إغلاق مضيق هرمز خطوة انتحارية يدفع باتجاهها صقور إيران

> «الأيام» عن العرب

> إغلاق مضيق هرمز الذي يعبر منه ثلث صادرات العالم من النفط خيار يلوّح به الحرس الثوري الإيراني للضغط على الولايات المتحدة بشأن التراجع عن قرارها بـ «تصفير» تصدير طهران لنفطها، وسط شكوك في إمكانية الإقدام عليه لأن تبعاته ستكون جد خطيرة على الاستقرار العالمي.
تواجه إيران خيارين أحلاهما مر بين القبول بالدخول في مفاوضات وفق الشروط الأميركية، أو اتخاذ خطوات تصعيدية من قبيل إغلاق مضيق هرمز وهي خطوة في حال أقدمت عليها ستكون بمثابة انتحار.

وتتعرض إيران لحصار اقتصادي أميركي خانق ازدادت وطأته بعد قرار الرئيس دونالد ترامب إنهاء الإعفاءات الممنوحة لبعض الدول التي تشتري النفط الإيراني. وحذر صندوق النقد الدولي، أمس الأول، من أن العقوبات المشددة على إيران قد تتسبب في ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى منذ عام 1980.
ونقلت وكالة «بلومبرج» للأنباء عن مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بالصندوق جهاد أزعور أن أسعار المستهلكين قد ترتفع بنسبة 50 بالمئة هذا العام بعد قرار الولايات المتحدة الأخير. وكان الصندوق توقع، قبل القرار الأميركي، أن يصل التضخم إلى 37 بالمئة.

وتسود حالة من الانقسام داخل طهران بشأن كيفية مواجهة هذا الوضع غير المسبوق، حيث يتبنى شق الصقور نهجا صداميا، وفي المقابل تفضل حكومة حسن روحاني التعاطي بمرونة تاركة الباب مفتوحا أمام الحوار مع واشنطن.
وأكد قائد فيلق القدس الجناح العسكري الخارجي للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، أمس الأول، أن المحادثات مع الولايات المتحدة مستحيلة. ونقلت وكالة فارس عن سليماني قوله «الولايات المتحدة تريد إجبارنا على الدخول في حوار معها من خلال الضغط علينا اقتصاديا. إن أي مفاوضات بهذه الظروف تعتبر استسلاما وهو ما لن يحصل أبدا».

وعدت تصريحات سليماني تحذيرا مبطنا للرئيس روحاني الذي سبق وقال إن بلاده قد تجلس إلى طاولة المحادثات مع الولايات المتحدة في حال أوقفت الأخيرة ضغوطها على طهران.
وفي ظل سطوة الصقور على القرار الإيراني يخشى كثيرون في المنطقة من أن تعمد طهران إلى اتخاذ خطوات متهورة كإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي، الأمر الذي من شأنه أن يدخل المنطقة في متاهة يصعب الخروج منها.

ونقلت وكالة الأنباء الكويتية عن نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجارالله، قوله الأحد الماضي، إن الكويت تنظر بقلق إلى تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز وتتطلع دائما إلى أن ننأى بالمنطقة عن هذا التوتر.
وقال الجارالله معلقا على تهديد الحرس الثوري الإيراني بإغلاق المضيق «نحن ننظر بقلق إلى هذه التهديدات ونتطلع دائما إلى أن ننأى بمنطقتنا عن هذا التوتر وأن يسود العقل والحكمة والسلام في هذه المنطقة الحيوية من العالم».

وكان قائد القوات المسلحة الإيرانية، اللواء محمد باقري، قد لوح في وقت سابق بإمكانية إغلاق المضيق الحيوي الذي يمر عبره ثلث صادرات العام من النفط.
وقال باقري «إذا لم يعبر نفط إيران من مضيق هرمز فإن نفط الآخرين (دول الخليج) لن يعبر من المضيق»، مضيفا «هذا الأمر ليس بمعنى أنه لدينا نية بإغلاق المضيق، إلا إذا وصل عداء الأعداء إلى مكان لم يبق لنا فيه خيار غير ذلك».

ومضيق هرمز، ممر بحري ضيق بين إيران وسلطنة عُمان، يصل الخليج العربي بخليج عُمان من جهة، وبحر العرب بالمحيط الهندي من جهة أخرى، يبلغ عرضه الأقصى 50 كيلومترا بعمق 60 مترا، وعرض ممري الدخول والخروج فيه 10.5 كيلومتر فقط يمر من خلاله ما بين 20 و30 ناقلة نفط يوميا قادمة من السعودية التي تصدر حوالي 88 بالمئة من إنتاجها النفطي عبر المضيق ونسب أعلى لكل من العراق والإمارات، في حين تصدر الكويت وقطر كل نفطها عبر المضيق.

ويستوعب مضيق هرمز حركة النفط بحوالي 30 إلى 40 بالمئة من تجارة النفط عبر البحار في العالم بمعدل يزيد على 17 مليون برميل يوميا، ولا توجد بدائل متاحة عن المضيق لدول مجلس التعاون لدول الخليج والعراق لتصدير النفط من موانئ الكويت وقطر والبحرين وبعض الموانئ السعودية والعراق.
وتعد مياه مضيق هرمز في الخليج العربي «مياها دولية بامتياز، وأن أي تهديد بغلقه سيؤثر على الملاحة التجارية الدولية وليس فقط الإقليمية»، وفق تصريحات أدلى بها المتحدث باسم القيادة الوسطى الأميركية العقيد إيريل براون، الأربعاء 24 أبريل الجاري.

وتلتزم الولايات المتحدة والدول الحليفة بحماية حرية الملاحة البحرية ومسار القنوات المائية التجارية العالمية في المنطقة مع استعدادات لمواجهة أي تهديدات تتعرض لها حرية الملاحة الدولية.
ويقول مراقبون إن إيران تدرك أن اتخاذ قرار بإغلاق المضيق ستكون له تبعات خطيرة، ذلك أنه سيجعلها ليس فقط في مواجهة مع الولايات المتحدة ودول المنطقة بل ومع المجتمع الدولي بما في ذلك الدول الحليفة على غرار الصين التي ستكون أحد أكبر المتضررين من هذه الخطوة.

وتطلق إيران تهديدات مماثلة بين حين وآخر منذ العام 1980 تاريخ وقوع صدام بين القوات الأميركية والإيرانية، ولكنها منذ اتخاذ إدارة ترامب قرارها بالانسحاب من الاتفاق النووي وما استتبعه من قرارات تستهدف الضغط على إيران اقتصاديا صعدت الأخيرة في تهديداتها.
وتأتي التهديدات الإيرانية بإغلاق مضيق هرمز ضمن معادلة فحواها إذا أصرت الولايات المتحدة على منع دول العالم من شراء النفط، فإن الخيار الوحيد المتاح أمامها عدم السماح بمرور أي سفينة حاملة للنفط من أي بلد آخر.

وتعتقد إيران أن التهديد بإغلاق المضيق أو اتخاذ خطوة عملية أولية بهذا الاتجاه سيؤدي إلى اضطراب في سوق النفط العالمية وارتفاع في أسعار الطاقة في تلك الدول، وهو ما سيدفع الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى إجراء مفاوضات فورية مع إيران تقدم خلالها بعض التنازلات استجابة لمطالب إيرانية تتعلق بتخفيف العقوبات المفروضة عليها.
وفي مواجهة سياسات الولايات المتحدة، تستخدم إيران التهديد بإغلاق مضيق هرمز كوسيلة للضغط المضاد على الضغوط الأميركية.

عمليا يمكن لإيران إغلاق المضيق بكل سهولة من خلال زرع الألغام البحرية أو استخدام الزوارق السريعة التي يمتلكها الحرس الثوري وكذلك أعداد من السفن الحربية للقيام بدوريات في المياه على طول المضيق، لكن السؤال الأهم يتعلق بإمكانية الإبقاء على المضيق مغلقا لفترات طويلة مع تهديدات أميركية «جدية» برد عسكري على أي محاولة إيرانية لإغلاق المضيق.
ولا تبدو أي احتمالات واقعية لإقدام إيران على إغلاق المضيق، ذلك أن خطوة كهذه ستكون سببا في مشاكل وردود فعل قد تهدد بقاء النظام الذي يعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية داخلية. كما أن تهديدات إيران بإغلاق مضيق هرمز قد تشكل بداية لحرب إقليمية.

وألغت الولايات المتحدة، أمس الأول، جميع الإعفاءات على صادرات النفط الإيرانية مع التشديد على إجراءات عقابية سوف تتخذها اعتبارا من غد الخميس ضد الدول التي لا تلتزم بالقرار الأخير المعلن يوم الاثنين 22 أبريل.
وسيؤدي قرار الولايات المتحدة إلى توقف ثماني دول مشمولة بالإعفاءات الأميركية، هي الصين والهند وتركيا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وإيطاليا واليونان، عن شراء النفط الإيراني بعد انتهاء مدة الإعفاءات البالغة ستة أشهر.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى