حكومة ناكرة.. ونقابات فاترة

>
جلال عبده محسن
جلال عبده محسن
النقابات هي مكون قانوني، تعمل في إطار الأنظمة والقوانين المنظمة في هذا البلد أو ذاك، وتضم عدداً من العمال والموظفين جاؤوا من الوسط العمالي والوظيفي نفسه، ويتم انتخابهم بطريقة طوعية لتمثيلهم بالشكل الحقيقي وليس السطحي والتحدث باسمهم والضغط على الحكومة لانتزاع مطالبهم وحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية القانونية والمشروعة كتحسين الأجور والمزايا والتأمين الصحي والرعايا الصحية وجانب السلامة المهنية، وغيرها من القضايا التي تعزز المصالح المشتركة للعمل بين الموظفين وبين المدراء ورؤساء المصالح ومرافق العمل، سواءً كانت تلك التابعة للجهاز الإداري للدولة أو المختلطة وحتى الخاصة.

 ولاشك بأن للنقابات دور مهم في تحقيق مصالح العمال والموظفين المشروعة، وتذليل للهموم والمشاكل والعراقيل التي تعترض سير عملهم للعيش بكرامة وعزة وشموخ، ولخلق بيئة عمل ناجحة قدر الإمكان وهو لاشك جهد نضالي تقوم بأدائه، وفي كثير من الأحيان ينجح ذلك المكوّن اعتماداً على نجاح قيادته في اكتساب القوة والصوت المسموع يكون سبباً في انتزاع الحقوق، وفي أحياناً أخرى تكون متسامحة ومتساهلة مع ما تقوم به الحكومة، رغم وعيها لذلك، كما هو حالها ومنذ أمد ليس بقريب، وهي ترى حجم المعاناة والهموم التي يعاني منها عمال وموظفو الجهاز الإداري للدولة تحديداً في بلادنا ومنذ عقود من الزمن من سلب وانتقاص لحقوقهم المشروعة أسوة بالموظفين في مؤسسات الدولة المستقلة مالياً وإدارياً، والذين يتمتعون بتلك الحقوق والامتيازات وتشكل فارقاً في المرتبات الأساسية بين الموظفين، لاسيما عند الإحالة للمعاش، والتي من أهمها جانب الرعاية والتأمين الصحي وعلاوات تقييم الأداء الوظيفي، واستحقاق العلاوات السنوية بموعدها القانوني، وهي العلاوات التي تضاف للراتب بطريقة تلقائية ومباشرة في مواعيد استحقاقها القانونية بالإضافة إلى بعض العلاوات والامتيازات التي تميزهم عن غيرهم، وهي باعتقادي، حقوق مشروعة وهي الحقوق التي لا يتمتع بها موظفو الجهاز الإداري للدولة، بحجة اعتمادها على الميزانية المعتمدة لها سنوياً من الدولة، لا كما هو حال الهيئات والمؤسسات المستقلة مالياً وإدارياً والتي تقوم بكفاية نفسها بنفسها لنفقاتها التشغيلية من إيراداتها الذاتية بل وترفد خزينة الدولة أيضاً، إلا أن الحجة واهية هنا، وكأن الأمر يتعلق بالجانب المالي فقط، دون النظر إلى أبعاد ذلك وما تقوم به مرافق الجهاز الإداري للدولة من خدمات جليلة ورسالة تؤديها لأفراد المجتمع وأبعادها المستقبلية كقطاع التربية والتعليم والصحة وغيرها من المرافق الاجتماعية الأخرى.

إننا نأسف من ذلك السكوت المخجل من قبل النقابات تجاه تلك الحقوق المنهوبة من قبل الدولة، وهم ينظرون كيف تتخلى الحكومة عن قضية التأمين الصحي، وكيف تتجاهل علاوة تقييم الأداء، وكيف تتصرف مع العلاوات السنوية منذ العام 2005م، وحتى اليوم عندما تقرر صرفها بمزاجية، بل وبطريقة انتقاصية مخجلة، يتم احتسابها بعدد السنوات لا بعدد الأشهر لتلك السنوات، وهي عملية احتيال بامتياز على الموظف وترمي بالقانون عرض الحائط، بينما القانون نفسه تشهره في وجه الموظف، وتعد له التعاميم لتحرمه من العلاوة السنوية للسنة التي بلغ فيها أحد الأجلين، ولا زالت ترتكب نفس الخطأ، بل ومصممة على التعاطي مع تلك الشريحة بنفس الطريقة المهينة، كما جاء في تعميمها الأخير بخصوص صرف العلاوات السنوية منذ 2014م.

إننا نقول: لا خير في حكومة ناكرة للحقوق وتستكثر القليل المستحق، للتحايل على شريحة واسعة يمثلون الأغلبية الساحقة من العمال والموظفين، بينما تغض النظر عن الكثير المنهوب من قبل العابثين واللصوص، ولا خير في نقابات فاترة ليست عند مستوى المسئولية، لا تحمل منها سوى الاسم، وتتخلى عن الأهداف الحقيقية، وهم يرتدون ملابس بالكوت والكرفتة، بينما حري بهم أن يرتدوا السترات الصفراء وهم ينتزعون الحقوق من مغتصبيها.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى