إذاعة الخير في المضاربة.. حلم شاب حوله إلى حقيقة

> تقرير/ محيي الدين الشوتري

> عشق الشاب سند عيسى هكي الإذاعة منذ أن كان برعماً، وحث خطاه في المضي لتحقيق حلما راوده منذ بكورة عمره حتى نجح في إنشاء إذاعة محلية تبث لمسقط رأسه منطقة ملبية وجوارها الرويس الواقعة شمال مديرية المضاربة بمحافظة لحج، وظلت هذه الإذاعة التي أوجدها الشاب سند هكي تقدم خلال ساعات بثها المسائي اليومي لثلاث ساعات العديد من القضايا التوعوية والإرشادية لسكان المنطقة، والتي أطلق عليها (إذاعة الخير) من خلال جهاز إرسال على الموجة FM بذبذبة مقدارها 92 ميجا هيرتز.
الإذاعة أحدثت تغييراً في الوعي المجتمعي
الإذاعة أحدثت تغييراً في الوعي المجتمعي

عشق منذ الصغر
وعن فكرة إنشاء الإذاعة يقول سند هكي: “منذ صغري وأنا أحب الهندسة وإصلاح الساعات والمسجلات والكثير من الأجهزة، وفي العام 2003م حاولت أعمل جهاز بث من خلال عمل دائرة كهربائية وهوائي إرسال، ونجحت في العمل، ثم دشنا الإذاعة من خلال تقديم الدروس والمحاضرات ونقل المباريات الشعبية في المنطقة وبث الإعلانات ومساهمات المستمعين وبث مجلات إسلامية من القرى المختلفة في منطقة ملبية من خلال التسجيل عبر الشريط (الكاسيت)، واستمر العمل في الإذاعة، ويومها كانت المنطقة ينقصها الخدمات الرئيسة بما فيها الهاتف لم يكن موجوداً حينها والكهرباء لم تكن موجودة، إضافة إلى التلفزيونات لم تكن متوفرة بكثرة في تلك الفترة، وكان إقبال الناس في الغالب على الإذاعة”.
بدأت بثها عام 2003م وتغطي مساحة تتجاوز الـ 10 كيلومترات
بدأت بثها عام 2003م وتغطي مساحة تتجاوز الـ 10 كيلومترات

تغيير في الوعي
يشعر سند عيسى هيكي برضى بما حققته الإذاعة من إحداث تغيير في الوعي المجتمعي لكثير من المفاهيم المغلوطة للمناطق المجاورة للإذاعة، ويضيف في سياق حديثه لـ “الأيام”: “توقفنا لغرض التطوير ونقلها لمكان مرتفع وإحداث بعض التغييرات الملائمة مع توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية ووجود التلفاز والهاتف السيار وظهور مواقع التواصل الاجتماعي الجديدة، لكن ما تزال فكرة التطوير في ذاكرتي لتحقيق كثير من الأهداف التي نسعى لتحقيقها وغرسها في المجتمع المحلي، وعلى رأسها خلق وعي مجتمعي بمكافحة تعاطي شجرة القات؛ كونه يعد سبباً في الكثير من المشاكل التي يُعاني منها المجتمع”.

تحويل الفكرة لواقع
نجح الشاب في تحويل فكرة حلم بها منذ صغره وحولها لواقع معاش من خلال أجهزة صغيرة وعادية وأجهزة بث تقليدية دون وجود أي داعم سوى العشق لتقديم خدمة مجتمعية عبر هذه الإذاعة الصغيرة، ووفقا لهكي فقد كان مشاركاً ومتابعاً للعديد من الإذاعات، ولا تزال حتى اللحظة وسيلته الوحيدة التي يتلقى منها الأخبار كما كتب خلال مسيرته العديد من المساهمات في الصحف والمجلات ومنها صحيفة الجمهورية بتعز، كما ساهم في إذاعة صوت الشرعية التي تبث من داخل السعودية.

إبداع رغم المعاناة
ظلت إذاعة الخير على مدى سنوات من تقديمها لرسالتها الاتصالية في مجتمع لمنطقته ومنطقة مجاورة بمساحة تجاوز العشر كيلومترات كمصدر للكثير من السكان للعمل التوعوي للكثير من العادات السيئة في المنطقة، كما أسهمت بنقل الكثير من النشاطات والفعاليات العلمية والرياضية الشعبية في المنطقة بإمكانات متواضعة جدا، لكن الإصرار والإرادة لدى القائمين عليها أوجد منها واقعا معاشا ليبرهن مدى الكفاح المرير الذي يخطه الكثير من الشباب في هذه المناطق في طريق هزيمة الواقع المر الذي يتجرعونه، لكنها معاناة كعادتها تولد إبداعا بأقل الإمكانات والظروف.

إصرار وعزيمة
وعلى الرغم من التعثر والتوقف الذي واجه الإذاعة ما يزال سند عيسى هكي يحذوه الأمل بتطوير إذاعته المحلية لتقوم بدورها التوعوي في المنطقة، ومكّنه من تجاوز جزءاً من معضلة غياب الدعم الفني للإذاعة، الدعم والإشادة الشعبية الذي تحصلت عليه الإذاعة والذي جعل من صداها أثراً يذكر حتى اليوم.
ووفقا لمدير الإذاعة الذي كان يقوم من خلالها تقديم معظم الوقت، فإن رغبته في إحداث التغيير والتوعية في قريته لن يتوقف، مشيراً إلى أنه أنشأ مؤخراً مجموعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمكافحة القات الذي تفشى في المنطقة بين مختلف الفئات والأعمار من أجل حث الناس على ترك مضغه والتذكير بآثاره السلبية اقتصادياً واجتماعياً على السكان الذين يعاني معظمهم وضعاً اقتصادياً صعباً، وما ينفقونه في سبيله من أموال وبشكل مستمر على حساب حاجات الأسرة، ويذكر أن منطقة ملبية التي تبث منها الإذاعة تعد من أكثر مناطق مديرية المضاربة ورأس العارة بلحج من حيث الكثافة السكانية، كما تواجه العديد من المصاعب والقضايا المجتمعية، الذي جعل من وجود الإذاعة أمراً لابد منه لخلق وعي مجتمعي بمختلف القضايا التي تهم المنطقة، وعلى مدى السنوات الماضية شهدت منطقة ملبية شمال مديرية المضاربة بمحافظة لحج ثورة مجتمعية علمية ورياضية  كبيرة، الأمر الذي جعلها كأحد أبرز المناطق النشطة في عموم الصبيحة، غير أن التهميش الذي تُعاني منه المنطقة والمناطق المجاورة أصاب الكثير من سكان تلك المناطق بالإحباط وخلق حالة من التذمر بين سكانها رغم الإبداعات الكثيرة والنجاحات لسكان تلك المناطق في مختلف المناطق، وعلى الرغم من العوائق التي تواجه سكان هذه المناطق يبدي الكثير من شبابها على العزم والإصرار في تحقيق تطلعاتهم ولو بأقل الإمكانيات والأشياء المتوفرة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى