إذا صلح العباد.. ستصلح البلاد!

> خرجت من المنزل في الخساف في كريتر ذاهباً للعمل كعادتي صباحاً متذمراً بعض الشيء نتيجة عدم وصول الماء إلى المنزل منذ أسبوعين، على غير العادة، حيث أنه كان يصل قبلها حتى ولو لساعات قليلة جداً إلا أنه كان كافياً ولم تكن هناك مشكلة إلا قبل أسبوعين تقريباً.
كنت أحصيها يوماً بيوم وساعة بساعة، لأن الماء مسألة حياة أو موت، لقوله سبحانه وتعالى: "وجعلنا من الماء كل شيء حي".

المهم أن المشكلة بدأت قبل حوالي أسبوعين، عندما تم فتح صمامات مياه مغلقة منذ سنين طويلة، قد قرر إغلاقها مدراء ومهندسون وفنيون خبراء، وعندما تم فتحها مؤخراً حدثت المشكلة وبدأت الفتنة بين الناس، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.
المهم أني عندما خرجت متذمراً كان أول شخص أقابله هو أخونا محمد سعيد باحكيم، صاحب بقالة المرحوم سعيد باحكيم، في ناحية شارعنا، فسألته، وهو أحد المتضررين من فتح الصمام المغلق ومثله مئات من المواطنين، سألته قائلا: "متى بتصلح يا محمد..؟!"، فنظر محمد إليّ مبتسماً، ثم قال: "متى ما صلح العباد".

نعم ظلت أردد تلك العبارة طيلة ذلك اليوم، "بتصلح البلاد متى ما صلح العباد"، وتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم، بما معناه، "مثلما تكونوا يولى عليكم".. وجوهر الموضوع، "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".. أي أن الله لن يغير هذا الوضع السيئ الذي نعيشه إلاّ متى ما أصلحنا حالنا مع الله ومتى ما تحسنت الأخلاق.

أخلاق كثير من البشر فسدت وساءت، والكل يتكلم عن الفساد، ولا يقوم هو بتقييم نفسه وسلوكه سواءً في عمله أو حتى في منزله.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا.. صارت حياتنا عذاب في عذاب.. حروب وقتل وتشرد ونزوح وأزمات في الخدمات، الماء الكهرباء والبوتاغاز، والغلاء الفاحش، تضاعفت الأسعار ثلاثة إلى أربعة أضعاف والراتب "محلك سر"، لم يتغير، حتى الزيادة 30 % كانت هزيلة أمام غول الغلاء، حكومة نائمة في العسل، لا يشعرون بالمواطن لأنهم يعيشون في أبراج عاجية عالية.

نساء ورجال تستحي أن تلتفت إلى صورهم خرجوا إلى الشارع في عدن، أخرجهم الجوع، لأن تلك الصور تُبكيك عندما تلتفت إليها، هم ليسوا من المتسولين المحترفين الذين صرنا نحفظ صور بعضهم.. نعم أخرجهم الجوع، أمهاتنا رأيتهن في كريتر في سوق الطويل وهم يرتدين (الشيدر) العدني الشهير و(المقرمة) على الوجه.. يمدون أيديهن.. حسبنا الله ونعم الوكيل فيمن جعلهن يتسولن اللقمة، وغيرهن الكثير قد يكونون من العفة يموتون جوعاً في بيوتهم.

المليارات تصرف لشراء الدبابات، والأسلحة يغرفونها غرفاً من حقول النفط والغاز.. والناس جوعى وعطشى وفي ظلام دامس يعيشون.. ورواتب الناس تقطع تارة ويؤخرونها تارة أخرى، وكأنهم يتصدقون علينا بتلك الآلاف المعدودة، أي قبور ستسعهم وأي عذاب ينتظرهم؟ لا يعلمون..
إذاً الحل هو أن نصلح أنفسنا ونتوجه إلى الله بإخلاص العمل وخالص الدعاء، حتى تصلح أحوالنا ويولّي الله علينا خيارنا، ونستفيد من خيراتنا وثرواتنا بدلا من أن ينهبها حفنة من حثالة مصاصي الدماء.. حسبنا ونعم الوكيل، اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى