زمن الكذابين

> الكذب مهما طالت خيوطه لابد من يوم تنقطع فيه هذه الخيوط لتظهر الحقائق، وتتبدد الأكاذيب، ونحن للأسف في زمان كثر فيه الكذب لم نعد نعرف الصدق من الكذب، وذا شهر رمضان لا يجوز ولا يصح الكذب فيه.
الكذب في حياتنا أصبح ظاهرة طبيعية، حاجة عادية يمارسها الناس ببساطة ثم يصدقون كذبهم، أحد الأصدقاء كذب علي، أخبرني بأخبار غير صحيحة، كانت كاذبة ولما صدفةً قابلته، عاتبته ووجهت له اللوم أجابني بكل برودة وقال: «الكذب ملح الصدق»، البعض يكذب كنوع من التجميل أو ستر العيوب أو للوصول إلى مناصب أو مكاسب، ومن يقول الحقيقة إنسان غبي لا يعرف كيف يمشّي حاله، حتى المثل الشعبي يقول: «من يقول الحق يقع في الشق»، وللأسف يتسامح المجتمع مع أهل الكذب بعد أن اختفت قيم الصدق.

الكذب منتشر هذه الأيام بين طبقات المجتمع المختلفة حباً في المظاهر، ومنتشر في المهن: الطبيب يكذب على المريض، البائع يكذب على الزبون، الإعلام يكذب على المشاهد، حتى الأرصاد الجوية لا تقول الحقيقة، والمسألة وصلت للحكومة التي تقدم وعوداً كاذبة وتقارير غير صادقة، قد ترفع متوسط دخل الفرد وتبالغ في الانتصارات وتقلل من حجم الخسائر والهزائم ومن أكبر الأكاذيب التي نعيشها ما يحدث في المكاتب والدواوين في الأجهزة الحكومية وغيرها ولا تحدث، ما خفي أعظم، والكذب عندنا وعند أولاد العرب له أصوله، صعب كشفه لأنه مستمر لا يتوقف، يردد شعارات الحرية القومية الديمقراطية وكله كذب، والحقيقة الوحيدة أننا نعيش في أكذوبة كبرى اسمها «المساواة»، والبعض يمتهن النضال وهو دخيل على النضال، وهو في دهاليز الاغتراب والكثير من هذه الادعاءات الكاذبة.

يسأل أحد الأصدقاء: كم هي المساحة المتاحة للصدق ليأخذ موقعه في حياتنا اليومية؟ وأعاد صياغة السؤال: كم هي المساحة التي تزحزح عنها الكذب ليأخذ الصدق تمثيلاً مركزياً في حياتنا اليومية؟
ذلك الصديق تجرع مرارة أكاذيب الميكانيكي الذي أصلح له سيارته، ليسقط مرة أخرى في حبائل كذب السباك الذي أتلف شبكة المياه في منزله.

الكذب أصبح عادة عندنا حكومة وأهالي حتى إننا لم نعد نداعب بعضنا بكذبة أبريل كما جرت العادة في الماضي، لقد مر أول أبريل عندنا قبل أيام قليلة، ولم يخطر على بال أي مواطن أن يعاود إطلاق هذه الكذبة في أول شهر أبريل لأننا نكذب طوال السنة. بينما في المجتمع الغربي تكفي كذبة واحدة لكي تطيح برجل الدولة وتفقده مستقبله السياسي، ولهذا تصبح اليمين الدستورية التي يؤديها رجل الدولة عندنا في حاجة إلى تعديل جذري في القسم الذي يؤديه رجل الدولة أمام رئيس البلاد، وأن تضاف إليه صياغات جديدة بأنه لن يكذب على الشعب بالكلام ولا على رئيس الدولة بالأرقام، كما نلفت انتباه من يعنيه هذا الكلام «إننا في رمضان وعيب وحرام الكذب فيه».​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى