ثلاث إستراتيجيات لمجابهة مخاطر العملة في اليمن

> د. باسم المذحجي*

> لا يزال الاقتصاد اليمني في حالة من الفوضى، إذ أن العملة القديمة، والتي توزعت ما بين التالف والمنهوب والمخزن المكدس لدى عدد من كبارات التجار والصيارفة ورجال الدولة تصنف بأنها خطر يندرج في باب السيولة المعدومة التي تضاف إلى مخاطر انعدام الأمن الغذائي الذي يواجه الشعب اليمني، ومن نافلة القول بأن إستراتيجيات إدارة مخاطر العملة الجديدة ليست صائبة كما درجت عليها جماعة الحوثي مؤخرا، وذلك بإصدار تعميم بمنع تداولها، فذلك يقود إلى جعل القوة الشرائية وتدوير السيولة يأخذ الرقم صفر في الاقتصاد اليمني، ويصبح المواطن غير قادر على تدبير قوت يومه وتنقلاته ناهيك عن الانتفاع من مختلف الخدمات.

الحديث عن مخاطر العملة في اليمن وفهمها ليس مجرد تصور أولي؛ بل لابد من وضع تصور وفكرة نهائية للمخاطر والتي ترسمها بنية الفساد المركبة في اليمن.

منطلق وبداية نشأة مخاطر منع تداول العملة الجديدة في صنعاء من أن المواطن في المناطق غير الخاضعة للسلطة الشرعية أصبح لا يستطيع تداولها، وفاقدا للحق في البيع والشراء بينما جماعة الحوثي جعلت المواطن بين ثلاث خيارات أحلاهما مر: 1 - لا يتعامل بها. 2 - واقع تحت طائلة المحاسبة القانونية ومصادرتها. 3 - التقشف المالي الإجباري وبيع المدخرات مثل الذهب والفضة، وبالتالي نحن نسجل مواطن الضعف في قرار جماعة الحوثي نظراً لأنها تكلمت عن مهلة لتحول مدخرات المواطنين إلى نقد بالريال الإلكتروني لتكون المحصلة رفع الحافظة الاستثمارية والإيرادية لشبكة الهاتف النقال والاتصالات بدون خلق فرص عمل، ناهيك عن تكديس السيولة الجديدة في بنوكها بدلا من تدويرها في السوق المالية اليمنية.

الكارثة والصدمة الكبرى ما تم ترويجه عن نية جماعة الحوثي طباعة عملة جديدة بصفة غير قانونية، فذلك سيدفع الجميع إلى تكديس العملة القديمة، يضاف إلى ذلك منع تداول العملة الجديدة، وذلك يقود إلى انهيار اقتصادي شامل قد يفضي إلى منع تداول النقد الأجنبي داخل اليمن، فضلا عن أنه سيقود إلى وقف فتح الاعتمادات المستندية البنكية عبر بنك وسيط دولي، ويعني بذلك وقف واردات السلع الرئيسية إلى اليمن، وتنامي ظاهرة التهريب ونشاط المهربين.
ثلاث إستراتيجيات لمجابهة مخاطر العملة في اليمن
1 - تتراجع جماعة الحوثي عن قرارها بمنع تداول العملة الجديدة أو طباعة عملة جديدة، وعوضا عن هذا القرار تصدر تعميما بأن عملية الصرافة للنقد الأجنبي لا تتم إلا عبر البنك المركزي فرع صنعاء فقط، وتحديد سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني بـ 250 ريال يمني للدولار الواحد.

2 - على السلطة الشرعية التركيز على حجم الائتمانات المصرفية بدل التركيز على إصدار النقود، وذلك يتحقق بتحسين سوق سلة سعر صرف العملات الأجنبية بتوحيد سعر صرف الدولار مقابل الريال اليمني بما يتوافق مع البنك المركزي صنعاء بـ 250 ريال يمني للدولار الأمريكي الواحد، وذلك يعني منع مصارفة العملة الأجنبية خارج البنك المركزي.

3 - محلات الصرافة والبنوك ستقتصر مهامها على إرسال واستقبال الحوالات الداخلية فقط، ما لم يتم إيقاف تجديد تراخيصها ومزاولة نشاطها، ونوعا ما تمنح صلاحيات استقبال الحوالات الخارجية بشرط الالتزام بسعر صرف الدولار كما هو ثابت في نشرة البنك المركزي اليمني، وتطبق تلكم الشروط أيضا على الشركات المتوسطة والصغيرة.

عدم العمل بالتدابير الثلاث السابقة وإخفاق العمل بها، فذلك يعني أن القضية ليست خلافات ما بين سلطة شرعية وغير شرعية؛ بل القضية قضية فساد مركب تشترك فيها القيادات الحاكمة مع لوبيات السوق السوداء والإتجار بالعملة، وبأن المشكلة ليست في الحد من السيولة الزائدة أو المعدومة، وليست إجراءات قانونية لحل أزمة العملة ولا كذلك الحد من مخاطر ارتفاع أسعار الصرف والتضخم؛ بل الفكرة نهب لمدخرات المواطنين وانتهاج سياسة التجويع والإفقار وخلق رأس مال لتجارة السلاح والممنوعات، وإطالة معاناة الشعب اليمني، وأمد الحرب في اليمن.

* باحث إستراتيجي يمني

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى