلقون عليه تندرا (سلة المهملات)، حيث أصبحت عضويته مفتوحة لا تتوقف عند عدد محدد، وكل من فقد منصبه الوزاري أو القيادي ألقى به إلى هذه السلة، وأعتقد أنه يستحيل أن يعرف أحدٌ اليوم كم بلغ عدد أعضاء مجلس الشورى، أما مهامه فحدث ولا حرج.. ومن أطرف ما أتذكره عن مجلس الشورى أنني سمعت اللواء عبدالله علي عليوة بعد تعيينه وزيرا للدفاع مباشرة ، يقول لبعض مهنئيه حينها بطرافته المعهودة: “رئيس أركان دائم خير من وزير مؤقت في انتظار الحذف إلى سلة المهملات”، ويقصد بذلك مجلس الشورى..!!

كثيرون للأسف ممن عُيّنوا بمنصب مستشار يعرفون أنهم غير جديرين بذلك، لا من حيث تخصصهم ولا من حيث خبرتهم أو مستوياتهم الدراسية، ويعرفون فقط أنهم قد حصلوا على منصب “مستشار ..لا يُستشار”، ولو قلّبنا في تخصصات وخبرات هذه الأعداد من جيش المستشارين وعملنا جرداً بهم في كل مؤسسة أو مرفق أو محافظة ..الخ. لوجدنا أن معظمهم لا صلة لهم بمجالات مواقعهم الاستشارية..وقس على ذلك مناصب (الوكلاء) سواء في الوزارات أو المحافظات، وبعيداً عن الكفاءات أو التخصصات.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى