عدن بلا مسرح

> وهيب داود

>
وهيب داود
وهيب داود
عدن.. هذه البلدة الطيبة، وهذه الأرض التي حضنت الغني والفقير، وفتحت ذراعيها لكل الديانات، ومختلف الجنسيات، حتى أصبحوا من أبنائها وأولادها مع مرور الأيام.

عدن ومنذ استقلالها لم يُبنَ فيها مسرح على مدى سنوات الاحتلال البريطاني، وحتى عند نيل الاستقلال، بدءاً من الجبهة القومية ثم الحزب الاشتراكي ثم جاءت الوحدة اليمنية، ولم يكن لعدن مسرح يليق بها باعتبارها مناراً للثقافة والفن على المستوى اليمني والإقليمي، حتى السنوات الأولى من الوحدة التي جاءت لتعاستها قبل إسعادها.

وبعد حرب علي عبدالله صالح عام 94م، على عدن خاصة والجنوب بشكل عام، سلم صالح بأمر خطي، المسرح الوطني، الذي كان دار سينما تابعة لمالكها (الميرزا) في التواهي، والذي حولوه لخشبة مسرح بعد الاستقلال، ولم يكن مسرحاً مشرفاً يليق بالمستوى الكبير والخلاق لمدينة عدن وفنانيها في مختلف الفنون، ومن ضمنها المسرح، سلمه لمالكه، وبقينا في عدن بدون مسرح، وكأنهم يحرمون الفن على هذه المدينة، أم الفنون والثقافة، ويعاقبون فنانيها.

ومنذ 94م افتقرنا لأبسط القاعات لنقيم فيها أبسط العروض المسرحية أو الحفلات الفنية، ثم جاء مسرح حافون بعد 15 عاماً من الموت الإبداعي، والذي تم بناؤه على أرضية خاصة بفرقة الأكروبات، مساحتها صغيرة جداً لا تزيد عن 250 متراً مربعاً.
هذا المسرح الذي لا يصلح أن يكون حتى مسرحاً للعرائس أو لمدرسة من المدارس الابتدائية.

إن كل من تعاقبوا على حكم عدن وإلى يومنا هذا، لم يهتموا ببناء مسرح يليق باسمها وتاريخها العظيم، وهي عدن منارة الفن والإبداع والثقافة والأدب على المستوى العربي.
مسرح حافون مسرح غير مؤهل، بل هو مسرح تحصيل حاصل، ومن العيب أن نطلق عليه كلمة مسرح للدولة أو لعدن. من العيب علينا ذلك.

في كل بقاع الأرض وفي أصغر مدينة تجدها تمتلك مسرحاً مشرفاً ولائقاً، تقام عليه أجمل العروض، إلا عدن.
ولو أخذنا هذا الموضوع على المستوى المحلي، نجد أن في محافظات مثل عمران وتعز وذمار والحديدة، وحتى على مستوى صعدة، تم بناء مسارح ومراكز ثقافية فيها أفضل من مسرحنا في حافون وبعشرات الدرجات.

أرى بأن لا نكذب على بعضنا البعض أكثر من هذا، ولا نحلم حلماً كاذباً انتظرناه قرابة 60 عاماً منذ الاستقلال الوطني. ونكون واقعيين ومنطقيين.
عدن لم ولن يراد لها بناء مسرح لائق ومشرف، وسوف نظل نسمع تلك الوعود الكاذبة التي سمعناها ونسمعها على مدى سنوات طويلة لبناء مسرح، ولم يتم تنفيذ هذه الوعود رغم تعاقبت حكومات متعددة، ومنذ الاستقلال وإلى يومنا هذا.

كان بإمكان الدولة أن تبني مسرحاً في مبنى اتحاد الفنانين بكريتر، على سبيل المثال، يليق بعدن، ولكن وبقدرة قادر تم بيعه لقائد عسكري بتراب الفلوس، بعد أن كان تابعاً لوزارة الثقافة، وقبلها للحزب الاشتراكي، وبقدرة قادر يصبح قائد عسكر مالكاً لحلم الفنانين الذي حلموا به وعملوا فيه عشرات السنين، ألا وهو مبني اتحاد الفنانين وما جاوره من مبانٍ لبلدية عدن، وكان بإمكاننا بناء أكبر مجمع ثقافي تقع فيه مسارح خشبات للعروض والصالات يليق بمدينة.. عدن المنارة السامقة فناً وثقافة.

باختصار.. الدولة لا تريد لعدن أن يكون لها مسرح، وهذه هي الحقيقة التي توصلنا إليها نحن الفنانين.
سوف تبقى عدن الريادة وعدن الفنون والثقافة والأصالة، مهما غض الطرف عنها كل المسئولين، ولن تبقى عدن بدون مسرح للأبد.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى