حضرموت.. موت الآلاف جراء المجاعة

> علوي بن سميط

>
حصدت المجاعة التي اجتاحت حضرموت في أربعينيات القرن الماضي، وبالتحديد قبل (75) سنة مضت، ما بين 25 إلى 35 ألف مواطن بحضرموت من مختلف الأعمار، وهذه الأرقام قد تكون غير دقيقة إلا أن وسائل الإعلام البريطانية - حينها - وسجلات السلطنتين والصحف المخطوطة الحضرمية تطابقت في ضحايا جائحة المجاعة والتي وقعت بسبب الحرب العالمية الثانية، ولعل العالم معظم مناطقه شهد ذلك النوع من الحصاد الآدمي إلا أن حضرموت كانت أكثر مناطق الشرق الأوسط تضرراً في عدد الضحايا والمشردين. إنها أكبر نكبة تتعرض لها حضرموت في القرن العشرين، لأن حضرموت قبل ذلك سبق لها أن شهدت جفافا وانقطعت الأمطار عنها لسنوات، فيبست الأرض وأضحت الزراعة منعدمة والنخيل تحديداً، وجفت آبار المياه.

 والرقم في (الأموات) جراء عدم وجود ما يسد الرمق يعتبر كبيراً، فالإحصائيات لعدد سكان حضرموت بسلطنتيه في ذلك الزمان لا يزيد عن 170 ألف مواطن، وعلى الرغم من أن بريطانيا أحد أهم الدول التي دخلت الحرب الكونية الثانية، وهي التي كانت تحكم جنوب شبه جزيرة العرب، إلا أنها تدخلت ومعها التجار الحضارم في عدن وشرق أفريقيا واستطاعت حماية نقل المواد الغذائية البسيطة لمواجهة المجاعة والحد من تضاعف أعداد الضحايا، واستطاعت حكومتا الكثيري والقعيطي بمساعدة بريطانية من جمع (300) طفل من الداخل الحضرمي ونقلهم إلى المكلا واستئجار محلات وبيوت لرعايتهم وجلبت ممرضات وآنسات وسيدات من عدن للعناية بهم وتربيتهم وهم أطفال يتامى تركوا في شوارع المدن وعلى الطرقات وجثامين آبائهم وأمهاتهم إلى جانبهم!..


فماذا قدم الناس والإنجليز ودولتا حضرموت والعرب لإنقاذ الحضارم؟ الإنجليز استخدموا المهابط - المطارات - التي أقاموها في الثلاثينات لنقل المواد، وأنشأ الميسورون من الحضارم مطابخ جماعية لتوزيع وجبات متواضعة لسد الرمق في كل المدن..
شهدت حضرموت جوعاً وقحطا، فاستطاعت حكومتا حضرموت أن تستقطع من رواتب موظفيها لشراء مواد من الخارج، كما نقلت بريطانيا ومعها جيش البادية أكثر من (3500) ألف طن من الذرة، ورصدت ما قيمته 300 ألف جنيه إسترليني لمواجهة الجائحة وتداعياتها في الصحة والنقل، لأنه وحتى الدواب (الجمال والحمير) لاقت نفس المصير ونفقت، وقدم التجار الحضارم والعرب بالمملكة العربية السعودية أطنانا من المواد الغذائية والملبوسات، كما قدمت مصر الملكية دعما عاجلا قدر بقيمة عشرة آلاف جنيه مصري والمملكة المتوكلية اليمنية.. وبالطبع فإن حضرموت شهدت في سنوات وما قبل الأربعينيات مجاعة، ولكن ليست بما حصل قبل منتصف القرن العشرين، وبالعودة إلى الوثائق البريطانية ومخاطبات حاكم عدن والسلطنتين وما كتبه المؤرخون فإن هذه المجاعة مهولة حصدت الحيوان والزرع والبشر.
شبح المجاعة يطل من جديد هذا الوقت نسأل الله السلامة.​


> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى