الحروب مزقت الطفولة

ويشير تقرير صدر عن جامعة الدول العربية خلال شهر مارس الماضي بعنوان "عمالة الأطفال: دراسة نوعية وكمية"، إلى أن الأطفال في الدول العربية التي تشهد أعلى معدلات من الفقر يعملون لساعات طويلة، في حين تنخفض النسبة في الدول العربية ذات الاقتصادات الجيدة. ويرجح معدو التقرير أن الحروب والنزاعات ساهمت في انتشار ظاهرة التسرب المدرسي للانخراط في سوق العمل.
تعد عمالة الأطفال في المناطق الريفية الأعلى مقارنة مع عمالتهم في المدينة، إذ تغيب المقومات الرئيسية للعيش ويفتقر هؤلاء لحقوقهم الأساسية في التعليم واللعب، وهو مظهر من مظاهر غياب العدالة الاجتماعية.
ووفق تقرير الجامعة العربية، يرتكز عمل الأطفال في المنطقة العربية في القطاع الزراعي، ويليه قطاع الخدمات والصناعة. إذ يعمل في القطاع الزراعي أكثر من 70 في المائة من اليد العاملة ضمن الفئة العمرية 5 أعوام إلى 17 عاماً، وتصل نسبتهم في قطاع الصناعة إلى 12 في المائة تقريباً، ومن ثم قطاع الخدمات بنحو 17 في المائة.
وبحسب بيانات منظمة العمل الدولية لعام 2017، فإن أكثر من 85 في المائة من الأطفال في أفريقيا يعملون في القطاع الزراعي، في حين تصل النسبة في الدول العربية إلى 60 في المائة.
أما بالنسبة إلى القطاع الصناعي، فتصل نسبة عمالة الأطفال في أفريقيا إلى 3.7 في المائة مقارنة مع 12.4 في المائة في الدول العربية، أما في قطاع الخدمات ومنها الخدمة في المنازل، فتصل النسبة في أفريقيا إلى 11.2 في المائة، وترتفع في باقي الدول العربية إلى 27.4 في المائة، بحسب المنظمة.
ولا يختلف الوضع في اليمن، حيث ساهمت الحرب في تردي الأوضاع الاقتصادية، ورفع نسبة عمالة الأطفال، التي تصل إلى 13.6 في المائة للفئة العمرية من 4 إلى 15 عاماً، وإلى 34.8 في المائة للفئة الأكبر.
كذلك الأمر في كل من مصر والعراق، ففي مصر يعمل نحو 1.2 في المائة ضمن الفئة العمرية 4 إلى 15 عاماً، وترتفع النسبة إلى 13.5 في المائة ضمن فئة الأعمار من 15 إلى 17 عاماً، وفي العراق تصل النسبة إلى 4.9 في المائة في الفئات العمرية الصغيرة.
يعاني الأطفال العاملون في القطاع الزراعي وفق منظمة "يونيسف" من مشاكل صحية كثيرة، وتصاب نسبة كبيرة منهم بأنواع مختلفة من السرطانات، نتيجة استنشاق المبيدات الضارة.
ورصد برنامج UCW "فهم عمل الأطفال" (برنامج مشترك بين منظمة العمل الدولية ويونيسف والبنك الدولي) أنواع الأخطار التي يتعرض لها الأطفال العاملون في القطاع الزراعي، والتي تتفاوت حدتها من مشاكل تتعلق بالجهاز التنفسي إلى أمراض مزمنة وخطيرة، جراء استنشاق المواد الكيميائية والمبيدات والغبار، إضافة إلى مشاكل جسدية ومنها التقزم وغيرها نتيجة حمل الأثقال، والإصابة بالحمى نتيجة العمل لساعات تحت أشعة الشمس، ناهيك عن أمراض التيفوئيد وغيرها.
أعمال خطرة تنتهك التشريعات
وضع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان معايير ثابتة وأساسية لحماية الأطفال، كما سعت الحكومات حول العالم إلى تأمين التعليم المجاني خاصة للمرحلة الابتدائية، ومنعت الدساتير عمل الأطفال وتعريضهم للمخاطر الجسيمة.

ساعات عمل طويلة
يعتبر عدد ساعات العمل أحد المعايير الرئيسة والمحددة حين
يتعلق الأمر بعمالة الأطفال. وتنص توصية منظمة العمل الدولية رقم 146 على
توجيهات بشأن الحد الأدنى لسن الاستخدام، مع وجود تفاوت بعدد ساعات العمل
القصوى للأطفال بحسب البلدان. ووجدت أن الحد الأقصى بلغ 14 ساعة عمل في
الأسبوع للأطفال في الفئة العمرية 12-14 عاماً، و43 ساعة عمل في الأسبوع
للأكبر سناً.
وتظهر دراسة UCW، المستندة إلى تقديرات منظمة العمل أن
الأطفال العاملين في المنطقة العربية يعملون لساعات طويلة جداً، ووجدت أن
الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً يعملون بمعدل 44 ساعة
أسبوعياً في مصر، و38 ساعة في العراق، و41 ساعة في الأردن.