> «الأيام» غرفة الأخبار

كيف فهمت إيران أوراق اللعبة وأحسنت استغلالها واستغفلت مجلس الأمن؟

شهد الموقف الأميركي تصعيداً جديداً في الموقف المناوئ لجماعة الحوثي، وفقا لما كشفت عنه تصريحات مسؤولين كبار في وزارة الخارجية الأمريكية، إضافة إلى تجديد واشنطن دعمها للتحالف العربي كجزء من إستراتيجيتها لمحاصرة النفوذ الإيراني في المنطقة.
وتأتي المواقف الأميركية التي وصِفت “بالأكثر وضوحاً” إزاء الملف اليمني قبيل زيارة مرتقبة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو للمنطقة، غدًا، تشمل الكويت ولبنان وإسرائيل، وتبدو على صلة وثيقة بمساعي واشنطن لمواجهة النظام الإيراني.

ونقلت وسائل إعلامية عن مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية، تأكيده على أن الهدف من زيارة بومبيو هو “مواجهة تدخلات إيران ونفوذها في منطقة الشرق الأوسط، وتمدّد هذا الوجود من خلال الميليشيات التابعة لها من العراق إلى سوريا ولبنان واليمن”.
واعتبر الباحث السياسي اليمني فارس البيل، في تصريح التحول الأميركي، بأنه فاتحة لتحول الموقف الدولي عموماً من هذه القضية، وهو ما سيسهم في اكتمال الصورة بخصوص مشروع إيران في اليمن.

وشهد الموقف الدولي حيال الملف اليمني ومخاطر الدور الذي تلعبه إيران في هذا الملف تطوراً من خلال التقارب في مواقف الدول الرئيسية الممسكة بزمام هذا الملف في المحافل الدولية، والتقارب بين الموقفين البريطاني والأميركي.
وتبنت بريطانيا مواقف أكثر تشدداً حيال الحوثيين، وهو الأمر الذي اتضحت ملامحه من التصريحات التي أدلى بها مسؤولون بريطانيون أكدوا فيها على اتباع سياسة أشد صرامة تجاه المراوغات الحوثية التي تسببت في تجميد المسار السياسي، وتهديد اتفاقات السويد.

وأكد مراقبون سياسيون على تطابق الموقفين الأميركي والبريطاني الفاعلين في مجلس الأمن الدولي واللجنة الرباعية الدولية في ما يتعلق بارتباط الجماعة الحوثية بالمشروع الإيراني لزعزعة الأمن في المنطقة، والتعامل مع الجماعة المتمردة في إطار الإستراتيجية الدولية لمواجهة إيران وأذرعها العسكرية.
الجلسة السرية التي عقدها مجلس الأمن الدولي يوم الخميس الماضي، كانت فرصةً لوضع المجتمع الدولي أمام مسؤوليته، حيث أفاد المبعوث الدولي الخاص إلى اليمن، مارتن جريفيثس، بأنه لم يتم تحقيق أهداف اتفاق الحديدة حتى الآن، موجهاً شكره للحكومة اليمنية الشرعية على مرونتها في الإعداد للمرحلة الأولى من الاتفاق.

ونوه مايكل لوليسغارد، رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار في الحديدة، إلى أن الحوثيين استهدفوا مصنعاً داخل الحديدة، مما أثر على الوضع الإنساني، شاكراً في الوقت نفسه الحكومة اليمنية على جهودها للوصول إلى مطاحن البحر الأحمر.
ولفت إلى أن الجماعة الحوثية عرقلت تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، مشيراً إلى أنه سيتم التواصل مع الانقلابيين للخروج من هذه الطريق المسدودة، على حد تعبيره.

أما مندوب ألمانيا، فإنه لوّح بأن المجلس لا بد أن يحدد المعرقلين للعملية السياسية، مضيفاً: إنه لا يجب التسامح مع أي طرف معرقل أو مخطئ. وهنا نقول إنه لو كان لدى مجلس الأمن إجراءات عقابية توضع موضع التنفيذ، لما استهانت إيران ووكلاؤها في المنطقة بقراراته.
وتقول الكاتبة الخليجية سوسن الشاعر: “لولا أن وكلاء إيران مدركون تماماً أنه لم يعد لمجلس الأمن سمة الإصرار والحزم، لما ماطلوا في تطبيق جميع قراراته المتعلقة بتسلحهم في سوريا واليمن، لا في اليمن فحسب”.

وتضيف الشاعر في مقال صحفي نشرته جريدة الشرق الأوسط أمس: “الاختبارات الأولية لتلك القرارات أثبتت أنه لا إجراء يتخذ ضد من يخالفها، وأن القرارات ما هي إلا مهلة وهدنة لتوظيفها لصالحهم، وأن المجلس أداة لتمديد بقائهم”.
وذكّرت الكاتبة بقرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة باليمن، وآخرها:
- القرار 2452، في 16 يناير 2019. قرار مجلس الأمن الذي قرّر فيه إنشاء بعثة سياسية خاصة لدعم اتفاق الحديدة في اليمن.
ماذا فعل مجلس الأمن؟ استجاب لمماطلة الحوثيين ومهد لهم تمددهم.
- القرار 2451، في 21 ديسمبر 2018. قرار مجلس الأمن الذي أيّد اتفاق ستوكهولم، وناشد كافة الأطراف احترام وقف إطلاق النار في الحديدة بشكل كامل، كما فوّض الأمين العام للأمم المتحدة بتشكيل ونشر فريق مراقبة على الأرض، لمدة 30 يوماً بشكل أولي، لتكون مهمته دعم وتيسير التطبيق الكامل لاتفاق الحديدة.
لولا أن هذا القرار أهمِل ولم يُطبق لما كنا بحاجة إلى القرار 2452.
- القرار 2402، في 26 فبراير 2018، ينص على أن يمدّد حظر السفر، وتجميد جميـع الأصـول الماليـة، وحظر الأسلحة على الذين يعيقون السلام ويهددون الأمن في اليمن.
- القرار 2342، في 23 فبراير2017، يجــدد حـتى 26 فبراير 2018، حظر الأسلحة والسفر، وتجميد الأصول العائدة لأفراد وكيانات حدّدتهم اللجنة المنشأة عملاً بالقرار 2140 لعام 2014، حول اليمن.
- القرار 2266، في 24 فبراير 2016، ينص على أن يمدّد تجميد جميـع الأمـوال والأصـول الماليـة والمـوارد الاقتـصادية وحظر السفر، كما نص عليه القرار 2140 للعام 2015، لوضع حدّ للأزمة في اليمن، التي تهدد العملية الانتقالية التي تشهدها البلاد.
- القرار 2216، في 14 أبريل 2015، الذي يطلب من جميع الأطراف اليمنيين تطبيق القرار 2201 للعام 2015، ويفرض حظراً على السلاح وعلى عدد من الأفراد، ويطلب من الأمين العام أن يكثّف مساعيه الحميدة من أجل استئناف العملية السياسية.
- القرار 2204، في 24 فبراير 2015، الذي يمدد ولاية فريـق الخبراء حتى مارس 2016.
- القرار 2201، في 15 فبراير 2015، الذي يشجب بشدة الإجراءات التي يتخذها الحوثيون لحل البرلمان، والاستيلاء على المؤسسات الحكومية في اليمن، ويعبّر عن القلق البالغ إزاء ورود تقارير عـن استخدام الأطفـال كجنـود، ويحث جميع الأطراف على مواصلة الانتقال السياسي.
- القرار 2140، في 26 فبراير 2014، الذي يدعم تطبيق مخرجات الحوار الوطني، ويعيد التأكيد على الحاجة للتطبيق الكامل والفوري للانتقال السياسي، ويفرض نظام عقوبات تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
- القرار 2051، في 12 يونيو 2012، الذي يعيد التأكيد على الحاجة للتطبيق الكامل والفوري للانتقال السياسي، ويشير إلى إمكانية فرض عقوبات.
- القرار 2014، في 21 أكتوبر 2011، الذي يدعو إلى تطبيق الحل السياسي القائم على مبادرة مجلس التعاون الخليجي، ويطلب من الأمين العام مواصلة مساعيه الحميدة من أجل ذلك.
وخلصت الكاتبة إلى أن “جميع تلك القرارات لم تنفذ، وما زال الكل يأتمن المجلس على حقوقه وأمنه”.
وقالت: “لذلك حين نعود من جديد لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، الخاص بسوريا، والذي أقر بالإجماع بتاريخ 18 ديسمبر 2015، والمتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع، فإننا نساير اللعب فقط، فالقرارات تبدو مجرد مجموعة أرقام”.
واختتمت قائلة: “مجلس الأمن بعمله هذا يوجه رسالة للجميع، بأن قانون الأمر الواقع هو السائد، وقانون الغاب هو الأداة، وبأنه يمكن استغلال المجلس للحصول على فرص والتقاط أنفاس فقط لإعادة ترتيب الأوضاع والاعتداء من جديد.. هكذا فهمت إيران أوراق اللعبة وأحسنت استغلالها، وأجادت استغفال المجلس”.