الجنوب وأزمة التعددية

> حافظ الشجيفي

> تعتبر التعددية والتنوع الحركي ظاهرة إيجابية في حياة الشعوب الثائرة، وتنبئ بحراك وطني أو ثوري أو سياسي يبعث الحيوية والنشاط في جسد الشعب إذا كانت الحركات والمكونات التي تشكل هذه التعددية تعرف رسالتها والأهداف التي تدعي أنها تسعى لتحقيقها، وكذلك إن هي نبذت التعصب وتخلت عن النزعة والأنانية واحتكار الصوابية التي تنطلق منها، أما في مجتمع كالذي يمثله الشعب الجنوبي الذي ابتلي بأمراض اجتماعية وتاريخية مزمنة مثل القبلية والمناطقية والأنا والإقصاء والتزمّت وحب الذات والظهور، ما جعل جل المكونات التي نشأت في فترة الحراك الجنوبي السلمي تتأثر بهذه الأمراض وتعتبر نفسها أنها خيوط الأمل الوحيدة التي يجب على المواطن المسكين أن يعلق كل آماله عليها في تحقيق الاستقلال واستعادة الدولة، لكن المواطن البسيط سيفهم في القريب العاجل أنما هذا ذر الرماد في العيون إذا استمر واقع الشقاق والاختلاف السلبي القائم بين تلك المكونات، وسيتشتت المفهوم الذي ترسب في ذهن هذا المواطن بأن تلك المكونات إنما تهدف في حقيقتها للوصول إلى السلطة وليس لتحقيق الاستقلال واستعادة دولة الجنوب المنشودة..

يبدو أن أمام مكونات الحراك الجنوبي اليوم أن تختار بين أمرين لا ثالث لهما:

أولهما: أن تختار طريق الجمود والخمول الذي ينتهي بالأفول وغياب الفاعلية رغم صدق أفكارها وصلاحها، لا لشيء آخر سوى أنها اختارت ذلك لنفسها حيث وضعت أقدامها في الطريق الذي يقودها إلى هذه النتيجة.

ثانيهما: أن تختار النهج القويم الذي تدعو إليه متطلبات المرحلة، وهو تبني العمل الوطني الجماعي البناء المتكامل تحت شعار (فليتنافس المتنافسون)، مع التنسيق والعمل المشترك في القضايا المصيرية وتكوين رؤى وطنية موحدة ومحكمة تحقق المصلحة العليا للشعب وتمد يدها للمجلس الانتقالي الجنوبي، باعتباره الحامل الأقوى للقضية الجنوبية والأكثر فاعلية وحضورا على الساحة الوطنية، وتعيد صياغة وعي المجتمع وتوجيه جهوده في سبيل الوصول إلى أهدافه.

وإذا اختارت الخيار الأخير فعليها أن تسارع إلى إسعافات أولية في كياناتها الداخلية، وأن تبدأ بتفتيت تلك الغشاوة التي حجبت الرؤية الصحيحة عن أفرادها، وهو داء التعصب ونزعة الاستفراد والاستكبار المقيت التي فرقتها وأضعفتها، وأن تجعل هذا جزءا من برامجها التربوية والتوعوية، وعليها أيضا أن تتبنى الحوار الجريء والصريح والشفاف بمختلف توجهاتها على طريق الوصول إلى ميثاق شرف جامع بينهم من خلال الحوار، وأشدد على الحوار وأقول لا علاج لحالة التأزم والتعصب وتحجر العقل وتلك التفريعات والمكونات المختلفة سوى الحوار فيما بينها، لأنها لن تجد مبررا قويا يقنع الآخرين بأمرها وبما تدعو إليه، فالحوار هو الوسيلة الوحيدة القادرة على مد الجسور بين أوصالها ورؤاها المبعثرة من جهة، وبينها وبين الجماهير من جهة مقابلة لها.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى