هذا ما كشفته أحداث شبوة

> صلاح السقلدي

>
صلاح السقلدي
صلاح السقلدي
مؤسف ما جرى في محافظة شبوة بالأيام الأخيرة من صدامات مسلحة، ولكنها في ذات الوقت كشفتْ لنا هذه الأحداث - على مرارتها ورفضنا لوقوعها - أموراً كثيرة تستحق تسليط الضوء عليها لأهميتها، منها أنها أسقطت أكاذيب الصراع المناطقي الجهوي بالجنوب التي شاهدناها تمطر على رؤوسنا بغزارة بالسنوات الأخيرة الماضية ،خصوصا أثناء الصدامات العسكرية التي جرت في عدن نهاية يناير 2018م حين عملت الماكنة الإعلامية المناهضة للقضية الجنوبية على استحضار الصراعات الجنوبية التي حدثتْ قبل الوحدة - وعلى وجه التحديد أحداث 86م - كمحاولة لإخراج جوهر الخلاف اليوم عن سياقه السياسي إلى سياق جهوي جنوبي.. فما زلنا نتذكر كيف أن ذلك الإعلام بكل مكائده وخبثه قد صوّرَ تلك الصدامات عام 2018م في أيامها الأولى على أنها صراعا بين انفصاليين وشرعية يمنية، وما أن انتهت تلك الصدامات على النحو الذي شاهدناه حتى تغير الخطاب الإعلامي إلى تصوير الأمور على أنها صراع جنوبي جنوبي، فإن كان الطرف الخاسر حينها قد حسم الموقف لصالحه لكان اسمه الشرعية، وفقا لمنطق ذلك الإعلام أقصد، ولكان الطرف الخاسر اسمه انفصاليا، أو بمعنى أوضح لكان الأمر تم تصوريه على أنه انتصارا مؤزراً للشرعية اليمنية ولمشروع الستة الأقاليم وهزيمة ماحقة للانفصالية - وربما هزيمة لإيران - أيضاً وليس صراعا جنوبيا جنوبيا كما انتهى إليه ذلك الخطاب!.

وعلى ما تقدم، فالصدامات العسكرية الجارية اليوم في شبوة هي حلقة متصلة من سلسلة طويلة من الخلافات بين مشاريع سياسية متصادمة لا علاقة للجغرافيا بها أبدا، قد تحدث في أي وقت وفي أي مكان بالجنوب طالما بقي الوضع يراوح مكانه من تغييب الحل السياسي للقضية الجنوبية والأزمة اليمنية برمتها، فالصراع المسلح بالساحة اليوم هو رجع لصوت مشروع سياسي، مثلها مثل ما جرى من صدامات عسكرية بعدن في يناير من 2018م بين قوات موالية للانتقالي الجنوبي وأخرى موالية للشرعية كان طرفيها هما: قوات تتبنى المشروع السياسي الجنوبي، وأخرى تتبنى المشروع السياسي اليمني الذي أصيغ قبل هذه الحرب “مخرجات حوار صنعاء”، حتى وإن كان جزء من العنصر الجنوبي موجودا ضمن القوات التي تتبنى مشروع الأقلمة. فهل هذا الصراع اليوم في شبوة له علاقة بأحداث يناير 86م؟ قطعاً لا. هل هو بين طرفي أحداث يناير أو بين أفراد من شبوة وأبين وبين أفراد من لحج؟ بالتأكيد لا. إذاً ماذا يعني هذا غير حقيقة واحدة هي أن الصراع بالجنوب اليوم لا علاقة له بالجهوية والمناطقة وإن حاولت بعض القوى أن تلبسه هذا الثوب المتسخ. ففي عدن حزام أمني جنوبي يقابله قوات تتبع الشرعية وعلي محسن، وفي شبوة قوات نخبة جنوبية يقابلها قوات للشرعية وعلي محسن، حتى وإن ضمت هذه الأخيرة أفرادا جنوبيين، إلّا أن العبرة بالمشروع السياسي الذي يتبناه هذا الجنوبي. كما أنه بالتأكيد ليس صراعاً طائفيا ولا فكريا كما يحاول بعض السُذّج تصويره ليخرجوا به القضية الجنوبية عن سياقها السياسي الوطني.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى