تخبط في الدبلوماسية اليمنية حيال اتفاق ستوكهولم وإيقاف الحرب

> «الأيام» غرفة الأخبار

> تولر يحمل الحوثيين فشل التسوية ويسعى لإعادة فتح سفارة واشنطن في صنعاء

قال مسؤول رفيع في حكومة الشرعية اليمنية إن تحقيق السلام في بلاده ممكن في حال التزم كل طرف بدوره في السعي نحو التسوية السياسية لإنهاء الصراع المستمر منذ أربع سنوات.
وأشار سفير اليمن لدى الولايات المتحدة الدكتور أحمد بن مبارك إلى أهمية مرجعيات السلام الثلاث وضرورة الاستناد عليها بجدية ومصداقية للوصول إلى الحل السياسي السلمي العادل والمستدام الذي يتطلع إليه أبناء اليمن.

وأضاف ابن مبارك في ندوة عقدت في الكونجرس الأمريكي بعنوان «ما مدى قرب إمكانية التوصل لحل الصراع في اليمن»، «أن تحقيق السلام ممكن وفي متناول أيدينا إذا ما قام كلٌ بدوره».
وأوضح أن «هناك الحكومة الشرعية التي تطالب بالسلام وتسعى إليه منذ بداية الحرب التي فرضها الانقلاب عليها، وهناك الدول الراعية والمجتمع الدولي، وكذلك الميليشيا الحوثية التي ينبغي عليها وضع السلاح والتحول إلى فصيل سياسي يقبل بالتعايش مع باقي مكونات المجتمع اليمني وتقبل به وفقا لدستور الدولة الاتحادية اليمنية».

وفيما يتصل باتفاق ستوكهولم قال السفير اليمني إن جماعة الحوثي «بدأت التعامل مع الاتفاق منذ اللحظة الأولى بالتزوير والمراوغة عبر مسرحية التسليم الصوري الهزيلة ثم باستهداف الجنرال كومارت بعد فضح كذبها».
وعلى الرغم من أن الحكومة الشرعية ذهبت إلى ستوكهولم بحسن نية، وفي سياق التعاون مع المجتمع الدولي والأمم المتحدة، لإيجاد مخرج للبلاد، عبر التوصل إلى اتفاق تمهيدي لبناء الثقة، فإنها في قرارة نفسها كانت تدرك استحالة تطبيق مثل هذا الاتفاق، وهو ما برز في تصريحات كثير من المسؤولين اليمنيين، ابتداء من الرئيس عبد ربه منصور هادي، وانتهاء بوزير خارجيته خالد اليماني.

وفي حين تبدت نتيجة الفشل متوقعة بالنسبة للشرعية، بقي فقط، بحسب المراقبين، أن تنعى الأمم المتحدة رسمياً الاتفاق، وتضع كل أوراقها التي ذهبت أدراج الرياح في الحديدة مجدداً على طاولة مجلس الأمن، الذي يبدو أنه ليس بالحماسة الكافية من أجل اتخاذ قرار حازم يردع الحوثيين وحلفاءهم الإقليميين.
وزير الخارجية اليمني خالد اليماني حاول أن يعترف في أحدث مقالاته، التي نشرها موقع «العربية نت» في نسخته الإنجليزية، بأن اتفاق السويد فشل، كما حاول أن يتطرق إلى مقدمات الفشل وأسبابه الإقليمية والدولية والأممية.

يقول اليماني إنه خلال لقاءاته في بروكسل، مطلع فبراير الماضي، أفصح كثير من الوزراء الأوروبيين بأن إيران لعبت دوراً لإنجاح مشاورات السلام في اليمن، وأنها وجّهت الحوثيين للقبول بالاتفاقات التي تم التوصل إليها مع وفد الحكومة اليمنية في 13 ديسمبر 2018، وكان رده المباشر عليهم قوله: «إذا كان الأمر كذلك، فلماذا لم توجههم إيران، الدولة الراعية للميليشيات الحوثية في اليمن، للقيام بتنفيذ تلك الاتفاقات؟!».

وكان الرد من قبل هؤلاء الوزراء، أن السبب هو حدوث تغيير «في موازين القوى في المنطقة»، إلى جانب «الضغوطات التي شكلتها العقوبات الأميركية على إيران»، وكلها أفضت إلى دفع نظام الملالي لعدم التعاون في الملف اليمني.
ويعتقد اليماني «أن إحجام الحوثيين عن تنفيذ اتفاقات السويد، وتعنتهم، يؤكد التزامهم بتكتيكات التفاوض الإيرانية، التي تبدأ بالموافقة الضمنية على مجمل الحلول التفاوضية، ثم التراجع عنها جملة وتفصيلاً، لانتزاع مزيد من التنازلات من المجتمع الدولي، وفرض واقع على الحكومة اليمنية وتحالف دعم الشرعية، للسير في طريق الحرب، الذي وفق رؤيتهم يشكل النصر لمشروعهم».

ويستغرب اليماني من أن العالم «كأنه لا يدرك أن هذه الميليشيات المدعومة من إيران هي من انقضت على اليمن، وسرقت أحلام اليمنيين، وأشعلتها حرباً في كل مكان، لفرض أجندة إيران في اليمن، كما فرضتها في أماكن أخرى في منطقة الشرق الأوسط».
ويعتقد أن هناك أجندة تقف وراء سياسة بعض الدول الغربية، بالنسبة للملف اليمني، مستشهداً بإحدى الدول التي كانت راعية لاتفاق السويد وحاضرة أثناء صياغة الاتفاق، والتي بدأت - حسب قوله - في الآونة الأخيرة «لترويج فكرة أن بنود الاتفاق كانت ضبابية، وهي حمالة لتفسيرات مختلفة». ويؤكد «على الأجندات الخفية التي تحرك الدول في الملف اليمني، والتي تبتغي مصالح لدولها، ضاربة عرض الحائط بمعاناة ومأساة أبناء اليمن، الذين خرجوا دفاعاً عن وطنهم قبل أن تلتهمه إيران، التي تشدقت بأن العاصمة العربية الرابعة باتت تحت قبضتها».

ويشير الوزير إلى وجود تلكؤ واضح لدى الأمم المتحدة، على الرغم من سعي الحكومة الشرعية الحثيث إلى تجلية الفهم القانوني للاتفاق، وبيانها «مفهوم المسارات القانونية للسلطة، بما في ذلك مسألة الأمن وإدارة الموانئ والإيرادات وفرع البنك المركزي». ويقول إن الأمين العام للأمم المتحدة أكد للرئيس هادي في الساعات الأولى من صباح يوم 13 ديسمبر 2018 «أن الهدف في النهاية لهذا الاتفاق يتلخص في انسحاب الحوثيين والقوات الحكومية من موانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى ومدينة الحديدة، وعودة سلطات الدولة الدستورية، ضمن جدول زمني وخريطة انتشار عسكري، أرفقتا بالاتفاق».

وكشف اليماني أن الاتفاق «خصص 4 أيام لانسحاب الميليشيات الحوثية من موانئ الحديدة، تحت إشراف لجنة تنسيق إعادة الانتشار، التي أنشئت بقرار مجلس الأمن 2451. وهي لجنة مكونة من الأمم المتحدة والحكومة اليمنية والميليشيات الحوثية، وقد فوّضها القرار حق التدقيق والمتابعة لتنفيذ اتفاق الحديدة»، مضيفاً: «العالم شهد المسرحية التي أنتجها الحوثي في ميناء الحديدة بعد أسبوعين من دخول الاتفاق حيز النفاذ، ليقوم بالانسحاب الصوري، ويسلم عناصره إدارة الميناء، ولما كشف الجنرال باتريك كومارت الأمر اعتُبر بنظر الحوثيين شخصاً غير مرغوب فيه، وفقد تدريجياً وظيفته، وما كان من الأمم المتحدة إلا البحث عن مخرج يليق بالمنظمة الدولية، حينما قالت إن عقد الجنرال كومارت كان قصيراً للغاية».

وفي مسار التعقيدات التي تلاحق اتفاق ستوكهولم دخل السفير الأمريكي ماثيو تولر، على خطّ السجال الحاصل بين طرفي الاتفاق معلناً انحيازه إلى جانب الشرعية وحمل الحوثيين مسؤولية المماطلة في تنفيذ ما تم الاتفاق في مشاورات السويد، لكنه أبدى نوايا لواشنطن بشأن إعادة فتح سفارتها في صنعاء باعتبارها عاصمة اليمن، حد قوله.
تصريحات تولر الأخيرة، وضعتها صنعاء في إطار الانحياز الكامل لفريق السعودية في اليمن. وقالت مصادر سياسية في صنعاء إن «تصريحات تولر الأخيرة من عدن لا تنفصل عن المسار الذي افتتحه وزير الخارجية البريطاني جيريي هانت من عدن نفسها، محمّلاً صنعاء مسؤولية عدم تنفيذ اتفاق ستوكهولم المتعلق بالحديدة».

وبعد نحو 3 أشهر على الإعلان عن اتفاق السويد، ترى مصادر صنعاء أن التوجّه لدى الإدارة الأمريكية وفريقها الإقليمي والداخلي، واضح لجهة «إعادة التصعيد من جديد لخلق الأوراق تمهيداً لفرض وقائع جديدة».
وتؤكد هذه المصادر على أن «ما لم تستطع قوى التحالف... تحصيله عبر المواجهات الميدانية في الجبهات، لن يُسمح للضغوطات السياسية في تحصيله».

وفي السياق، علّق عضو المكتب السياسيّ لجماعة الحوثي علي القحوم، على تصريحات تولر، قائلا إنَّ «تصريحات السفير الأمريكي من عدن مؤشر واضح على التوجه الأمريكي للتصعيد في الحديدة، في الوقت الذي سبقه موقف البريطاني في هذا الاتجاه».
وأشار إلى أن تصريحات تولر «تعتبر دليلاً واضحاً على أن الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي هم رأس حربة في العدوان على اليمن».

واعتبر القحوم أن السفير الأمريكي «يسوق الافتراءات والأكاذيب حول اتفاق الحديدة على الرغم من أن الاتفاق واضح وموقف القوى الوطنية جلي ومعلن في الحرص على السلام وقد نفذت خطوات أحادية على الأرض، ما يثبت أن قوى العدوان هي من تعرقل وتماطل في تنفيذه وتخترق وقف إطلاق النار وتصعد عسكرياً».
في المقابل، تقول عدن إن مواقف السفير الأمريكي الداعمة للشرعية ورؤيتها لتنفيذ اتفاق السويد «أتت منسجمة مع المواقف المعتادة للإدارة الأمريكية، ودول التحالف وعلى رأسها السعودية، في دعم الموقف اليمني الرسمي والشرعي والمستند على قرارات مجلس الأمن وتوصيات المؤتمرات الدولية الخاصة بأزمة اليمن».

وتتهم مصادر في الشرعية الحوثيين بـ«التخلي عن اتفاق ستوكهولم والسعي لمواصلة القتال عبر التعزيزات العسكرية التي تستقدمها الحركة إلى الحديدة».
وكان المتحدث باسم «الشرعية» راجح بادي، قال إن الحوثيين يتنصلون من اتفاق وقف إطلاق النار، ويدفعون الوضع باتجاه القتال مجدداً.

وقال إن «الحوثيين تخلوا رسمياً عن اتفاق ستوكهولم من خلال التعزيزات العسكرية وشن الحروب».
وتأتي مواقف السفير الأمريكي الأخيرة بعد إعلان المبعوث الأممي مارتن جريفيثس، نيته تقديم خطة جديدة في شأن عملية إعادة الانتشار في مدينة الحديدة، والتي لا تزال متعثرة إلى الآن. إذ أشار إلى أنه «عقب مناقشات بنّاءة مع الجانبين، تم إحراز تقدم باتجاه التوصل إلى اتفاق لتطبيق المرحلة الأولى من عمليات الانسحاب»، مضيفاً إنه «سيتم تقديم التفاصيل العملانية إلى الأطراف في لجنة تنسيق الانسحاب للمصادقة عليها قريباً»، متابعاً أنه «يتطلع إلى المصادقة السريعة على الخطة».

إلا أن إعلان جريفيثس هذا، واجهته «الشرعية» بموقف لعضو وفدها المفاوض عسكر زعيل، قال فيه «إنكم كمن يحرث في البحر... وما سمّيتموه تقدماً ملموساً في تنفيذ الاتفاق أصبح سراباً».
التناقض في المواقف بين الشرعية وجريفيثس، سببه الأساسي التناقض الفاضح بين الشرعية» والحوثيين في تفسير بعض بنود الاتفاق، خاصة ما يتعلق بإعادة انتشار القوات في الحديدة.

فقد نصّ الاتفاق على أن تدير قوات محلية ميناء الحديدة الرئيس وميناءي الصليف ورأس عيسى، وهو ما تؤكد الشرعية على أن تلك القوات يجب أن تتبع لها، فيما ترى صنعاء أن القوات الموجودة بالفعل على الأرض الآن هي قوات تتبع لها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى