مسودة حوار جدة والشرعية اليمنية.. رفض أم مماطلة؟

> علي الحرازي

> أدت الحالة السياسية المزرية التي تعيشها الشرعية اليمنية إلى وقوعها في حالة تخبط رهيبة بدت عليها في حوار جدة الذي دعت له وتبنته المملكة العربية السعودية لعقد الحوار بين الشرعية من جهة والمجلس الانتقالي الجنوبي من جهة أخرى.

وأدى هذا الواقع للشرعية إلى وقوعها بين خيارات أحلاهما مر في حوار جدة؛ حيث أصبحت لا تعرف ما الذي تريده أو عليها القبول به أو رفضه، وهذا ما كشفه واقع الشرعية في حوار جدة وموقفها من حالة المتخبط من مسودة اتفاق تقدمت به المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لغرض تقييم الأوضاع في المحافظات المحررة وتوحيد جهود المعركة ضد الميليشيات الحوثية الموالية لإيران.

ويجري الحوار في جدة باستمرار منذ بداية سبتمبر 2019 بشكل غير مباشر وعبر وسيط هي اللجنة المشتركة السعودية الإماراتية. نتيجة خوف وجُبن الشرعية من حدوث حوار مباشر مع وفد المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يملك نقاط قوة وملفات لا تستطيع الشرعية الصمود أمامها في حال أي حوار مباشر.

تفاصيل عن حوار جدة
في الوقت الذي دخل فيه حوار جدة وسط تكتم شديد المرحلة النهائية واستكمال اللجنة السعودية الإماراتية ترتيبات التفاهمات الأخيرة حول مسودة الاتفاق المطروحة. تفاجأت اللجنة بمماطلة الشرعية بحسم موقفها من مسودة الاتفاق بعد أنا كانت قبلت الشرعية المسودة.
لكن الشرعية عادت مجدداً للمماطلة مرة أخرى تاركة موقفها المتخبط محل تساؤل وانتظار من اللجنة ومن وفد المجلس الانتقالي الجنوبي دون أن تبدي رفضها بشكل رسمي أو تتخذ موقف رافض بشكل واضح. الأمر الذي أدى إلى تأخير المرحلة النهائية من حوار جدة.

جاءت هذه الموافقة المتخبطة من الشرعية بعد استمرار نفيها لوجود أي حوار في جدة وإصرارها على ذلك لتعترف لاحقاً بوجود حوار في جدة ويخوضه وفدها المكون من: علي محسن الأحمر، معين عبد الملك، سالم الخنبشي، وعبد الله العليمي.
ورجح مراقبون أن الشرعية تعتقد من خلال مماطلتها بأنها ستكسب موقف في حال قرر وفد المجلس الانتقالي الجنوبي العودة من جدة إلى عدن. لكن الشرعية تفاجأت بموقف غير متوقع أبداه وفد المجلس الانتقالي الذي لم يندفع لأي تصرفات قد تخدم الشرعية التي تراهن على صبر وفد المجلس الانتقالي.

وأضاف المراقبون أن صبر وفد المجلس الانتقالي يعتبر صفعات جديدة يوجهها الانتقالي لجماعة الشرعية ويفشل رهانها على انسحابه من الحوار، حيث يكسب الانتقالي من خلال تمسكه بالحوار موقفاً سياسياً ويحشر الشرعية في زاوية ضيقة قد يجعلها في مواجهة السعودية على وجه الخصوص.

مسودة اتفاق حوار جدة
ذكرت كثير من التسريبات تفاصيل عن مسودة حوار جدة الذي يمضي وسط تكتم شديد لكن التفاصيل الأكيدة أن مسودة الحوار لم تتوقعها الشرعية مما أصابها بالإحباط عقب تسلمها نسخة من الاتفاق المتفق عليه، والذي وافق عليه المجلس الانتقالي الجنوبي.
ويحمل اتفاق حوار جدة نقاطاً هامة ويضع النقاط على الحروف لإصلاح الاختلال في مسار المعركة الذي يخوضها التحالف العربي ضد ميليشيا الحوثي الموالية لإيران.

وتبرز أهم تفاصيل الاتفاق بحسب مصادر أكيدة في الآتي:
- انسحاب كامل قوات الشمال من الجنوب بما فيها شبوة ووادي حضرموت وتوجهها إلى جبهات مأرب ونهم والجوف لمواجهة الحوثيين، وانتشار قوات الانتقالي في وادي حضرموت وشبوة.

- تسليم إدارة الجنوب محلياً وتنفيذياً وأمنياً واقتصادياً للمجلس الانتقالي الجنوبي وإدارته لكافة الملفات (أي من منصب محافظ وما تحت وقيامه بمهمة الحماية الأمنية والعسكرية للجنوب ومكافحة الإرهاب ومواجهة ميليشيا الحوثي).

- للانتقالي الحرية في المشاركة بنصف حكومة كفاءات يكون أعضاؤها مستقلين ولا ينتمون لأي حزب. أو ترشيح الانتقالي من يراهم مناسبين من الجنوبيين للمشاركة على أن يباشر المحسوبون على الجنوب عملهم من عدن ويباشر الشماليون عملهم من مأرب، حيث يهتم الوزراء الجنوبيون بوضع الجنوب، ويهتم الشماليون بوضع الشمال، ويساعدون في تحرير محافظات الشمال من الحوثيين.

- اعتماد حق تقرير المصير لشعب الجنوب بعد انتهاء عاصفة الحزم وتوقف الحرب والدخول في اتفاق شامل.
- وأن يكون المجلس الانتقالي طرفاً رئيسياً في وفد المفاوضات الشاملة باعتباره ممثلاً للجنوب وقضيته الجنوبية.

الشرعية في حالة تخبط
تعيش الشرعية اليمنية حالة مزرية من الواقع السياسي المضاف إلى واقعها المزري إدارياً واقتصادياً وفشل حكومتها في كل الجوانب رغم الوقت الطويل ما يقارب خمس سنوات مُنحت فيه الشرعية لإصلاح وضعها الذي تسبب بإعاقة معركة التحالف العربي في شمال اليمن وخلق مشاكل في المحافظات المحررة.

واختارت الشرعية إظهار نفسها بهذه الموقف المتخبطة بشكل متعمد لكسب مزيد من الوقت واستمرار مسؤوليها والقيادات بالأحزاب المنخرطة بحكومتها في نهب أموال الشعب وممارسة الفساد دون حساب أو عقاب أو تمكن أي جهة من ردعهم. حيث يعمدون أيضاً إلى استخدام أسلوب (الابتزاز) مع دول التحالف العربي في حال وجهت لهم انتقادات أو طلب منهم إيقاف فسادهم وعبثهم بمصير الشعب.

ووقعت الشرعية من حلال حوار جدة في موقف يضعها بين خيارين حلاهما مرّ. حيث الأول: إن رفضت الشرعية حوار جدة فهي توقع نفسها في مواجهة التحالف العربي الساعي لإصلاح الأوضاع وتوجيه كل جهود المعركة تجاه شمال اليمن ضد الحوثيين. فيما الخيار الثاني: إن قبلت الشرعية مسودة حوار جدة غير القابلة للتعديل فسيتمكن المجلس الانتقالي من إدارة الجنوب بحسب الاتفاق ويلحق الضرر ليس بالشرعية ممثلة بـ "هادي"؛ ولكن بالفاسدين والنافذين الذين يرفضون حوار جدة ولا يجرؤون على إظهار مواقفهم. وهم أنفسهم الذين جعلوا من شرعية هادي كمبارس لتنفيذ أجنداتهم الخاصة والأجندة المرتبطة بجهات معادية للتحالف العربي.

وإذا اختارت الشرعية رفض حوار جدة أو المسودة التي تم التوصل إليها. فهذا يجعلها في مواجهة دول التحالف العربي التي توفر غطاء للشرعية وتدعمها وتجعل اسمها لا يزال موجوداً لدى المجتمع الدولي بفعل دعم دول التحالف التي لو رفعت الغطاء عنها لتحولت الشرعية وقياداتها إلى مشردين في دول العالم.

"يورابيا"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى