عدن تحتضر بين الشرعية والتفويض

> كتب/ وداد الدوح

>
مدينة عدن جنوب اليمن وهي ما كانت تعرف سابقاً بالعاصمة عدن للجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية إلى ما قبل عام 1990م وهو عام الوحدة.

هذه العاصمة التي مورس بحقها الكثير من الإقصاء والتهميش إبان الوحدة اليمنية مرورا باحتلال مليشيات الحوثي لها حتى إعلان النصر والتحرير وطرد الحوثيين منها. إلا أن ذلك لم يغير من الوضع العام شيئا، بل إن الوضع الاقتصادي والأمني فيها زاد فسادا وترديا، فما تشهده اليوم مدينة عدن من فوضى وانتهاكات وجرائم دخيلة على هذا المجتمع المتحضر تفوق ما كانت تشهده فترة احتلال مليشيات الحوثي لها، ولعله يفوق ما كانت تشهده مدينة عدن فترة حكم صالح.

أبناء عدن كسائر أبناء الجنوب الذين قاوموا الاحتلال القديم والحديث بكل ما يملكون من وعي  وإدراك، وهو دليل واضح على ترابطهم وتكاثفهم في رفض ونبذ أي عمل من شأنه المساس بأمن واستقرار واستعادة دولتهم الجنوبية وعاصمتها عدن.

إن تحدثنا عن أبناء عدن خاصة فلا يمكن لأحد أن يتجاهل ما قدموه من تضحيات وبطولات في الدفاع عن مدينتهم وطرد الاحتلال الحوثي منها، مثلهم كمثل سائر أبناء الجنوب، كل دافع عن مدينته وشارك المدن الأخرى في الدفاع والقتال ليسطروا بذلك أروع الملاحم وأصدقها، فبعد أن امتلأت بيوتهم بزغاريد النصر يوم إعلان تحرير عدن وطرد مليشيات الحوثي ولملمت بؤس الحرب وتبعاتها على أمل تحقيق مطالبهم في استعادة دولتهم وتفويضهم للمجلس الانتقالي بقيادة عيدروس الزبيدي، بعدها مضت أعوام على الحرب تلاشت تلك الأحلام والتطلعات ليبقى أقصى ما يتمنونه إلى جانب استعادة دولتهم هو رغيف العيش والأمن والأمان.

هذه المدينة التي أجبرت على الاحتضار من عدة أطراف داخلية كانت أم خارجية، فالوضع العام فيها مقلق ومخيف، انتهاكات هنا وجرائم قتل واغتصاب هناك وحالات اختطاف واختفاءات قصرية واعتقالات غير قانونية تمارس بمعية الدولة أو ممن يحسبون عليها أو يتبعونها أو يعارضونها بما يملكونه من تفويض شعبي، عدن لن تستثني أحدا منهم شرعيا كان أو تحالفيا أو مفوضا، كل له سبب ودور مباشر أو غير مباشر بإدراك أو بإهمال بقصد أو بغير قصد في تردي الوضع وانتشار الجريمة والفوضى بشكل مخيف في عدن تحديداً.

فهيبة الأمن فقدت ليتحول هذا الجهاز الأمني الذي من شأنه حماية المواطن إلى سوط يسلط على البسطاء منهم ليجلدهم ويقمع أي صوت للحق، فلا صوت يعلو فوق صوت المدرعات والأطقم الأمنية.
حالة عبث ليس لها نظير كان آخرها قتل الشاهد الوحيد في الجريمة التي عرفت بجريمة اغتصاب طفل المعلا على يد أحد الأجهزة الأمنية التي اتخذت وضعا مغايرا لمهامها الأصلية، فنظرا لأبعاد القضية وارتباط أحد مرتكبيها بأحد المتنفذين وبالأجهزة الأمنية في عدن مما أدى إلى إتلاف الأدلة ضده والتي كانت بحوزة الشرطة، وبالتالي حصوله على البراءة!

اليوم في عدن بلغ السيل الزبى، فأبناؤها كعادتهم يرفضون ويستنكرون هذه الجرائم الدخيلة عليهم كما يرفضون أساليب القمع والترهيب من تلك الأجهزة التي فرضت عليهم وبأشخاص غير أبناء عدن وفدوا إليها من مدن أخرى بعد الإقصاء الممنهج لأبنائها والذين من باب أولى كان يجب أن يتم تدريبهم وتأهيلهم لمثل هذه المهام الأمنية، كل ذلك وبأثر تراكمي ولد رفض وسخط واستهجان وسيتبعها الكثير من الانفلات ما إذا تم السكوت على هذه الأعمال المشينة دون اجتثاث حقيقي للمشكلة ومحاسبة القائمين عليها وتقديمهم للعدالة، أكان ينتمي لحكومة الشرعية أو محسوبا على المجلس الانتقالي الجنوبي. عدن ليست مسرحا لتصفية الحسابات وليست ساحة تستعرض فيها أي جهة قوتها على الأخرى، أنتم تخرجون أسوأ ما في هذا الشعب المتحضر وتدفعونه للإرهاب وتقتلون كل ما هو جميل في عدن.

ارفعوا أيديكم عن عدن تلك المدينة التي لا ذنب لها سوى احتضان الوافدين إليها بخوفهم وقوتهم بصدقهم وزيفهم. عدن التي لم تستثنِ أحدا واحتضنتكم جميعاً، احذروا غضبها وغضب أهلها الذي حينها لن يستثنيكم جميعاً. وعلى عدن السلام.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى