استجواب النيابة لمنبر صحفي يقلق الأسرة الصحفية

> جميل جداً أن نجد القضايا في النيابات والمحاكم تتحرك بسرعة مذهلة وتنظر المحاكم في قضايا المواطنين المختلفة وتوقف كل من تم ذكره قضائياً دون استثناء سواءً كان مواطناً بسيطاً أو جهة أو شخصية اعتبارية، إنه لشيء جميل ويثلج الصدر أن ينتصب ميزان العدالة دون مواربة ليمر فوق الجميع بميزان القسط وقوة القانون على السواء. لكن هل هذا صحيح؟.

بحسب ما هو متداول بين عامة الناس ويتردد في أوساط المحاكم يشتكي بعض المواطنين من عجز أجهزة الضبط القضائية في استدعاء فلان أو علتان من أصحاب السياج الحديدي غير القابل لاستدعاء أو قبض من قِبل أي جهاز قضائي أو أمني أو حتى فتوى شرعية لتنفيذ حكم عليه أو تمكين مواطن بسيط منه لتظل القضايا منتهية ضدهم بإصدار مذكرة عبر الوسيط المرن بدعوته لزيارة المحكمة؛ وليس استدعاؤه للمثول أمامها ليعود المشتكي إلى بيته منكسراً ضعيفاً كضعف القضاء الذي يصرح بأنه لا توجد لديه إمكانية الضبط القهري ضدهم.

الغريب اليوم هو الإسراع في تنفيذ إجراءات التقاضي بحق المشتكين من أصحاب السياج الحديدي المعتدى عليهم بحسب شكاويهم وفي مقالات الرأي ومواقع التواصل الاجتماعي، التي جرحت مشاعرهم وتسببت لهم بنزيف حاد لسمعتهم ومكانتهم والتشهير بهم في وضع التسيب والبلبلة ونشر الإشاعات التي تشوّه مقامهم الرفيع، بحسب قولهم، وفي أسرع استجابة لشكوى مواطن وجهت النيابة العامة أمر استدعاء لموقع وصحيفة عدن تايم الإخباري ورئيس تحريرها الصحفي المخضرم صاحب المقام أ. عيدروس باحشوان بتهمة نشر قضايا فساد عبرت عنها شكوى المواطن محمد عمر البري، مدير عام مديرية المنصورة، بقوله تهدد الأمن والسلم الاجتماعي الذي تتخبطه الشائعات.

وفي الوقت الذي يتحفظ فيها القضاء والنيابات من التعامل مع قضايا الفساد؛ كونها من القضايا بالغة الحساسية، وكون القضاء يبرئ ساحة أي مسؤول ولا يحتاج للاستماع لأقواله والدفاع عن نفسه مما اتهم به من قِبل البعض مخافة زعزعة الأمن والسلم الاجتماعي وتهديد الاستقرار الوظيفي، وتعرض المكاسب الوطنية للانتهاكات الجسيمة، وتحت هذه الأقنعة والأغطية القانونية منح أصحاب السياج الحديدي تمكين اعتباري ضد البلاغات والاتهامات والشكاوى والتظلمات، وخصصت لهم محاكم تتلاءم مع مقامهم الرفيع أطلقوا عليها محاكم الأموال العامة والهيئة العليا لمكافحة الفساد المحصنة بالسرية والكتمان ومنع البث فيها علنا.

ومما يؤكد صحة ما نقول هو خلو ساحات المحاكم وقاعات الاستجواب من تواجد أحد أفراد أصحاب السياج الحديدي، ولو بالخطأ، لأن النزاهة والشفافية سمة سائدة، ولا يليق بذي منصب أن يتهم بالمساس بها على الإطلاق، وتستنفر الأجهزة القضائية وأدواتها الضبطية البسيطة والمركبة لاستدعاء واستحضار وقبض قهري ومداهمة واعتقال من يتهمهم بذلك، ولو كانوا صحافيين أو معلمين أو أطباء أو خطباء مساجد ودعاة، بينما أصحاب السياج الحديدي مدعومون بقرار حماية الشخصيات والمنشآت من الاعتداء بأي شكل من أشكال التعدي الظاهر والخفي واللفظي والنواياتي، فالمحصنون أولئك الذين تحميهم كل الأجهزة الرقابية والمراقبية وممنوعون من الصرف.

ستسمر الإجراءات بشكل قانوني وحازم ضد صاحب صحيفة عدن تايم وموقعها الإلكتروني ورئيس تحريرها والكاتب الصحفي فيها أحمد سعيد كرامة، وقد يتم استدعاء كل من قرأ نص الصحافة أو شاهد المستند المصور، وقد يستجوب الأثير الذي مر عبره الخبر وتسبب بالتعدي على مقام السيد محمد عمر البري، مدير عام مديرية المنصورة، وأمثاله بالتجريح اللفظي والرمي المباشر بوابل من الكلمات النارية الحارقة لأعصابه ومشاعره الجياشة وتسبب بجراحات وخدوش لحيائه وسمعته ما يتطلب اتخاذ إجراءات عقابية سريعة وعاجلة لإنقاذه وأمثاله من التعدي الغاشم الذي يهدد أمن واستقرار المنطقة، ويعرض السكينة العامة في الشرق الأوسط للمنصورة المحروسة للمخاطر.

ووفق المكاييل للقضايا البرونزية والفضية والذهبية والماسية، تخضع الجلسات القضائية ونوعية القضايا إلى شكل الميزان وحساسيته، فهناك قضايا حساسة كونها مغلقة وذات ترددات كاتمة للصوت وسرية تامة حفاظاً على شرف وسمعة المهنة ورصيدها الوظيفي وجلسات أخرى يحضرها القاصي والداني وما بقي إلا أن تُذاع وسط الأسواق.. فدعوا الصحافة تتنفس هواءها الطبيعي بحرية واتركوها وشأنها، فمقاعد الاستجواب لا يجلس عليها أصحاب الرأي والكلمة ويحضرها الصحفي لتقصي الحقائق والاستماع لأقوال المساجين ومعاناتهم، والصحفي هو الذي يوجه الأسئلة ليأخذ الإجابات وينقلها للرأي العام..

فلماذا تستدعونه وتستجوبونه على وظيفته؟ فلا تقلقوا لم تبلغ بعد الصحافة لدينا مبلغ الجرأة والقوة بعد لتطاردوها وتستدعوها أو تستعدوا منابرها، فهي لا زالت ناشئة ومحدودة العرض وغاية في التواضع الأخباري والتقصي، ولم تبلغ بعد سن الرشد الصحفي لتواكب حراك الفساد الأسطوري، فدعوها تكبر وتكبر، وابتعدوا عن طريقها ولا تكتموا أنفاسها وتعيقوا نموها، فنحن بحاجة إليها وبقوة للمرحلة الراهنة يا حضرة المستشارين..

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى