الجنوب.. معطيات الواقع وسيناريوهات الحرب والسلام

> نصر هرهرة

> ترددت كثيراً في الكتابة عن السيناريو القادم خصوصاً خلال العام 2020م، لكن ما شجعني على الكتابة معرفتي المتواضعة للوضع القائم، والذي منه ممكن أن نستوحي السيناريو، فالمنطقة وخصوصاً الجنوب تدلف العام 2020م مثخنة ومثقلة بالصعوبات، ولكنها في نفس الوقت تمتلك مكامن قوة تمكنها من تحقيق الانتصار.

فالمعنويات الجنوبية عالية وشعب الجنوب متعطش لحريته واستقلاله، ولديه من القوة والتحالفات ما لم يمتلكه في أي وقت سابق، وهذا ما يمكنه من تحقيق تطلعاته إذا ما أحسن إدارة عناصر تلك القوة وتلك التحالفات وخلق مؤاماة حقيقية بين تطلعاته ومصالح حلفائه في إطار المشروع العربي، وفي إطار الحرب الكونية على الإرهاب، والأهم من كل ذلك الالتفاف الشعبي غير المنقطع النظير حول هدف الحربة والاستقلال وبناء دولة النظام والقانون الجنوبية والالتفاف الواسع حول القيادة السياسية الجنوبية وغيرها من مكان القوة والفرص المتاحة.

وفي المقابل، فإن هناك تهديدات قد تعصف بالمنطقة إذا لم يجيد التعامل معها رواد المشروع العربي وقوى التحالف العربي والقيادة السياسية الجنوبية، فهناك مشاريع أخرى جاهزة في المنطقة تدعمها دول إقليمية غير عربية، وأموال عربية سائبة تستخدم لدعم تلك المشاريع، والتي لا تستهدف الجنوب وشعبه فقط؛ بل تستهدف المنطقة، وتمتد بأهدافها لاستهداف قلب الأمة العربية في الشرق الأوسط، ومحاولة السيطرة على أهم المنافذ، وعلى الأقل تعطيلها بهدف إفقار الشعوب العربية، وتقوض نمائها وتطورها وريادتها للمنطقة.

وعلى الصعيد الجنوبي، يمكن أن نلاحظ بكل يسر أن الإخونج وكل فروعهم وأجنحتهم قد شددوا قبضتهم الحقيقة على شرعية هادي، وتدثروا بها ليستحوذوا على دعم التحالف العربي ويحرفوا اتجاه البوصلة في عرقلة واضحة للمشروع العربي وخدمة للمشاريع غير العربية، فبدلاً من أن يتجهوا إلى صنعاء لتحريرها كما هو هدف الشرعية والتحالف العربي الداعم لها، نراهم متجهين إلى عدن لاحتلالها لتقويض المشروع العربي، فانتشرت قواتهم التي ظلوا يحتفظوا بها في مأرب على امتداد وادي حضرموت ومحافظتي شبوة وأبين موجهة فوهات دباباتها ومدافعها باتجاه عدن، وهي اليوم تنكل بأهلنا في هذه المحافظات، وتجعلها مناطق حاضنة للفوضى والإرهاب والفتن، ومديرة ظهرها للحوثي الذي يفترض أنها وجدت لمقاتلته، ومن جانبه ومكافئة لها فإن الحوثي قد توقف عن قتالها في مأرب حتى لا يشغلها عن عدن، وفي نفس الوقت فقد عزز الحوثي قواته على طول الشريط الحدودي الجنوبي، وأصبحت المعارك أكثر ضراوة ليخفف عن قوى الإخونج في أبين وشبوة، وفي محاولة لتهديد عدن من خلال محاولاته المستميتة لتشكيل أي اختراق في الجبهات الشمالية وجبهة الضالع على وجه الخصوص، وما يجري في الساحل الغربي وعقبة ثرة ويافع ليس بخافي عن الجميع، وليس بغائب عنا المعسكر الذي افتتحه الإخونج في محافظة تعز في يفرست بدعم تركي واضح في محاولة لتهديد عدن من جهة الغرب أن هذا الوضع ينذر بمخاطر كبيرة وتهديد واضح لعدن بهدف تقويض المشروع العربي، وإخراج التحالف العربي من الجنوب، ومن أهم المنافذ والممرات الدولية والتضييق على مصر العربية وتجارة النفط والغاز والتحكم بها.

وأمام كل تلك التهديدات والمخاطر هناك بارقة أمل في اتفاق الرياض الذي يمكن للمنطقة أن تتمسك فيه كخيار أمثل لمواجهة تلك المخاطر وتلك التهديدات، وما يدعم ذلك ويعززه هو التواجد الفعال لقوات دول التحالف العربي إلى جانب القوات الجنوبية ومقاومة شعب الجنوب.

ومن خلال محاولتنا هذه لتشخيص الوضع الراهن يمكن أن نستوحي السيناريوهات القادمة، والتي يمكن إيجازها في سيناريوهين:
سيناريو السلام ( تنفيذ اتفاق الرياض)
هذا السيناريو هو الأكثر حظاً ليكون السيناريو القادم للمنطقة، فهو موقع من أهم قوتين على الأرض الجنوبية، أكان من حيث الوجود السياسي والعسكري أو الوجود الرسمي، وجاء بمبادرة من المملكة العربية السعودية قائدة التحالف العربي والمتواجدة قواتها على الأرض، وقد حظي هذا الاتفاق بدعم وتأييد زعماء مجلس التعاون الخليجي، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن من خلال تقريره المقدم لمجلس الأمن، والبعثات الدبلوماسية في اليمن وغيرها، وهو الخيار الواقعي والمقبول شعبياً لهذا هو الأوفر حظا.

إن هذا السيناريو يعكس إستراتيجية من محورين: محور حشد الجهود لمحاربة الحوثي، ومحور إدارة الجنوب، لكن المؤسف له أنه حتى اللحظة ما زالت أجنحة في الحكومة اليمنية المنتهية الولاية بحكم هذا الاتفاق مثلما حاولت عرقلة توقيعه، فهي اليوم تحاول عرقلة تنفيذه، وبعد مضي أكثر من ثلثي المدة لفترة تنفيذه لم نلمس تنفيذاً حقيقياً، والسير بهذا السيناريو إلى الأمام، وهذا يقلل من فرص هذا السيناريو، ويخلق فرصاً أمام السيناريو الآخر.
سيناريو الحرب
سبق وأن أشرنا في تشخص الوضع الراهن إلى التحركات العسكرية والتمركز والتمدد العسكري للأذرع العسكرية للإخونج المسيطرين على الحكومة اليمنية لتطويق العاصمة عدن، وفتح المجال أمام دول إقليميه معادية للمشروع العربي لتواجد في تعز، وفتح معسكر لتجنيد، وإرسال عناصر استخباراتية إلى شبوة وأبين وغيرها، كل هذا يدعم حظوظ هذا السيناريو، والذي يهدف إلى إعادة احتلال عدن، وإخراج التحالف العربي والسيطرة على المنافذ البحرية والممرات الدولية، وضرب المشروع العربي في العمق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى