جريفيثس.. كيف «سلق» اتفاقا وقرارا دوليا عطلا الحل السياسي؟

> كتب/ المراقب السياسي

>
المقاربة السياسية التي يتبعها المبعوث الأممي إلى اليمن السيد مارتن جريفيثس باتجاه الحل السياسي في اليمن ثبت فشلها.

فما فعله المبعوث السياسي طوال الشهور الماضية هو تكرار لأخطاء سابقة، ومنها عملية سلق اتفاق السويد الذي رفضه «المتشاورون» خلال أسبوعين قبل أن يتم الاتفاق في الـ24 ساعة الأخيرة بعد ضغوط من أطراف دولية على «المتشاورين» واتفاقات خلف الستار نتج عنها اتفاق السويد بدون آلية تنفيذية.

ومن السويد انطلق المبعوث الأممي، تملؤه الغبطة، إلى نيويورك ليتم سلق قرار جديد بعد جولة ماراثونية لمدة أسبوع من مفاوضات الأطراف الدولية طوال الليل لينتج عنها فريق المراقبين «غير المسلح» الخاص بالحديدة.. نزل المراقبون إلى الحديدة واصطدموا بالواقع على الأرض، الحوثيون تلاعبوا بالاتفاق وقدموا قوات الأمن المحلية المعينة منهم على أنهم هم أبناء المدينة وكانت فضيحة لهم وللمبعوث أمام أنظار العالم أجمع.

في اليمن الشمالي، حيث المجتمع عسكري بدرجة كبيرة، إن لم تكن مسلحاً فأنت طريدة يتم اصطيادها، وهو ما حدث تماماً لرئيس فريق المراقبين الأول الجنرال باتريك كومارت الذي تعرض لإطلاق النار فحزم حقائبه واستقال، وجاء رئيس جديد آخر للبعثة في الحديدة وتعرض هو الآخر لإطلاق النار والصواريخ حتى يوم أمس الأول.

الطريف في الأمر أن الميزانية المرصودة لفريق المراقبين -حسب معلوماتنا- مهولة، ولأنها أعدت على عجالة فإن التصرف فيها لا يخضع لمراقبة أو محاسبة، وكأن الموضوع أموال يتم صرفها وليذهب الحل السياسي إلى الجحيم.
إن اتفاق السويد بكل مكوناته من الحديدة ومطار صنعاء وتعز كلها أمور لبناء الثقة في العملية السياسية وقد فشلت المواضيع الثلاثة بامتياز، وخير دليل تعثر مسألة تبادل الأسرى، بينما المبعوث الأممي يتحدث للإعلام ويصرح بأن عملية السلام في الحديدة «تسير ببطء، لكن بخطى ثابتة»!!

ثم هناك جحافل من موظفي الأمم المتحدة وهم أيضاً مستفيدون من طول فترة النزاع، فهناك ورش عمل ومؤتمرات تقام في عواصم شتى من العالم وسفريات إلى هنا وهناك، ومكاتب للأمم المتحدة في صنعاء تصدر بيانات تضلل الرأي العام العالمي حول حقيقة الوضع الإنساني في البلاد، فمن التقرير الفاضح الذي ينبئ بمقتل 600 ألف يمني إذا ما تم تحرير الحديدة إلى ذلك التقرير حول حجور ومن قتل فيها ومحاولة إلصاق التهمة بالتحالف العربي، وكأن الموضوع عملية ابتزاز في أحسن الأحوال أو دعم سياسي للحوثيين في أسوئها.

إن الـ2.6 مليار دولار التي وعدت بها دول العالم لرفع المعاناة الإنسانية في اليمن لن يرى المواطنون - حسب تقديرنا - حتى 20 % منها، فبعد المصاريف الإدارية ورواتب الموظفين لن يبقى سوى التقاط الصور للإعلام حول العالم بينما يتم توزيع فتات على شعب من الجوعى.

الموضوع الأساسي أن الأطراف السياسية ليس لديها حافز للسلام، بالنسبة للشرعية السلام يعني العودة للداخل وخسارة كل الامتيازات المالية الحالية وبل خسارة المراكز عبر انتخابات قادمة، وبالنسبة للحوثيين فهذه هي المرة الأولى التي يرون فيها تدفقات مالية بهذا الحجم تُضاف إلى خزائنهم التي عثروا عليها في صنعاء أخيرا بعد فقر مدقع لعقود طويلة في جبال صعدة.

إن الخطوة الأولى باتجاه سلام حقيقي، إذا ما كان العالم جاداً في تحقيق تسوية سياسية، هي نقل السفارات إلى عدن، فمن غير المعقول أن تظل سفارات العالم إلى اليمن خارج اليمن تستقي معلوماتها من مصادر تقوم بتضليلها، خصوصا حول الوضع الأمني في المناطق المحررة.

والخطوة الثانية هي قيام الأمم المتحدة بنقل مكاتبها وأعمالها إلى عدن ليس من صنعاء وحسب، بل حتى من عاصمة الأردن، وتقوم بتغيير آلية استيراد الغذاء لتضمن أفضل سعر في السوق أو أن تقفل مكاتبها وتريحنا من استمرارها بهذه الطريقة التي لا تعدو عن كونها «جعجة دون طحين».

أما الخطو الثالثة والأهم فهي نزع الامتيازات المالية التي يحظى بها طرفا الحرب والالتفات إلى الممثلين الحقيقيين على الأرض سواء في الجنوب أو في الشمال عبر آلية اختيار شفافة في الداخل، فالقاطنون على الأرض في الداخل هم أصحاب المصلحة وهم المعنيون بالسلام أكثر من غيرهم، أما ترك قرار السلام للطرفين المحددين من قبل المجموعة الدولية فسيؤدي إلى استمرار الحرب إلى مالا نهاية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى