رضية إحسان الله

>
عبد الباري طاهر
عبد الباري طاهر
امرأة تملأ السمع والبصر والفؤاد. من أوائل النسوة المدافعات عن الحرية والاستقلال والحقوق. في أربعينيات القرن تصدت الشابة ابنة صاحب فندق إحسان في كريتر للإدارة البريطانية في عدن، وللقيم والتقاليد البالية، داعيةً إلى تحرر المرأة والمساواة والديمقراطية. كانت الأقرب إلى حزب البعث الاشتراكي ومن رموزه الكبيرة. لها علاقات ممتازة بالرموز الكبيرة مثل: محسن العيني، وعبدالله عبد المجيد الأصنج، وباسندوة. انخرطت في الحركة الوطنية والنقابية، وشاركت في التأسيس للحركة النسوية وفي التحضير للنضال السلمي الديمقراطي في عدن عبر توزيع المنشورات، وقيادة الإضرابات والمظاهرات، وتعرضت أكثر من مرة للاعتقال، وأضربت عن الطعام، وواصلت مشوار الكفاح الوطني. دعمت الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني إلى جانب رفيقاتها صافيناز خليفة، وفتحية عبدالله، وثريا منقوش، وفوزية جعفر، وأنيسة الصايغ، وفطوم علي أحمد الدالي، ونجوى مكاوي.. وعشرات غيرهن.

كانت رضية عنواناً كبيراً في الحركة الوطنية شمالاً وجنوباً، ومن الأصوات الداوية لعدة عقود. انتمت باكراً لحزب الشعب الاشتراكي، وهو الحزب اليساري الذي تأسس من الحركة النقابية العمالية ومن الجبهة الوطنية المتحدة والبعث، وكانت في قيادة الحزب منذ التأسيس.

يشير د.أحمد القصير، في كتابه (التحديث في اليمن)، إلى كوكبة من الفتيات تصدين للاحتلال البريطاني في طليعتهن رضية إحسان، وكُنّ يلِجن المساجد والنوادي والمجتمعات والبيوت للتوعية، وتوزيع منشورات المناضلين والفدائيين.
درست رضية إحسان المراحل الأساسية في عدن وفي سوريا، وحصلت على الثانوية العامة وذهبت إلى العراق للدراسة الجامعية في القانون، وفيما بعد الماجستير، وأذكر في آخر السبعينات، وكنا نعمل مع بعض في صحيفة «الثورة»، إنها تعرضت للمضايقة الأمنية، وقبيل سفرها للعراق للإعداد للدراسة العليا كانت هناك أوامر باعتقالها، ولكنها تخلصت بطريقة ذكية.

موهبة رضية الحقيقية اهتمامها الرائع بالدراسة الأكاديمية، فقد واصلت الدراسة في العراق، وحصلت على الماجستير من باكستان، ورغم الظروف المعيشية القاسية التي عاشتها بعد الاستقلال وتأميم فندق والدها الوحيد الذي كانت تديره، فقد واجهت الأمور بالصبر.

فالمناضلة الرائعة ربطت عميقاً بين العمل والكفاح الوطني والدفاع عن حقوق المرأة والإنسان، وكانت في طليعة الداعين لاتحاد نساء اليمن، ودافعت عن القضايا العربية والإنسانية.

كانت رضية في غاية الشجاعة واللياقة في مراحل حياتها المختلفة. بعد انتقالها إلى الشمال مطلع السبعينات عملت في صحيفة «الثورة» الرسمية في صنعاء، وكان لها تجربة في الصحافة العدنية، وحضورها قوي فيها، وتتسم مواقفها بالشجاعة والقدرة على الحوار والجدال الجاد. لها العديد من المؤلفات بعضها مطبوع والعديد منها لم يطبع، وقد أرسلت لي أثناء عملي في الهيئة العامة للكتاب بأكثر من كتاب، ولكن تعطل عمل الهيئة، والحالة القائمة أعاقت طباعتها، وكتاباتها الكثيرة في الصحف لم تجمع.

رضية إحسان الله واحدة من المناضلات العربيات الرائدات في السياسة والدفاع عن الحريات العامة والديمقراطية وحقوق الإنسان والمرأة.
فتحية لها ولأبناء جيلها الذين واللائي دفعن ودفعوا أغلى الأثمان من حياتهم وأمنهم واستقرارهم، ويواجهون المصير المجهول لوطن تمزقه الحرب، ويعبث بكيانه تجارها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى