الحديدة.. مناهج تعليمية مفخخة بأفكار عقائدية وطلاب مهددون بالتجنيد عنوة

> تقرير/ خاص

> أولياء أمور: حرم أبناؤنا من التعليم منذ اندلاع الحرب
فتحت مدارس محافظة الحديدة أبواها أمام التلاميذ والطلاب للعام الدراسي الجديد، في ظل تردٍ كبير لقطاع التعليم بسبب الحرب التي دخلت عامها الخامس.
وحرم خلال السنين الماضية الكثير من الطلاب والطالبات المرحلتين الأساسية والثانوية، نتيجة النزوح وتدمير عشرات المدارس وتشريد المعلمين.

ودعت منظمة "اليونيسيف" في تقرير لها جميع أطراف النزاع إلى وقف القتال على الفور والامتناع عن الأنشطة العسكرية داخل وحول المدارس في الحديدة وإبقاء الطلاب والمعلمين وغيرهم من العاملين في مجال التعليم بعيدين عن القتل والملاحقة ومنح التعليم حريته، غير أن الدعوة لم تلقَ أي استجابة في المناطق التي تخضع لسيطرة قوات الحوثي الانقلابية، والتي حولت المدارس لثكنات عسكرية تعرضت على إثرها إلى قصف من قِبل طيران التحالف، وأخرى ما تزال بعضها حتى الوقت الحاضر مخازن للأسلحة، فيما تحولت المدارس الواقعة في المناطق المحررة إلى مأوى للنازحين الفارين من المديريات التي ما تزال رحى الحرب دائرة فيها.

الطالبة سلمى (14 عاما) حرمت من مواصلة التعليم، نتيجة لتدمير المدرسة التي تتعلم فيها في إحدى القرى التابعة لمديرية التحيتا بسبب القذائف.
تقول سلمى في حدثها لـ "الأيام" إن والدها عجز عن تدريسها في مدرسة أخرى بسبب الفقر بعد أن دُمرت المدرسة الوحيدة في منطقتها وبعد المدارس الأخرى.

عملية تعليم متردية
العملية التعليمية في الحديدة ليست على ما يرام، حيث انقطعت رواتب لمعلمين واعتقل البعض وآخرون ما يزالون يقبعون في السجون ومن عاد إلى أهله عاد جثة هامدة، وهناك من فر ونزح إلى مناطق آمنة، بحثاً عن الاستقرار ولقمة العيش.
وبات من يداوم في الوقت الحالي في المدارس المتبقية بالمدينة هم من خريجي الثانوية والجامعيين الذين لم يجدوا فرص عمل واكتفوا بالتدريس مجانا، نتيجة للفراغ الذي تركه المعلمون الأساسيون.

ويشير سكان محليون في أحاديث متفرقة لـ "الأيام" إلى أن النقص الكبير في كمية المناهج الدراسية يعد من أبرز المشكلات في القطاع التربوي منذ اندلعت الحرب في المحافظة، مرجعين الأمر إلى تردي عملية طباعة الكتب ونهبها ومن ثم بيعها في السوق السوداء.
وبسحب أولياء أمور، فقد وصل سعر الكتاب الواحد في المرحلة الابتدائية إلى ثمانمائة ريال، مطالبين في السياق من الجهات المسؤولة بضرورة فرض رقابة على توزيع المناهج الدراسية للمراكز التعليمية ومحاسبة من يتاجرون بحقوق الطلاب في السوق.

فيما أوضح آخرون أن أغلب الكتب يتم بيعها للمدارس الخاصة بمبالغ زهيدة ولتي شهدت المدينة افتتاح الكثير منها خلال السنوات الأخيرة.
وأكدت أم ماجد عجزها عن توفير كتب لأبنائها، بعد أن اكتفت المدرسة بتسليمهم أربعة مناهج دراسية فقط.

وتضيف: "لم أستطع شراء أي من الكتب بسبب الفقر الذي نعاني منه وارتفاع قيمتها التي تفوق قدرتنا المالية بكثير".

ارتفاع أسعار المستلزمات المدرسية
"الدفتر أبو مائة ورقة بمئتي ريال والحقيبة المدرسية بثلاثة آلاف ريال، فكيف بنقدر ندرس عيالنا، وأزواجنا بلا عمل؟!". بهذه العبارة لخصت زهرة، ربت بيت، الواقع الذي وصلت إليه هي وأسرتها.
وتضيف زهرة، وهي أم لثلاثة أبناء: "يعمل زوجي فراشاً في أحد المستشفيات الخاصة براتب لا يزيد عن ثلاثين ألف ريال، ولا يكفي لتوفير الاحتياجات الضرورية للمعيشة.. ولهذا أصبح ذهاب الطالب للمدرسة هذا العام شبه مستحيل".

ويؤكد المواطن عبدالله حمود ما أشارت له زهرة بالقول: "الأغنياء وحدهم من سيتمكنون من تدريس أبنائهم هذه السنة أما أبناء الفقراء فمحرّم عليهم".
ويتابع حديثه لـ "الأيام": "أعرف أسرا كثيرة حرمت من تعليم أطفالها منذ اندلعت الحرب في المحافظة إما بسبب المعارك أو الفقر".

وأعاد تجار في المدينة سبب ارتفاع أسعار الدفاتر والكتب والزي المدرسي وغيرها من المستلزمات الدراسية إلى الحرب وتدهور حركة الميناء وتردي استيراد بعض المواد وقطع الطرق بين المحافظات وطول المسافة، إضافة إلى الضرائب وارتفاع إيجارات المحال التجارية.

فيما تقول مديرة مدرسة، طلبت عدم ذكر اسمها: "اختل نظام المدارس بسبب الحرب وما خلفته من دمار.. فأصبح الطالب يلبس أي ثوب ولا يعاقب في حال تأخره عن الدوام، لاسيما الطلاب الذين فقدوا مدارسهم وباتوا يقطعون مسافات طويلة للوصول لهذه المدرسة، وفي المجمل حال الطلاب متدهور بشكل كبير بسبب اتساع رقعة الفقر جراء الحرب".

وتتابع: "ازدحام المدرسة بالطلاب النازحين من مناطق القتال أحدث نقصاً في المناهج الدراسية والكراسي والفصول كذلك".

اقتحام المدارس لتجنيد الطلاب
"معاناة القطاع التربوي في المحافظة لم يقتصر على النقص في الكادر التعليمي وكمية المنهج والكراسي والفصول التعليمية وحسب، بل وصل إلى عمليات مداهمات وتجنيد عنوة للطلاب من قبل جماعة الحوثي الانقلابية"، كما تقول إحدى المعلمات في المدينة.

وتضيف لـ "الأيام": "في أحد الأيام الدراسية حضر طقم وعلى متنه أربعة من مسلحي الحوثي وطالبونا بإخراج الطلاب من هم بسن 14 عاما وما فوق لتجنيدهم والقتال في صفوفهم، وحينما حاولنا منعهم والتعذر لهم بعد جود أطفال بهذا العمر أصروا على الدخول بالقوة للفصول وعمدوا إلى إخراج الطلاب الكبار بقوة السلاح، وحدث وقتها شجار كبير بينهم وبين أولياء أمور الطلاب ومعظمهم من النساء بعد إبلاغهن من قبل أحد موظفي المدرسة وهو ما أجبرهم على المغادرة، ولكن منذ تلك الحادثة بدأ عدد الطلاب في تناقص بسبب الخوف الذي أصيب به الآباء والأمهات على أبنائهم".

مناهج ملغمة عقائدياً
تتعرض المناهج الدراسية لبث أفكار عقائدية من قبل جماعة الحوثي هدفها تنشئت جيل يؤمن بثقافة العنف والموت والكراهية وغيرها.
وحذر كثير من التربويين بخطورة تغير وتبديل المناهج الدراسية، لكن دون جدوى.

ومنذ سيطرت جماعة الحوثي على صنعاء وطباعة المناهج الدراسية تتخذ نهجا آخر على ما كانت عليه.
يقول معلم، فضل عدم ذكر اسمه: "الجيل الصاعد في بلادنا بات يتربى على ثقافة معادية لديننا وعقيدتنا، جيل تبنى أفكاره على ثقافة الانتقام والقتل والدماء". ويضيف متسائلاً: "من سينقذ هذا الجيل من الانزلاق في هذا المربع؟!".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى