منتزهات وحدائق الحديدة.. قبلة الحوثيين لاستقطاب الشباب والترويج لأفكارهم الطائفية

> تقرير/ خاص

> كانت "حديقة الشعب" تمثل آخر منتزه تقصده الأسر وأطفالها في محافظة الحديدة بعد أن دمرت الحرب الدائرة فيها كل ما هو جميل فيها، غير أن جماعة الحوثي الانقلابية استغلت توافد المواطنين إليه بشكل يومي وبأعداد كبيرة لنشر أفكارها الطائفية عبر مكبرات الصوت والشاشات واستقطاب الشباب لجبهات القتال، الأمر الذي بات يضايق العوائل وصادر عنها الشعور بالراحة والاستمتاع بأجواء الحديقة الهادئة والجميلة التي اعتادوا عليها فيما مضى.

منذ اندلاع الحرب في البلاد مطلع العام 2015م لقيت المنشآت الصحية والتعليمية والخدمية في المحافظة نصيباً كبيراً من الدمار والخراب، وهو ما أحرم السكان من أبسط مقومات الحياة.
مواطنون: المليشيات حولت بعض المنتزهات لمعسكرات وأخرى لنشر عقيدتها
مواطنون: المليشيات حولت بعض المنتزهات لمعسكرات وأخرى لنشر عقيدتها

مصادرة لمتعة الأطفال
الطفلة كفى عبدالحكيم (سبعة أعوام)، اتخذت حوش منزلها مكاناً للعب هي صديقتيها نسرين وسمية، لعدم وجود مكاناً آمناً، وحرمت من الذهاب للبحر الذي اعتادت عليه، كما تقول، وتضيف: "زمان كنا نروح البحر نلعب، أما الآن أمي قالت هنا نلعب، لأن البحر ملغم بنموت لو رحنا".
الساحل الممتد على طول المدينة بات مزروعاً بالألغام، والمنتزهات المتراصة عليه منها ما دُمر ومنها ما صار مهجوراً بعد تحذيرات من الذهاب إليها، كما أن الطرق المؤدية إليها مليئة بالحفريات والمتارس، فيما تحول بعض المنتزهات لمكان أمن للدبابات والقناصة خصوصاً الكثة منها بالأشجار.

يقول الحاج سعيد سنان (سبعيني العمر): "كنت أذهب إلى البحر يومياً، وكان الساحل متنفساً لي ولكثير من سكان الحديدة وأبناء المحافظات المجاورة لاسيما في الصيف، حيث كان الجميع يحرصون على الاستمتاع بساعة الغروب فيه ومنجاة البحر، حتى جاء الحرب ودمر كل ما كان يسعدنا".
ويقضي سعيد وقته أمام منزله أو عربته على أمل أن يشد الحرب رحاله؛ ليعود هو وسكان المدينة للشاطئ.

أما القرار بالذهاب إلى الشاطئ في الوقت الحالي يعد مغامرة واجتياز مئات الحواجز والحفريات المزروعة بالألغام، وقد يصل حياً ولكن الأرجح وشبه المؤكد أنه سيصل أشلاء متناثرة.

تحول الحدائق لمهرجانات
والمنتزهات التي سلمت من الحرب والألغام أصبحت أشبه بمعسكر ترتص فيها الدبابات والمدافع مع انتشار كبير للمسلحين، مع انعدام للتيار الكهربائي بعد انقطاعه عن المدينة منذ أربع سنوات، أو استغلت من قِبل الجماعة الانقلابية لنشر أفكارها الطائفية على زوارها كما هو الحال في حديقة "الشعب" الموجودة وسط المدينة، المتنفس الوحيد أمام المواطنين وأطفالهم، حيث باتت مكاناً لمهرجانات الحوثيين ولبث أفكارهم ولعرض صور قتلاهم.

توافد الآلاف من سكان الحديدة إليها في كل يوم جعل الانقلابين يجدون فيها فرصة لنشر ثقافتهم والدعوة للقتال في صفوفهم ناهيك عن الزوامل التي لا تسكت إلا في ساعات متأخرة من الليل.
تقول أم مصطفى: "والله كل ما أجي الحديقة أروح البيت ورأسي مصدع بينفجر من الزوامل وضجة الميكرفونات التي يبثوا عبرها كل ما ينشر في قنواتهم وإذاعاتهم".

ويضيف سامي محمد (عشريني): "هذه مش حديقة هذه ساحة معركة.. قده ما معنا إلا ذي الحديقة نجي نغير جو نحصل المهرجانات والصرخات وكأني أحارب مش أتنزه".
فيما تمنت فاطمة سالم، طالبة جامعية، أن تجد مكاناً هادئاً ينسينها الحرب والوضع المتردي الذي تمر به المدينة.

حديقة "الحديدة لآند" أكبر المنتزهات وأوسعها داخل المدينة حولتها المليشيا إلى مستودع للأسلحة بأنواعها، توقفت على إثرها اللعاب وأتلفت المساحة الخضراء فيها بإطارات الدبابات وأقدام المسلحين، كما امتلأت أرصفتها بالأوساخ والنفايات.
منتزه "أرض الأحلام السياحي" كان مزوداً بالألعاب التي يفتقرها أي منتزه آخر في المدينة، تعطلت الحياة فيه أيضاً نتيجة لموقعه المطل على الميناء المتصارع عليه.

يقول طه قائد الذي كان بائعاً أمام بوابته: "أغلق المنتزه منذ بدأت الحرب لكون موقعه مشرفاً على الميناء ولقربه من الكلية البحرية، ولهذا ماتت الحياة فيه وسكتت أصوات الألعاب وضحكات الأطفال حتى رائحة البطاطا غادرات المكان".
أما منتزه "الربيع السياحي" القريب من منطقة الكثيب بات الطريق إليه مزروعاً بالألغام والحفريات كغيره من المنتزهات المطلة على البحر.

الحرمان من النوم
منذ يونيو الماضي وأجواء الحديدة متوترة، وأصوات الاشتباكات والمدافع تملأ الأجواء في المحافظة لاسيما في المساء، فيما يكثف الحوثيون التعبئة والتحريض من خلال أجهزة: الشاشات، والسماعات، المنتشرة في الشوارع الرئيسية والجولات بكثرة يتم من خلالها بث نشرات الأخبار من قنواتهم وإذاعاتهم، وكذا برامج تحريضية ضد ما يسمونه العدوان والمرتزقة.

وعبّر العديد من السكان في المحافظة لـ "الأيام" عن انزعاجهم من الأساليب التي تتبعها الجماعة الانقلابية في نقل ونشر أفكارهم وبأصوات مرتفعة حتى الساعات المتأخرة من الليل.
تقول المواطنة سكينة: "ما نقدر ننام ولا نهدأ.. سماعات وميكرفونات في الشوارع ومكبرات صوت في سيارات تتجول في شوارع المدينة طول اليوم والليل تردد الزوامل والتكبيرات".

وأوضح المواطن محمد مكي، أن السكان باتوا لا يستطيعون النوم في النهار من شدة الحرارة، وفي الليل من مكبرات الصوت والشاشات التي لا تسكت حتى في ساعات متأخرة من الليل.
وكانت الحديدة قد شهدت منذ شهور عودة للحياة، ورجوعاً لبعض من الأسر النازحة، غير أنه منذ فترة بدأت الأجواء تنذر بتجدد المعارك، إذ بدأت جماعة الحوثي بحشد مزيد من عناصرها، مع نصب العديد من الحواجز والمتارس.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى