تعاون مبكر بين تلفزيوني عدن وصنعاء.. تعرف على مكافأة فريق عدن الفني

> رصد/ أحمد محمود السلّامي

>
افتتح تلفزيون صنعاء (تلفزيون الجمهورية العربية اليمنية) قبل الوحدة، في 25 سبتمبر 1975م في عهد الرئيس الراحل المقدم إبراهيم الحمدي، الذي كان بينه وبين رئيس جنوب اليمن الشهيد سالم رُبيّع علي (سالمين) تقارُب كبير في الرؤى والمواقف نحو تحقيق وحدة شطري الوطن اليمني الكبير، وقد انعكس ذلك التقارب على مستوى العلاقة الأخوية في مجالات كثيرة أهمها الثقافة والإعلام.

شُيّد تلفزيون صنعاء على نفقة دولة الإمارات العربية المتحدة كهدية من الشيخ زايد مع التجهيزات وحوالي 15 خبيراً متعاقداً من السودان والأردن وباكستان ومصر، وكان الرئيس الحمدي يريد افتتاحه بمناسبة العيد الثالث عشر لثورة 26 سبتمبر، لكن الخبراء أبلغوه بأنهم لن يتمكنوا من ذلك بسبب عامل الوقت، وأن شهر ونيف قبل المناسبة لا يكفي للقيام بمثل هذه المهمة، لعل خطتهم كانت (إطالة مدة العقود للكسب المادي خاصة وأن المشروع بتمويل إماراتي).

اتصل المقدم الحمدي بالرئيس سالمين وطلب منه إرسال فريق مختص من تلفزيون عدن إلى صنعاء للتسريع بأعمال التجهيزات النهائية لافتتاح التلفزيون. أمر الرئيس سالمين وزارة الإعلام بعدن بإرسال الفريق المطلوب على وجه السرعة إلى صنعاء، وخلال أقل من أسبوع وصل الفريق جواً إلى صنعاء، ويتكوّن من: (علوي السقاف رئيس الفريق، مهندس الإرسال التلفزيوني سعيد محفوظ، مهندس الفيديو يونس أبوبكر بخاري، المخرج محسن يسلم، كبير المصورين وديع محمد عبدالله)، وفور وصولهم استقبلهم مدير مشروع التلفزيون محمد طاهر الخولاني، وطلبوا منه قبل أي حديث تمكينهم من المعاينة والاطلاع على التجهيزات التي قام بها فريق الخبراء الأجانب، في اليوم التالي زار الفريق المشروع الذي يقع فوق تبة في منطقة الحصبة وتعرفوا عن قرب على إمكانيات التسريع بالأعمال الفنية والهندسية، في عصر اليوم نفسه التقوا في بيت محمد طاهر الخولاني مدير المشروع بوزير الثقافة والإعلام أحمد قاسم دهمش، وأطلعوه على تقييمهم للموقف واستعدادهم لإنجاز المهمة قبل ميعادها، وحتى يتمكن الفريق من العمل بالشكل المطلوب اشترط عدم قيام الخبراء الأجانب بأي مهام في المشروع حتى يوم الافتتاح، وافق الوزير دهمش على كل طلباتهم، وفي اليوم نفسه باشروا عملهم بمعية المهندسين والفنيين المحليين من إذاعة صنعاء الذين تم تكليفهم بالعمل في المشروع، واستطاعوا جميعاً إنجاز المهمة على أكمل وجه بكفاءة يمنية 100 %، وقبل الافتتاح الرسمي بأسبوعين بدأ تلفزيون صنعاء البث التجريبي.

في يوم الخميس 25 سبتمبر 1975م افتتَحَ الرئيس إبراهيم الحمدي التلفزيون رسمياً، وكان حدثاً ثقافياً وإعلامياً كبيراً تشهده مدينة صنعاء. أول المذيعين الذين أطلوا من تلفزيون صنعاء في فترة الافتتاح وما بعدها، هم: فاتن اليوسفي، عبدالله شمسان، أمة العليم السوسوة، أحمد الذهباني، على صلاح، محمود الحاج، عبدالله الحرازي، مطهر تقي، علي العصري، عائدة الشرجبي، عقيل الصريمي.. وآخرون.

كُوفِئ أعضاء الفريق بزيارة استطلاعية إلى مدينتي الحديدة وتعز، وهدايا عبارة عن صندوق عنب أسود وخمسمائة ريال يمني لكل واحد.
تم تزويد التلفزيون الوليد بكثير من المواد والأغاني المحلية التي سجلت في تلفزيون عدن وفي مقدمتها أغاني الفنان أحمد السنيدار، وعلي عبدالله السمة، ومحمد حمود الحارثي، وأيوب طارش.. وغيرهم.

بعد مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي في 11 أكتوبر 1977م، ومقتل الرئيس سالمين في 26 يونيو 1978م، شُلت العلاقات بين قيادتي الشطرين وتعطلت كل المشاريع المشتركة؛ بل نشبت الحرب بينهما في فبراير/ مارس 1979م.
استؤنفت العلاقات الأخوية في الشطرين في عهد الرئيس علي ناصر محمد، الذي بادر بزيارة صنعاء في 13 يونيو 1980 للاتفاق على إحياء الحوار وإزالة أسباب التوتر والتنسيق في كافة المجالات وإنشاء شركة مشتركة للنقل البري والبحري، وعلى اللقاء الدوري بين الرئيسين مرة كل أربعة أشهر.

ومع هذا الانفراج تم مراجعة الخطاب الإعلامي بما يتواكب مع طبيعة المرحلة، وتبادل الشطران اليمنيان الزيارات الرسمية والإعلامية والثقافية، وكان تلفزيون عدن يبث العديد من الأخبار المتعلقة بنشاط قيادة الشطر الشمالي، ويسجل الكثير من الأغاني للفنانين والفرق الفنية الآتية من الشطر الشمالي من الوطن.

انتكست العلاقة مرة أخرى عام 1988م، ولكنها سرعان ما انفرجت على أوسع أبوابها، وأدى ذلك إلى توقيع اتفاقية الوحدة اليمنية. قبل الإعلان الرسمي لقيام دولة الوحدة في 22 مايو 1990م، ومنذ نهاية مارس من العام نفسه بدأ البث التلفزيون المشترك بين تلفزيوني صنعاء وعدن، خاصة نشرات الأخبار وبعض البرامج، وصادف في 28 مارس 1990م بداية شهر رمضان المبارك، حيث عَرضَ تلفزيون صنعاء الجزء الأول (ثلاثين حلقة) من المسلسل الكوميدي المحلي «دحباش» بطولة الممثل الكوميدي آدم سيف والفنانة نجيبة عبدالله، وكان تلفزيون عدن يرتبط مع تلفزيون صنعاء يومياً لبث المسلسل. وكان ذلك البث المشترك أو الارتباط يتم عبر خطي ميكروويف الأرضي Microwave، ينطلق من عدن عبر جبل الضبيات في الضالع إلى جبل العروس في تعز عبر جبل سُمارة وجبل يسلح إلى أن يصل الأثير إلى صنعاء، وبالعكس ينطلق الخط الآخر إلى تلفزيون عدن، وقد سمي هذا المشروع بمشروع الربط الوطني للاتصالات بتمويل من الاتحاد الدولي للاتصالات وتنفيذ خبراء من دولة المجر الصديقة.

بعد قيام دولة الوحدة (الجمهورية اليمنية) في 22 مايو 1990م، تغيّر اسم تلفزيون صنعاء إلى (القناة الأولى)، وتلفزيون عدن إلى (القناة الثانية)، ومن القناة الثانية غير اسمها إلى (قناة 22 مايو)، ومن ثم إلى (يمانية الفضائية)، واستقر بها الحال إلى (قناة عدن الفضائية) إلى أن أوقِفت عن العمل في مايو 2015م وتحول بثها من العاصمة السعودية الرياض، ونسخة مقلدة منها تبث من صنعاء، وكذلك هو حال قناة اليمن الفضائية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى