> بقلم:صالح شائف
وعلى الوجه الآخر من الغموض نرى بأن هناك دولا وأيضا قوى وتيارات وأحزابا سياسية مع اختلاف المساحات والمكانة واختلاف الأهداف ودرجة التأثير بينها وبين الدول؛ تتعمد الغموض (المطلق) ولا تفصح عن سياساتها ومواقفها بشكل علني، ولا تتبع أسلوب الخطاب السياسي الموجه في بعض القضايا والملفات الشائكة المنخرطة فيها أو المتفاعلة معها، أو أنها تفضل الدبلوماسية الهادئة، السري منها والمعلن، وفيها ومن خلالها يمكن أن تمارس الخطاب المزدوج واللغة المتعددة الدلالات والمعاني وبما يجعلها توصل موقفها وبأكثر من رسالة ولأكثر من جهة، حفاظا على مصالحها بدرجة رئيسية وعلى مصالح حلفائها الذين منحتهم الثقة وتخضعها لمزيد من التحقق والتقييم والمراجعة المستمرة.
وبالتالي، فإن الموقف من هكذا (خطاب) يحتاج للانتباه والتفاعل الحذر مع الأخذ بعين الاعتبار حقائق الواقع ومعطياته، مع ما يتطلبه ذلك أيضا وكما أشرنا أعلاه من اعتماد على التفاهمات والضمانات الموثوقة والموثقة بشكل ما، لأن الثقة هنا والنوايا الحسنة أو العواطف ليس لها مكان من الإعراب كما يقال في عالم السياسة والمصالح المتحركة وغير الثابتة والمتناقضة على الدوام، ووفقا لما تفرضه موازين القوى في مختلف الميادين وتجعل وتحوّل مما قد كان بالأمس متفقا عليه ومحل وئام وتفاهم وشراكة إلى ساحة للتنافر والخصومة والعداء، وهنا يتم اختبار الإرادة الواعية وتتجلى قدرة القراءة السياسية المعمقة وتبرز مواهب وقدرات القيادات المختلفة في تجسيد النهج السياسي النابع من الخط السياسي العام والرؤية البرنامجية الشاملة والملتزم بأهدافها النهائية مع ما تتطلبه المواقف التكتيكية من تغيير في الآليات والأساليب أو تفرضه الظروف مؤقتاً!