في الحديدة.. مواطنون يكافحون من أجل البقاء

> تقرير/ خاص

> يكتفون بوجبة واحدة ولا يستطيعون علاج أطفالهم
دفعت الأوضاع الإنسانية القاسية بالسواد الأعظم من أبناء البلاد إلى مربع المعاناة المشحون بشظف العيش والعوز والفاقة، وبات الكثير من المواطنين يكافحون من أجل البقاء وحسب، بعد أن تسببت الحرب التي دخلت عامها الخامس بتدهور الاقتصاد وتدمير وتوقف العديد من المنشآت الصناعية وتسريح عشرات آلاف من الموظفين، وقد لجأ بعضهم لامتهان أشغال تتعارض مع تخصصاته وتتناسب مع ظروف وطبيعة المكان الذي يعيش فيه؛ لتوفير ولو جزء بسيط من متطلبات الحياة اليومية.

في محافظة الحديدة تزدهر في فصل الصيف التجارة بالثلج والماء البارد لدى الكثير من السكان بما فيهم النساء نتيجة لارتفاع درجة الحرارة وتزايد الإقبال عليه، وفي فصل الشتاء يلجأ بضعهم إلى بيع الشاي وغيره من المبيعات المناسبة والتي تضمن لهم دخلاً مقبولاً لهم ولأفراد أسرهم.
إبراهيم قاسم الشرعبي عاش منذ طفولته في مدينة عدن وعمل مع إخوانه وأصدقائه في بيع الشاي من أجل إعالة أسرهم في الريف.

عمل إبراهيم طباخاً في أحد المرافق الحكومية إضافة إلى بيع الشاي منذ 97م حتى عام 2015م، بعد ذلك تحولت حياته لجحيم بعد احتلال ميليشيات الحوثي للمدينة وغيرها من المحافظات الجنوبية قبل أن يتم تحريرها.
أثناء الحرب نزح الآلاف من سكان المدينة غير أن إبراهيم وأشقاءه صمدوا من أجل رزقهم ولكنهم أجبروا بعد التحرير على المغادرة والعودة إلى مدينة تعز نتيجة للمضايقات التي تعرض لها من قبل البعض، وفيها عمل مع أحد تجار المواد الغذائية لمدة عامين اثنين، يقول الشرعبي في حديثه لـ«الأيام»: "كانت تعز مريحة ولكن لقلة الدخل كنت أخجل من زيارة أسرتي وفضلت في البدء أبقى في المدينة قبل أن أقرر السفر إلى محافظة الحديدة وأشوف حظي فيها".

وضع معيشي صعب
بدأ الشرعبي العمل في الحديدة ببيع الماء لفترة ومن ثم التحقت به زوجته وأطفاله بعد أن حصل على بيت صغير بالإيجار مكون من غرفة وحمام من الزنج وممر صغير جعلت منه الزوجة مطبخا، وتجد الأسرة صعوبة بالانتقال لمنزل أفضل؛ لعجزها عن توفير قيمة الإيجار المرتفع.
وساعد أحد الأصدقاء إبراهيم خلال الفترة الماضية في سداد إيجار المنزل لأشهر كثيرة، فيما أعانه الجيران على توفير بعض المواد الغذائية والاستهلاكية.

وتعيش الأسرة في ظلام دامس متحملة الحر الشديد، لعدم مقدرتهم على شراء لوح شمسي ومروحة لاسيما أن دخله اليومي لا يتجاوز  ألف ريال، حسب قول الأب، منها دفع إيجار وتوفير مصاريف الأسرة واحتياجات الأطفال الأربعة.
تشير الأم في حديثها لـ«الأيام» إلى أنه في حال مرض زوجها لا يستطيعون توفير من الطعام إلا وجبة فقط، مع الحرمان من شربة ماء باردة.

تقول جارتهم سوسن علي إنها تبحث دائماً عن مساعدات للأسرة لكون ظروفها قاسية للغاية وتجد صعوبة في الحصول على المساعدات بسهولة.
تضيف: "ينام الأطفال على لحاف مهترئ وبدون مروحة وفي الظلام.. وضعهم يدمي القلب".

البداية من الصفر
كان إبراهيم الشرعبي في بداية عمله في الحديدة يجهز الشاي في منزله ومن ثم ينطلق إلى السوق حيث زبائنه، ولكن بسبب الاستهلاك الكبير للغاز المنزلي والذي يتحصل عليه بصعوبة قرر وضع موقد له في إحدى الجولات بوسط السوق يعمل بالفحم، وبدأ يبيع الشاي للمحلات المجاورة فقط، ولكن كون دخله اليومي لا يسد احتياجاته قرر استئجار عربية هوائية والتجول بها لمسافات بعيدة حاملاً فيها كل أدواته الخاصة وقد تحسن دخله أكثر وظل لفترة حتى احتاج صديقه لدراجته.
موضع تحضير الشاي
موضع تحضير الشاي

لم يستسلم الشرعبي للظروف حينها وأنشأ له موقدا جديدا بجانب إحدى البقالات وبيع الشاي من خلال التجول مشياً على الأقدام في شوارع المدينة، وظل على هذا الحال حتى اشترى له أحد أصدقائه عربية هوائية وعاد للعمل بها.
تقول زوجته: "أطفالي بلا ملابس جديدة وما عليهم تحصلوا عليه صدقة من رجال الخير.. وإذا مرض أحدهم لا نقدر على معالجته".
الدراجة التي يعمل عليها
الدراجة التي يعمل عليها
عيد بلا أضحية
تعيش أسرة إبراهيم في عيدي الفطر والأضحى أوضاعا استثنائية خصوصا مع ارتفاع غلاء المعيشة وتدهور الوضع المادي.
يقول الأب إنه يجد في كل عام صعوبة بالغة في شراء ملابس العيد لأطفاله وتوفير كل ما تحتاجه الأسرة في هذه المناسبة.

ويضيف لـ«الأيام»: "كثير من المواطنين يسافرون ويغلقون محلاتهم وهو ما يتسبب بضعف الشغل والحركة وبالتالي حرماني أنا وأطفالي من تناول الغذاء إلا وجبة واحدة وهي غير كافية".
 ينتظر الأطفال كل عيد فاعل خير يطرق بابهم وبيده ملابس جديدة وإن كانت رخيصة ففرحة العيد عند الأطفال ثمينة ولو بالشيء البسيط.

تقول الأم: "خلال الأعوام الماضية كان الجيران يأتون إلينا بلحمة في العيد ولكن عيد هذا العام لم نتحصل على شيء بسبب نزوحهم وأكتفينا بشراء نصف دجاجة فقط".​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى