لماذا تستمر حرب مرفوضة شمالاً؟

>
جمال مسعود
جمال مسعود
في 21 سبتمبر 2013م زحف الحوثيون طواعية بالمسيرات من تحت خيام الاعتصام في شوارع صنعاء وهم يرددون أهازيج وزوامل لا للجرعة، وكلما مروا من شارع ضربوا خلفهم الخيام حتى لا يعودوا للخلف إلا للاعتصام في الخيام المنصوبة والمبيت فيها وهم يحملون أسلحتهم وأمتعتهم، واستمروا بالزحف تتوسع دائرته والمشاركون معهم حتى وصلوا إلى مقر البرلمان والحكومة ودار الرئاسة، وفرضوا أنفسهم بالأمر الواقع..

لم يكن ليتحقق ذلك لهم لولا تمهيد الطريق أمامهم من قِبل أطراف محلية في السلطة والجيش والأمن والقبائل لأنه لولا ذلك ما خرجوا من مران صعدة شبراً واحداً، وبعد أن وجدوا أمامهم الطريق سالكة للإطاحة بالسلطة المنزوعة المخالب والأنياب انقضوا عليها وأعلنوا المجلس السياسي، واستولوا على السلطة من تحت خيام اعتصام لتسقط الجرعة..

وبالفعل سقطت في الشمال الجرعة الأكبر من الحرية والحق والانتصار له والدفاع عن الدولة بأبسط صورها، وازدادت نشوة التمدد الحوثي في الأرض ونهم الزحف حتى البحر والساحل، فوجد الصغار من الشباب المؤمن أنصار الله ومن ناصرهم كل الطرق أمامهم مفتوحة نحو الجنوب من كل الجهات، فزحفوا نحوه بسهولة ويسر عبر أراضي الشمال المفتحة الأبواب والقلوب، حتى وصلوا غدراً إلى ساحل حقات وجولد مور، فلم يطب لهم وزحفهم المقام هناك والأرض من تحت أقدامهم ترجف رافضة بقاؤهم على ظهرها، ناهيك عن البشر الذين قاطعوهم ورفضوا التعامل معهم إلا بالبصق في الوجوه وبالبندقية في الصدور وبالحجارة فوق الرؤوس حتى رحلوا منها مطرودين لتستوقفهم الحدود الشمالية للجنوب فتستقر بهم الأرض هناك ويتربعوا على كل شبر فيها، وفيها حاشد وبكيل اللتان لا يشق لهما غبار.

لقد صالت وجالت جيوش التحالف والعمالقة والمقاومة الجنوبية محاولين اختراق غبار الحوثيين في الشمال دون فائدة، فكلما شقوا طريقاً للتحرير من سطوتهم أعاد الأهالي ردمه ليعود الحوثيون مرة أخرى والأهالي معبرون عن رفضهم إطلاق النار من بنادقهم المحمولة على أكتافهم تنطعاً وجنابيهم حول خواصرهم رافضين التلويح بها وإشهارها في وجه الحوثيين.

سنوات أربع قد انقضت والرسالة لم يستوعبها أحد بأنه لا حرب بينية ستدور في الشمال، ولن يفلح أحد في جره إلى الحرب البينية والاقتتال الداخلي، وتحميل الأبناء تبعات الثأر القبلي سنين قادمة حوثيين وإصلاحيين ومؤتمريين عسكريين أمنيين سياسيين قبليين تجار أكاديميين طلاب نساء أطفال لن يقاتل في الشمال أحد ضد الآخر، بعد أن استغلب طرف وانتصر وانتزع الحكم واستولى عليه، ومن تجرأ على المواجهة المسلحة وخرج على المتغلب بالحرب، وهو الحوثي، سيتحمل تبعات ذلك منفرداً..

وكان هذا المنطق قد نفذه الحوثيون ضد كل من خرج عليهم في الشمال، فنزعوا عمامته وخنجره وأحرقت الستارة التي تلفها المرأة حول جسدها وجزء من ظفيرتها دون جدوى، ونسفوا البيوت بالألغام، ونزحوا الأهالي عقاباً لكل من واجههم وحمل السلاح ضدهم، وهذا ما حل بأهالي دماج من قبل وتبعتهم حجور اليوم جزاء حمل السلاح ضد المتغلب على الحكم في الشمال.

واليوم الحوثيون هم الحكام اليمنيون بالغلبة وبالأمر الواقع، والذين لن يتركوا الحكم والسلطة وقد تغلبوا عليها وانتزعوها بالقوة، ولن يفرطوا بها سنين طويلة، والشمال بأكمله قد أقر لهم بذلك أحزابه وسياسيوه وقبائله وعشائره محافظاته كلها خاضعة لهم ومقرة لهم بالحكم والحاكمية، ولن يقاتلوهم أو يخرجوا عن طاعتهم رغبة غير رهبة مهما زاد الدعم والحشد، فلن يتركوا الدعم مكراً ويتخلوا عنه كما لن يخرجوا جبراً عن الحكم المتغلب للحوثيين، ولن ينازعوهم في الحكم وينقلبوا عليهم وهم يعلمون علم اليقين أن ما وراء الحرب غداً أخطر مما هو فيها اليوم، وأن النار لو اشتعلت حقيقة فلن تنطفئ بين العشائر والأفخاذ أبد الدهر، وسيتوارث الأجيال ثأر الحرب جيلاً بعد جيل، فهل يعي ذلك من هم خلف نهم وصرواح والبعرارة؟.

لماذا لم يتقدم الجيش اليمني التابع لما يسمى بالشرعية؟ لأن هناك أيضاً جيشاً يمنياً لما يسمى بالانقلابيين لما لم يتقدم شبراً واحداً في أراضي مملكة الحوثي القادمة حتى يتم التوافق السياسي بلا قتال، وما الحشد الشعبي والعسكري والقبلي إلا تجييش للمرحلة القادمة التوافقية.. ويا خسارة حجور ومن قتل فيها من الرجال الأشاوس، للأسف لم يعوا الدرس فوقعوا ضحية التحرر من الطباع والضباع.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى