معركة شبوة لا تقبل مواقف الحياد

> حافظ الشجيفي

>
يعتريني شعور بالغضب الشديد ويداهمني إحساس بالغ بـ "الاستياء يصل إلى حد القرف عندما أسمع بعضاً من الجنوبيين يدعون إلى الموضوعية والحياد والوسطية حين يكون الصراع ناشباً بين ظالم ومظلوم أو بين ضحية وجلاد أو بين قاتل ومقتول أو بين حق وباطل أو ثائر ومحتل أو ذابح ومذبوح أو بين مخلص وخائن أو بين من يطالب بالحرية والكرامة ومن يدوس على الحريات والكرامات ويمسح بها الأرض.

وكم يتلبسني الشؤم وينتابني الاشمئزاز حين أواجه شخصاً لا يعرف في أي موضع يقف أو مترددا في اتخاذ موقف صريح وواضح لصالح المظلومين والمذبوحين بحجة أن دم هذا على هذا حرام وأنه لم يتأكد بعد من هوية الجاني والمجني عليه رغم وضوح الرؤية وجلاء الحقيقة كالشمس أمام عينيه..
ولا أدري لماذا تثور ثائرة بعض المتشدقين بالحيادية والموضوعية عندما ننحاز. في مواقفنا إلى جانب شعبنا المقاوم وقضيته العادلة ضد الظلم والقهر والفقر والاضطهاد هل يعقل أن نطالب بالحيادية والموضوعية في معارك أخلاقية ووطنية مصيرية عظيمة الباطل فيها جلي والحق أجلى؟ لا أدري لماذا ينزعج البعض من مجرد الوقوف إلى جانب المذبوحين والمعذبين بحجة الموضوعية والحيادية أو بحجة أن دم هذا على هذا حرام.

من الخطأ الشديد أن يتشدق المرء بالموضوعية والحيادية في معارك لا تقبل التذبذب والحياد، وعلى كل من يمتلك ذرة من إنسانية وذرة من وطنية وذرة من مبادئ أن يختار الجانب الصحيح فورا دون أدنى تردد، وأن ينحاز للشعب الجنوبي ومقاومته الباسلة وأهدافه وإرادته وتطلعاته في معركته المصيرية التي يقودها الانتقالي مع قوى الشر والفساد حتى لو كان في مكون جنوبي آخر على خلاف مع الانتقالي.

كل من يتحجج بالموضوعية والحيادية في المعارك الأخلاقية الكبرى كمعارك التحرير والاستقلال هو في الجانب الخطأ بقصد منه أو بغير قصد.
كم كان مارتن لوثر كنج محقا وموفقا عندما قال: "إن أسوأ مكان في الجحيم محجوز لهؤلاء الذين يقفون على الحياد في أوقات المعارك الأخلاقية العظيمة وأن المصيبة ليست في ظلم الأشرار وإنما في صمت وحياد الأخيار". ومثله اينشتاين أيضا عندما قال: "لا شك أن الأشرار في العالم يشكلون خطرا إلا أن الخطر الأعظم يكمن في الأخيار الذين يقفون محايدين حيال ذلك الشر". وفي الأثر المتواتر عن الأجيال المتعاقبة يقولون إن "الساكت عن الحق شيطان أخرس". فكيف من يقف ضده بحجة الحيادية أو بحجة أن دم أحدهم على أحدهم حرام حتى وإن كان أحدهم ينكل بالآخر ويقف ضد إرادته ويتآمر على تضحياته ويحرمه من أبسط حقوقه ويحاربه في رزقه وفي أكله وشربه وقوت أولاده؟!..

إن الوقوف على الحياد في معركة كهذه التي تخوضها مقاومتنا الجنوبية في شبوة اليوم لهو وقوف صريح إلى جانب الباطل ضد الحق، فالحياد في مواقف وطنية كهذه هو تواطؤ مع المعتدي والمحتل والعابث. ونحن نقول أيضا إن الوقوف على الحياد في معارك التحرير ليس حيادا؛ بل هو موقف سياسي بامتياز ضد إرادة الشعب الجنوبي وتطلعاته.

ما أحقر أولئك الذين يكتبون عن فوائد البطيخ ومضار الشيشة على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي بينما لا يحركون ساكنا حيال إخوانهم وهم يستشهدون في معارك المجد والحرية والكرامة والتضحية والاستقلال بحجة أن دم الجنوبي على الجنوبي حرام..  
الموقف الأخلاقي الحقيقي يتمثل في الوقوف مع العدل ضد الظلم الواضح ومع الحرية ضد الاستبداد البين ومع الاستقلال ضد الاحتلال، فمتى يدرك الواقفون على الحياد أنه لا يوجد قيمة لموقف الحياد في القضايا الوطنية المصيرية الكبرى إلا لصالح الظالمين والمحتلين والعابثين والفاسدين والمرتزقة وسارقي أحلام الشعوب؟!..​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى