سكان عدن والمعونات الإنسانية

> د. عبده يحيى الدباني

> - مدينة كانت تطعم الناس من جوع صارت تبحث عن كسرة خبر فلا تجدها!
عمّ أحدثكم في هذا الموضوع الشائك المعقد كتعقد الأوضاع والأحداث في البلاد؟ إن الأرقام أمامي تصدمني، والفقراء والمحتاجون والمشردون يذوون أمامنا ويثوون كل ساعة، وهنالك آخرون لا نراهم قد سدوا على أنفسهم أبواب منازلهم.

عدن هذه المدينة التي كانت تطعم الناس من جوع وتأمنهم من خوف صارت تبحث عن كسرة الخبز فلا تجدها.

لا أجد بين زحمة الكتابات في شبكة التواصل الاجتماعي من يكتب عن هؤلاء البائسين الذين يفوق عددهم أكثر من نصف السكان في عدن بل في الجنوب والشمال على حد سواء، لكن عدن ضربت الرقم القياسي في البؤس، ففي عام 2017م بلغ السكان الذين هم بحاجة شديدة للمساعدات الإنسانية 66 %، وفق تقارير الأمم المتحدة، بينما كانت النسبة عام 2016م 43 % ، فيا ترى كم النسبة اليوم؟ فلا زيادة عندنا إلا في البؤس ونسبة الفقر. بيد أن هذه المدينة التي اشتهرت بحضريتها ومدنيتها بلغ عدد الجمعيات الأهلية فيها، حسب الكشوف الرسمية، 392 جمعية أهلية و425 مؤسسة أهلية. كل هذه الأرقام الفلكية لا يعمل منها سوى 30 % فقط. أما عدد المنظمات التي تعمل فعليا في عدن فهي ما بين عشرين إلى خمس وعشرين منظمة فقط. فوا حسرتاه على عاصمتنا وأمنا الرؤوم عدن.

سألت هنا وهناك في أرجاء هذه المدينة فتلقيت إجابات مختلفة عن وصول المعونات الإنسانية إلى المواطنين، فهناك من ذكر لي أن المعونات في الآونة الأخيرة اقتصرت على النازحين، وهناك من قال ليس هناك أي معونات إنسانية تصل إليهم رغم شدة حاجتهم لهذه المعونات، ومن دار سعد جاءتني إجابة بخصوص ذلك تفيد بأن هناك جمعية أهلية تصرف لكل أسرة خمسة وأربعين ألف ريال شهريا حسب بطائق موجودة لدى الأسر؛ ولا ندري بالضبط هل كل الأسر في دار سعد تستلم هذا المبلغ شهريا أم لا؟ وهل هذه الجمعية اقتصر نشاطها على مديرية دار سعد فقط؟

إن هذا الموضوع لا يصلح فيه الكلام الإنشائي، لاسيما أننا نكتب مقالا صحفيا في حيز محدد؛ لهذا فإن الأرقام الموثقة أبلغ تعبيرا عن المأساة.
إن الاحتياجات الإنسانية في عدن حسب مؤشرات الأمم المتحدة تشير إلى أن 790 ألف نسمة بحاجة لمساعدات إنسانية، منهم 450 ألف نسمة بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية من مجموع 14' 1 مليون من السكان في ظل زخم الجمعيات والمؤسسات الأهلية المسجلة رسميا.

أما نسبة الفساد في منظمات المجتمع المدني فقد بلغت 53 % وفق تقارير منظمة الشفافية الدولية عام 2013م الذي ذهب إلى أن اليمن تعاني نسبة فساد واسعة في مختلف مؤسساتها بينما أكدت تقارير أخرى دولية ان الأزمة في اليمن بوجه عام هي أسوأ أزمة بشريه في العالم.
وإذا عدنا إلى عدن بعيد الوحدة المقتولة القاتلة وجدنا نسبة الفقر في عدن عام ١٩٩٢م تبلغ ١٧% بينما أظهرت التقارير عام ٢٠١٨م أن ٦٦% من سكان عدن بحاجة شديدة للمساعدات الإنسانية .

ان عدن مدينة مفتوحة على البحر وميناؤها يعمل وليس فيها حرب فلماذا لاتصل المساعدات الإنسانية لكل المحتاجين وهم أغلبية السكان
كثيرا ما طلب منا كمواطنين أن نملأ استمارات ونسلم صورا من البطائق الشخصية على اعتبار أنه في ضوء ذلك سيتم صرف معونات إنسانية ولكن ذلك لم يتحقق.

الحقيقة أنه في مديريات الريف تصل المعونات إلى كل بيت شهريا وهذا الأمر افرحنا كثيرا ونشكر القائمين على ذلك . فما الذي يحدث في عدن التي أمست مستقرا للفقراء من بين كل المدن والمناطق . وهناك من قال لي أن عدن اليوم ليست بحاجة الى معونات إنسانية طارئة ومؤقتة ثلثها تلتهمها المنظمات وثلثها تلتهمها السلطات الحكومية والمتنفذون ؛ وثلثها يصل للمواطن المسحوق فيتم تقاسمه بين عاقل الحارة وعضو السلطة المحلية وبين المواطن المنكوب. ولكن عدن بحاجة الى إعادة الإعمار يرافقها أساليب مبتكرة تدعم مشاريع حقيقية لتخفيف الفقر وتساهم في خلق بيئة تنمية مستدامة.

إن الطبقة الوسطى في عدن قد زحفت وتمددت ودخلت ضمن طبقة الفقراء، بينما هناك طبقة ضئيلة جدا من اللصوص تستحوذ على كل شيء.
وهاكم أخيرا هذا الرقم المفزع، وهو أن 24 مليون نسمة في اليمن بحاجة إلى مساعدات إنسانية، منهم 14 مليون نسمة بحاجة ماسة إلى مساعدات إنسانية، وفق تقارير دولية لعام 2019م، بينت كذلك

أن اليمن يعيش أسوأ مأساه غير أخلاقية للمتاجرة بأرواح البشر على مستوى العالم.

نحن مراهنون على عدن عاصمة لدولة الجنوب المرتقب قيامها، وهذا ما جعل الأعداء يحاصرونها في عيشها، فضلا عن الفساد والإفساد اللذين عصفا بكل شيء حتى بالدولة نفسها. ولكن عدن اليوم بحاجة إلى هذه المعونات الإنسانية فهي حق مشروع إلى أن تندمل جراحها وتبعث من جديد مثل طائر الفينيق عاصمة مزدهرة للجنوب الحبيب ومهبط للاستثمار والعمل والرخاء الاقتصادي بعون الله تعالى.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى