مستشفى رصد.. انتكاسة في الخدمات الطبية وأدوية منتهية الصلاحية

> تقرير/ فهد حنش

> قدّم مستشفى "رصد العام" بمحافظة أبين منذ تأسيسه خدمات طبية جليلة لمواطني المديرية ومديريات يافع وسرار وسبّاح وأجزاء من مناطق مديرية يهر، إلا أن هذه الخدمات تراجعت بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة لأسباب عديدة.
وعبّر الكثير من المواطنين عن عدم رضاهم لمستوى الخدمات الطبية التي يقدمها المستشفى، مطالبين السلطة المحلية، ومكتب الصحة في المديرية، وإدارة المستشفى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية ورفع مستوى الخدمات في المستشفى إلى ما كانت عليه في السابق.

«الأيام» زارت المستشفى وتنقلت بين أقسامه للاطلاع على أوضاعها والمشاكل التي تُعاني منها عن كثب، وما نتج عنها من تداعيات سلبية على مستوى الخدمات المقدمة للمواطنين.
وأوضح المندوب في قسم الأطفال سالم قاسم الزهري أن “القسم يستقبل في اليوم نحو 20 طفلاً ممّن يعانون من أمراض الحصبة والسعال الديكي والتهاب الجهاز التنفسي، في الوقت الذي لا يوجد فيه سوى 16 سريرًا، وخمسة موظفين فقط".

وأضاف: “من الصعوبات التي نواجهها أيضاً في القسم عدم توفر الكادر الوظيفي، وعدم صلاحيات الأسِرّة والفرشان، وتدني مستوى النظافة، وعدم توفر الأدوية الكافية في صيدلية المستشفى، وغياب الكادر المؤهل لتشغيل الحاضنات المخزنة لدينا في المستودعات”.

غياب الكادر
ولفتت مسؤولة قسم الطوارئ التوليدية انتصار أحمد علي إلى أنه “تم تجهيز هذا القسم من قِبل لجنة الإنقاذ الدولية بشكل حديث، يعملن فيه ثلاث قابلات موظفات رسميا، وثلاث أخرى متعاقدات مع منظمة “إنقاذ” يعملن بالمناوبة على مدار الساعة، يستقبلن في اليوم الواحد بمعدل 3 إلى 5 حالات ولادة، يتم تحويل الحالات الصعبة منهن إلى مستشفيات عدن ولبعوس”.
وأوضحت في حديثها لـ “الأيام” بأن “قسم الولادة يعاني من عدم توفر دكتورة نساء وولادة، ونقص في الكادر الوظيفي، وغياب للنظافة بصورة مستمرة بسبب وجود ثلاث منظفات متعاقدات فقط لدى المشفى، بمبلغ شهر 85000 ريال لجميعهن”.


فيما قالت مناوبة قسم النساء رشة أحمد علي: “إن القسم يستقبل القسم في اليوم نحو 50 حالة، في الوقت الذي يعاني فيه من قلة الكادر الوظيفي، وعدم صلاحية الأثاث، فضلاً عن الفرشان المهترئة وغير الصحية”.
وفي قسم العيادات الخارجية قالت د. لميس حسين عبدالله: “أنا طبيبة متطوعة أقابل في اليوم من 15 إلى 20 حالة نساء وولادة وباطني، والمشكلة التي نواجهها في هذا القسم هي عدم توفر طبيبات عموم واختصاصيات”.
وأوضح رئيس قسم المختبر وقسم السل نصر علي صالح أن “عدد الحالات التي يتم فحصها في اليوم تصل إلى 40 حالة، فيما تصل يوم السبت نحو 60 حالة”.

وقال: “قسم المختبر يعاني من عدم توفر المحاليل بصورة مستمرة وتأخرها بسبب بعد الطريق، أما أخطر الأمراض المنتشرة فهو السل، ويوجد لدينا قسم خاص بهذا المرض تم تأسسه عام 2000م وبه علاجات مجانية تقدم للمرضى، وقد تم علاج العشرات من المرضى".


وفي قسم الأشعة قال الطبيب المناوب شاكر الدلعوس: “نستقبل في اليوم من 40 إلى 50 حالة، وأبرزها إصابات العظام الناجمة عن حوادث الدرجات النارية، ويتوفر لدينا جهاز الأشعة الرقمية، ولكننا مشكلتنا في القسم تتمثل في عدم توفر الحماية الإشعاعية، وعدم توفر الصيانة لجهاز الأشعة السينية، حيث يعمل الجهاز بدون إضاءة، كما نعاني من عدم توفير الأفلام من قبل أي جهة داعمة أو من مكتب الصحة، ولهذا نقوم بشراء الأفلام من السوق”.

سوء تغذية
رئيس قسم تغذية الأطفال يسلم حنش أحمد أوضح بأن مهمة القسم تقوم على معالجة الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الوخيم (سام) والمتوسط (مام)، وقال: “لدينا معايير لقبول الأطفال للمعالجة، من سن ستة أشهر إلى خمس سنوات.. فخلال شهر يناير 2019م تم تسجيل 18 طفلا سوء تغذية وخيم، و37 طفلا سوء تغذية متوسط”.


وفي رده عن أسباب إغلاق قسم “رقود الأطفال” الذين يعانون من سوء التغذية الوخيم أجاب أحمد: “يوجد لدينا قسم الرقود لكنه غير مجهز، ولا يوجد لدينا الكادر المؤهل لتشغيليه، ولهذا يتم تحويل الأطفال اللذين يعانون من سوء التغذية “الوخيم” للرقود في قسم الأطفال، مع صرف لهم العلاجات المغذية والحليب المقدم من منظمة التغذية العالمية”.

أدوية منتهية الصلاحية
فيما أفاد مسؤول المخازن في المستشفى سام قاسم الزهر بأن “المستشفى تحصل على كميات من الأدوية إلا أن بعضها لا يحتاجها المستشفى، ولا يصرفها إلا دكاترة اختصاصيون، وهي أدوية غالية الثمن، وأما الأدوية التي يتم طلبها فلا يتم تزويد المستشفى بها”.


وأضاف في حديثه لـ “الأيام”: "يتم تزويد المستشفى في حالات كثيرة بأدوية منتهية الصلاحية أو قريبة الانتهاء، فلا يتم الانتفاع بها مع عدم الديمومة في توفير الأدوية، فيوجد لدينا في المخزن أدوية منتهية الصلاحية وبحاجة إلى إتلاف من قبل الجهات المعنية”، لافتاً إلى أن “الجهات الداعمة للمستشفى بالأدوية هي: البنك الدولي، ومنظمة اليونيسيف، ومنظمة الهجرة، ومكتب الصحة أبين”.


وفي مخازن المستشفى المكتظة بالكثير من الأجهزة والمعدات توجد كثير من الأجهزة الحديثة، والمعدات الطبية المهمة التي لا ينتفع بها المستشفى لعدم توفر الكادر المؤهل لتشغيلها، وأبرزها حاضنات الأطفال، وأجهزة الغسيل الكلوي.
وأضاف المتعاقد قاسم زيد المحرمي: “يعاني مستشفى رصد الكثير من الصعوبات والاختلالات المختلفة، والتي انعكست في تدني مستوى الخدمات الطبية فيه ممّا تسبب بضعف الخدمات المقدمة، وعبر “الأيام” نطالب السلطة المحلية، ومكتب الصحة في المديرية، ومدير المستشفى التدخل العاجل لإجراء إصلاحات جذرية في المستشفى، والقضاء على الاختلالات ومعالجة الصعوبات التي لا ينبغي السكوت عنها، وكذا توفير أطباء لمختلف الأقسام والتخصصات بما يسهم في انتشال أوضاع المستشفى، وتحسين أوضاع الخدمات الطبية التي يقدمها”.

مشكلات كثيرة
من جهته قال مدير مستشفى رصد د. عبدالحكيم مسعود: “يعد هذا المستشفى من المستشفيات العريقة في محافظة أبين، ولكنه في الفترة الأخيرة واجه كثيرا من المشاكل والمعضلات التي تعيق العمل فيه، وذلك بسبب الوضع الذي تمر به البلد، وأكبر مشكلة يواجهها هي غياب الأطباء المتخصصين، ولتجاوز هذه الإشكالية قمت قبل سنتين بإحضار أطباء أجانب من طاجيكستان في التخصصات التالية: جراحة عامة، وتخدير، ونساء وولادة عبر مكتب العمل الخاص بهم، ولكن للأسف ظلوا سنة كاملة بدون رواتب، وتاهت متابعاتهم بين مكتب العمل ووزارة الصحة العامة، فاضطروا إلى مغادرة المستشفى، وقمت بعد ذلك بالتعاقد مع اختصاصي عظام، ولكن واجهت مشاكل ونقمة كبيرة بسبب تهمة خصخصة المستشفى، فاضطرينا إلى توقيف التعاقدات مع الاختصاصيين، وحاليًا تم تعيين د. صلاح زيد جرهوم مديرًا لمكتب الصحة في المديرية ونعول عليه أمالا كبيرة، لأنه من المدراء المشهود لهم بالكفاءة والتفاني بالعمل وخدمة المجتمع، وقد عمل مؤخرًا مع مكتب الصحة في المحافظة، ووزارة الصحة العامة باستقدام اختصاصيين على حساب منظمة الصحة العالمية، وإن شاء الله تحل المشكلة.


وبالنسبة إلى قسم التغذية في المستشفى فهو من الأقسام العاملة، ونعاني فيه بعضًا من المشاكل، أبرزها عدم توفر الطبيب المختص، ونقص الوعي الصحي لدى المواطن، إذ يرفض الرقود لعدة أيام للاستمرار في تغذية الطفل، ونحاول جاهدين نشر الوعي الصحي في هذا المجال، كما تقوم بعض الجهات بتسريب الغذاء العلاجي (الرتف) للأطفال بطريقة عشوائية مما قلل من احترام المواطن لهذا الغذاء العلاجي.

أما بالنسبة لقسم الأسنان فتم التعاقد مع طبيبة أسنان على منحها 60 % من إيراد القسم، وهذا الإجراء مخالف لقانون المساهمة المجتمعية، ولكن بسبب الإقبال الكبير من قبل النساء عليها، ومطالبة كثير من المواطنين بضرورة استمرار التعاقد مع الطبيبة نظرًا لخصوصية تطبيب النساء اضطرينا إلى الاستمرار بالتعاقد مع الطبيبة حتى يأتي حل من توظيف أو غيره”.

موازنة لا تكفي
وتابع د. عبدالحكيم مسعود قائلا: “وفيما يخص إيرادات المستشفى فلدينا الإيرادات التالية: المصدر الأول مساهمة المجتمع والتي تصل شهريا من مليون ومئتي ألف إلى مليون وخمسمائة ألف ريال يتم تقسيمها حسب قانون مساهمة المجتمع على النحو الآتي: % 40  كحوافز للعمال، 10 % خارج الجدران، 8 % مصاريف إدارية، 30 % مشتروات، 2 % مكتبية، 10 % إيراد مشترك، وكان من المفترض أن النسبة الخاصة بخارج الجدران تذهب لمكتب الصحة في المديرية إلا أننا نصرفها رواتب لموظفي الاستعلامات والحسابات المتعاقدين معنا.


المصدر الثاني 200 ألف ريال، وهي موازنة تشغيلية شهرية للمستشفى من مكتب الصحة، ولا تكافي لمصروفات سيارات الإسعاف، ولهذا نعاني من انخفاض إيرادات المستشفى بسبب تعطل بعض الأقسام ومنها قسم العمليات الجراحية بسبب غياب الكادر الوظيفي المتخصص، ونحن نعمل وفق الإمكانيات المتاحة، ولدينا الاستعداد للجلوس مع أي جهة أو أي شخص للرد عن أي استفسارات، ولاطلاعهم على ما يريدون الاطلاع عليه، فنحن لا يوجد لدينا ما نتحفظ عليه، كما أننا سنعمل في الأيام القادمة بالتعاون مع مدير مكتب الصحة الجديد، والسلطة المحلية بإجراء إصلاحات جذرية في المستشفى لتحسين الخدمات الصحية وإعادتها إلى ما كانت عليه في السابق وأفضل”.


وأوضح د. مسعود بأن “المنظمات الدولية العاملة داخل المستشفى هي: منظمة “الصحة العالمية” وتقدم للمستشفى الديزل والماء والتغذية العلاجية للأطفال وحوافز لعمال التغذية، ومنظمة “الإنقاذ الدولية” وقد عملت على ترميم قسم الطوارئ التوليدية، وتقوم بصرف رواتب ثلاث قابلات، ولكنها ستتوقف هذا عن العمل الشهر، بالإضافة إلى منظمة “الهجرة الدولية” حيث عملت على صرف حوافز لثمانية عمال، قبل أن يتوقف عملها في أكتوبر 2018م”.

وأضاف: “يوجد لدينا في المستشفى أجهزة مركونة في المخازن، ومن هذه الأجهزة ثلاث حاضنات لم يتم الانتفاع بها بسبب عدم توفر طبيب متخصص بالخدج، وعدم توفر ممرضات مؤهلات للعمل على الحاضنات، وحالياً يسعى د. صلاح جرهوم، مدير مكتب الصحة، لتأهيل طبيب وممرضات لتشغيل هذه الحاضنات، أيضاً يتوفر لدينا أجهزة غسيل كلوي، ولكن لا توجد لدينا إمكانية لتشغيلها بسبب المياه الكثيرة التي تحتاجها هذه الأجهزة والمحطة الخاصة بالأجهزة، بالإضافة إلى عدم توفر الكادر المؤهل لتشغيلها.


أما فيما يتعلق بالأدوية فالمستشفى يستلم أدوية من الجهات الداعمة، ويتم إدخالها المخازن وفق سندات، وصرفها وفق سندات أيضاً، ويمكن لأي جهة الرجوع إلى الجهات الداعمة لمقارنة الأدوية المصروفة لنا مع سندات الإدخال والصرف، ولكن المشكلة التي نُعاني منها هي أن كثيرا من الأدوية التي تصرف لنا تاريخها قريب الانتهاء فيتم تصريف بعضها بوقت قياسي باستثناء الأدوية التي ليس لها مجال للصرف كالأدوية الخاصة بالدكاترة الاختصاصيين، فتركد وتتلف في المخازن.
وبالنسبة للنظافة فلدينا مقاولة بقيمة 130 ألف ريال شهريًا منها قيمة المواد وأدوات النظافة ورواتب العمال، وقد تم التعاقد مع ثلاث عاملات من تعز، وهذا العدد من العمال غير كافٍ، كما أن لدينا عددا من التعاقدات في أقسام: الأشعة، والمختبرات، والصيدلة، والحراسة، والحسابات، والنظافة”.

وشكر مسعود في ختام تصريحاته لـ “الأيام” مدير مكتب الصحة بمحافظة أبين د. جمال ناصر امذيب “على كل ما يبذل من جهود طيبة لصالح العمل، ووعده بحل الكثير من المشاكل التي يُعاني منها هذا المستشفى”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى