بدء العد العكسي لإنهاء حرب اليمن

> أمين قمورية

> معظم المؤشرات تشي بأن الأطراف المعنية بالحرب في اليمن، أقرت بأولوية التهدئة، تمهيدا للجلوس قريبا إلى طاولة الحوار المباشر، ذلك أن أكثر من جهة تبدي استعدادها لاستضافة المتحاربين، ولاسيما دولة الكويت وسلطنة عمان.

في إشارة جديدة إلى تقدم جهود التهدئة في اليمن، رحب نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، بالتهدئة التي أعلنت من جانب الحوثيين في اليمن، مشيراً إلى أن "السعودية تنظر اليها بإيجابية كون هذا ما تسعى له دوماً، وتأمل في أن تطبق بشكل فعلي". لهجة لم تكن يتيمة إذ سبقتها إشارات عدة توحي بأن العد العكسي لإنهاء الحرب في اليمن قد انطلق فعلا.

وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان -المعني الأول بملف الحرب- أعرب عن أمله في أن يؤدي وقف النار، الذي أعلنه في وقت سابق "أنصار الله" الحوثيون، إلى حوار سياسي وإنهاء الحرب، لكنه طالب أولا بأن توقف إيران دعمها للحوثيين.
ولاقى موقف بن سلمان ترحيبا من جماعة الحوثي التي كانت عرضت قبل أسبوعين وقف العمليات الهجومية على السعودية، وطالبت الرياض برد مماثل.

وتأتي هذه التطورات الإيجابية في أعقاب إعلان مساعد وزير الخارجية الأميركي للشرق الأدنى ديفيد شينكر -خلال زيارته الأخيرة للسعودية- أنّ واشنطن تُجري محادثات مع الحوثيين بهدف إيجاد حل مقبول من الطرفين للنزاع اليمني. والتقى شينكر لهذه الغاية الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمسؤولين السعوديين. كما أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية بأن الولايات المتحدة بصدد الإعداد لمحادثات مباشرة مع الحوثيين.

ويبدو أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تضغط باتجاه فتح حوار في اليمن من أجل إعادة الملف اليمني إلى طابعه المحلي وفصله عن الموضوع الإيراني، وتاليا فهي تبدي استعدادا للتدخل لدى الحوثيين لإخراج الرياض من المستنقع اليمني، وتبريد هذه الجبهة لكي يتاح للمملكة مساعدتها في مواجهة التمدد الإيراني. كما ترغب في أن يظهر دونالد ترامب كصانع سلام في اليمن قبل الانتخابات الرئاسية، حيث إن هذا الملف يلقي عليه بأحمال ثقيلة في الكونجرس.

وفي هذا السياق، دخلت الكويت على خط الوساطة مجدداً عبر رئيس حكومتها الشيخ جابر المبارك الصباح الذي أبدى استعداد بلاده لاستضافة محادثات سلام يمنية، مثلما استضافت مشاورات 2016 التي لم يكتب لها النجاح. وتتحدث مصادر قريبة من "أنصار الله" عن استعداد الرياض وحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي لمعاودة المفاوضات في الكويت، لكن الحركة أبلغت إلى الوسطاء بأننا نفضل متابعة مخرجات اجتماعات ستوكهولم التي ترعاها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وإيران، وتوقعت المصادر الحوثية زيارة قريبة للمبعوث الأممي مارتين جريفيثس إلى طهران قد تثمر عن نتائج مهمة في ظل المواقف الجديدة للأفرقاء.

وبحسب معلومات متقاطعة لموقع 180، فإن التهدئة دخلت مرحلة متقدمة، وأن ما يجري حاليا هو إعداد صيغة لإعلان إنهاء الحرب تحفظ ماء وجه السعودية للخروج من اليمن، لكن بشرط حوثي وهو أن تقبل الرياض وأبوظبي بالتعويض عن الخسائر والمساهمة بإعادة إعمار اليمن.
وفي رأي مصادر عدة معنية بالشأن اليمني، فإن أسبابا عدة دفعت بالمملكة إلى التراجع والقبول بما لم تكن تقبل به في السابق، وأهمها:

- تصدّع التحالف العسكري السعودي إثر المواجهات الميدانية في عدن بين الجماعات الموالية للإمارات وتلك الموالية للسعودية.
- حاجة الرياض إلى حلٍّ سلمي للأزمة اليمنية في ظل ارتاع كلفة الحرب بشريا وماديا واقتصاديا، وتعالي الأصوات المنددة باستمرار الحرب داخل البيت السعودي بعد أربع سنوات ونصف من شنها، من دون تحقيق أي من أهدافها المعلنة لا بل وصول نيران الحرب إلى عمق المملكة لا سيما في ضوء كارثة "أرامكو" وهجوم نجران.

- تراجع الإمارات عن مواقفها السابقة إزاء الحرب واستعدادها لفتح قنوات اتصال مع طهران لإنهاء الحرب في اليمن.
- تغيير الحكم في السودان ورغبة المجلس السيادي الجديد بالخروج من التحالف العسكري السعودي، حيث يشكل الجيش السوداني معظم القوات البرية لقوات التحالف.

- إجماع دولي على ضرورة إنهاء هذه الحرب لاسيما من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وفي المقابل، فإن الطرف الآخر لديه أسبابه، وتلخصها مصادر متابعة، كالآتي:

- يعاني "أنصار الله" من الإجهاد الداخلي بعد تلقّيهم ضربات موجعة في صعدة وحجة وعمران، وإذا ما تواصلت المعارك صوب صعدة تحديداً، فإن ذلك يشكل ورقة ضغط سعودية قوية على معاقل الحوثيين في أي مفاوضات محتملة، لذلك تحاذر الجماعة من وصول تلك القوات إلى معقلها. كما أن الحل السياسي سيُبقي عليهم كقوة مؤثرة وفاعل ورقم مهم في المعادلة السياسية اليمنية، وهذا مكسب لهم، فما لم تحققه لهم الحرب ستحققه السياسة والحلول الدبلوماسية.

- بدورها، تبحث إيران عن حل سياسي، لأنه سيُبقي الحوثيين قوةً سياسية فاعلة ضمن شبكة قواها المنتشرة في دول، كما يبقيهم شوكة في خاصرة المملكة. كذلك فإن واشنطن لا تبحث عن إنهاء الحوثيين أو أي جماعة مماثلة في المنطقة، لأنها تشكل إحدى نقاط الضغط على الأنظمة في المنطقة ومنها السعودية.

- في حال توصل الطرفين السعودي والحوثي إلى اتفاق على بدء حوار أو محادثات، فإن ذلك لن يكون جديدا ذلك أنه سبق للطرفين أن أجريا محادثات في الظهران جنوب المملكة في أبريل 2016 بوساطة إحدى القبائل اليمنية، وتوصلا إلى اتفاق على "تشكيل لجنة تهدئة بين الطرفين، وتبادل الأسرى"، ونجح شرط التبادل، في حين فشل اتفاق التهدئة كون الطرفين لم يقتنعا بتقديم تنازلات، في وقت كانت الرياض ترى أن لديها القوة الكافية لإسقاط الحوثيين، غير أنها وجدت نفسها حالياً في وضع مختلف، فهل تسود الآن لغة التهدئة والحوار بديلا من لغة الحرب والدمار؟

"بوست"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى