وكلاء إيران في المنطقة ودورهم بعد مقتل سليماني

> "الأيام" غرفة الأخبار:

> نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، تحليلاً لـ "كلير باركر" و "ريك نوك" حول سياسة إيران في المنطقة، وتشكيل وكلاء إقليميين لها لتنفيذ أجندتها، وعن "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس، الذي قتل بغارة أمريكية، وعلاقته بهذه السياسة.
ويرى الكاتبان أن تعهد إيران "بالانتقام الشديد" ردًا على الضربة الجوية الأمريكية التي قتلت القائد العسكري الإيراني الكبير، اللواء "قاسم سليماني"، وضع القوات الأمريكية وحلفائها في المنطقة في حالة تأهب قصوى.

وقالت إنه لطالما كان يُخشى أن يلعب وكلاء طهران في الشرق الأوسط دورًا رئيسيًا في أي تصعيد إضافي للتوترات بين الولايات المتحدة وإيران، لكن مقتل سليماني يزيد من احتمالية أن تشكل شبكة القوات الإيرانية بالوكالة؛ تهديداً مباشراً بشكل كبير، للأهداف الأمريكية المحتملة.
وأشارت إلى أن سليماني تسلم "فيلق القدس"، الجناح الخارجي لحرس الحرس الثوري (IRGC)، في أواخر التسعينيات واستمر في توسيع وجوده الإقليمي، وكان معروفًا على نطاق واسع بصلاته البارزة بالجماعات شبه العسكرية من سوريا إلى اليمن التي أصبحت الآن في دائرة الضوء.

وكتب "علي فتح الله نجاد"، من مركز "بروكنجز" في قطر: "كان سليماني شخصية عظيمة عند الحرس الثوري الإيراني، ووكلائه الإقليميين، وأمين رئيسي لعلي خامنئي، وبقتله إلى جانب شخصيات لبنانية رفيعة المستوى موالية لإيران، تكون الولايات المتحدة قد قصت بعض أجنحة سياسة إيران التوسعية".

لماذا تستخدم إيران الوكلاء؟
أوضحت الصحيفة أن تركيز إيران على تطوير ودعم وكلائها، يعود إلى ثورة 1979 التي أطاحت بالشاه المدعوم من الولايات المتحدة وأنشأت جمهورية إيران الإسلامية، حيث سعت الثيوقراطية الشيعية إلى تصدير ثورتها، وتمكين الجماعات الشيعية في الشرق الأوسط منذ البداية.
ونقلت الصحيفة عن "أليكس فاتانكا" من معهد الشرق الأوسط، قوله إن هذه الروح التوسعية "جزء لا يتجزأ من الكيان الإيراني". فالكثير من الجماعات التي ترعاها إيران – وإن لم تكن كلها – شيعيون.

وتلعب الإيديولوجية دورًا كبيراً في السياسة الخارجية لإيران، حيث يقول الخبراء إن الهدف الأساسي للنظام هو إبراز قوته في جميع أنحاء الشرق الأوسط لمواجهة النفوذ الأمريكي والإسرائيلي والسعودي.
وقال فاتانكا إن نجاح الاستراتيجية الإيرانية، يعتمد إلى حد كبير على قدرتها على الاستفادة من فراغات السلطة في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، وسعت إيران من نطاقها من خلال دعم الميليشيات في اليمن وسوريا التي مزقتها الحرب وسط الفوضى التي اندلعت عقب ثورات الربيع العربي في عام 2011.

وعن كيفية قيام إيران بهذه الأمور؛ قالت الصحيفة إن ذلك يأتي في المقام الأول من خلال "فيلق القدس" الذي أداره سليماني حتى وفاته، وصنفته إدارة ترامب منظمة إرهابية، حيث يقوم فيلق القدس بتنظيم وتدريب المقاتلين مع الميليشيات الحليفة، وتزويدهم بالأسلحة، وفقًا لتقرير صادر عن مركز صوفان.
وتستخدم إيران أيضًا القوة الناعمة لتوطيد التحالفات الاقتصادية مع دول مثل العراق، حيث دعمت إيران الميليشيات المحلية في القتال ضد القوات الأمريكية في أعقاب غزو العراق عام 2003، ثم في الحرب ضد الدولة الإسلامية.

من هم الحوثيون؟
تعرض المتمردون الحوثيون في اليمن لمزيد من التدقيق منذ أوائل مايو 2019، عندما كثفوا هجمات الطائرات بدون طيار على أهداف سعودية، حيث يقاتل الحوثيون -الذين هم جزء من الطائفة الشيعية- التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن منذ عام 2015.

ولطالما كانت جماعة الحوثيين قوة معارضة في اليمن، لكنها حظيت بدعم إيراني بعد أن انخرطت السعودية في ذلك (صراع النفوذ)، وفقا لفاتانكا. وقد تحولت الحرب في اليمن إلى حرب بالوكالة، بين إيران والسعودية، حيث قدمت إيران الدعم المالي والعسكري للحوثيين، بينما قدمت الولايات المتحدة دعم عسكري واسع النطاق للسعودية.

وقال فاتانكا إنه من غير الواضح حجم السيطرة العملياتية التي تمارسها إيران على الحوثيين، لكن بالتأكيد أن الطرفين الفاعلين يشتركان في الأولويات الإستراتيجية – أي مواجهة السعودية.

وأشارت الصحيفة إلى أن المتمردين الحوثيين في اليمن، أعلنوا في سبتمبر الماضي، شن هجوم على منشآت النفط السعودية – نفذت بصواريخ كروز وطائرات بدون طيار – مما أدى إلى خفض إنتاج شركة النفط السعودية "أرامكو" مؤقتًا بحوالي 50 بالمائة. ورفض المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون فيما بعد ادعاء الحوثيين، وألقوا باللوم على إيران التي أنكرت أي مسؤولية.

ولم يبرز الحادث تعقيدات علاقات إيران مع حلفائها ووكلائها الإقليميين فحسب، بل أثار مخاوف بشأن برامج الصواريخ وطائرات بدون طيار المتقدمة في البلاد، والتي أفادت حلفاءها أيضًا.
ويقول مسؤولون أميركيون وخبراء أسلحة إن الأسلحة والتكنولوجيا الإيرانية ما زالت تُنقل إلى وكلائها في المنطقة، بما في ذلك المقاتلون الحوثيون اليمنيون. فمن خلال قيام الوكلاء بنشر التكنولوجيا لضرب الأهداف نيابة عنها؛ فإن القيادة الإيرانية جعلت من الصعب على خصومها إثبات مسؤولية طهران المباشرة.

وقالت الصحيفة إن مستقبل النفوذ الإيراني في اليمن أصبح موضع شك في الآونة الأخيرة، وسط تقارير عن محادثات الهدنة بين الحوثيين والسعودية.

كيف يتلاءم حزب الله مع الصورة؟
حزب الله، مجموعة شيعية شبه عسكرية وحزب سياسي في لبنان، وهو أول مشروع ناجح لإيران، ولا يزال أقوى حلفاء إيران السياسيين في الشرق الأوسط، وتم تشكيله خلال الحرب الأهلية اللبنانية عام 1982، ومنذ ذلك الحين تحول من مجموعة صغيرة من رجال الدين والمقاتلين إلى قوة سياسية كبرى في لبنان – بمساعدة كبيرة من الحرس الثوري.

وزودت إيران "حزب الله" بالأسلحة خلال حربه ضد إسرائيل عام 2006. وفي الآونة الأخيرة قامت إيران بدعم حزب الله، للتدخل نيابة عن الرئيس السوري بشار الأسد في الحرب الأهلية الدامية التي استمرت تسع سنوات. قدر تقييم وزارة الخزانة الأمريكية في عام 2018 دعم إيران لحزب الله بمبلغ 700 مليون دولار في السنة.
ووصف "نيكولاس بلانفورد"، الخبير في شؤون حزب الله، المجموعة شبه العسكرية بأنها "الأكثر قوة من بين جميع الوكلاء الإيرانيين في الشرق الأوسط" – وقد أعطاها دورها الكبير في دعم الأسد بسوريا تجربة قتالية إضافية.

وعلى الرغم من الثقل العسكري لحزب الله، إلا أن الكثير يتوقعون عدم تدخله في نزاع مسلح مع الولايات المتحدة. وقال بلانفورد في العام الماضي إنه من المرجح أن تعتمد الجماعة على الهجمات السرية منخفضة المستوى على أهداف أمريكية في المنطقة.
لكنه أضاف في ذلك الوقت: "إذا بدا الأمر وكأن النظام الإسلامي في طهران يواجه نوعًا من التهديد الوجودي في حالة نشوب صراع؛ فإن كل الرهانات سوف تتوقف".

ويرى الباحث فتح الله نجاد أن اعتماد إيران على حزب الله في الرد على واشنطن، في أعقاب الغارة الجوية التي أدت إلى مقتل سليماني، لا يزال احتمالًا، رغم أنه حذر من أن "طهران ليس لديها أي خيارات جيدة".
ويرى نجاد أن نشوب حرب مع الولايات المتحدة من شأنها أن تعرض بقاء النظام الإيراني للخطر، وأن تصاعد التوترات في الخليج العربي سيحرم إيران من بقية الدخل الأساسي من خلال صادرات النفط. وبالنسبة للعراق، فإمكانات التصعيد محدودة.

وأضاف: "عبر حزب الله في لبنان، يمكن لإيران أن تنتقم من إسرائيل، وتكون التكلفة أن يتم تعزيز صورة حزب الله في لبنان كراعٍ للمصالح الإيرانية فقط".

ما هي علاقة إيران بالميليشيات العراقية؟
بدءًا من حرب إيران على العراق في الثمانينيات، استضافت طهران ودعمت عددًا من الميليشيات الشيعية القوية التي عارضت حكم صدام حسين. وبعد الإطاحة به في أعقاب الغزو الأمريكي للعراق في عام 2003، تم حشد العديد من هذه الميليشيات لمحاربة القوات الأمريكية.

وقالت الصحيفة أن البنتاجون عزا مقتل 608 من الجنود الأمريكيين في العراق بين عامي 2003 و2011 إلى وكلاء إيران في العراق. ولكن مع قيام تنظيم الدولة الإسلامية بضربة خاطفة في جميع أنحاء العراق في عام 2014، أصبحت تلك الميليشيات نفسها من الأصول الهامة في وقف توسع المتشددين، وقاتلوا سوياً مع القوات العراقية لتقليص توسع داعش خارج الحدود، في نهاية المطاف إلى الصفر.

ويبدو أن دورهم في قتال المتشددين، منحهم قوة سياسية غير مسبوقة في العراق، حيث فاز العديد من الشخصيات البارزة بمقاعد في البرلمان، ووجودهم أعطى دولة إيران تأثيرًا إضافيًا على المشهد السياسي في العراق.
وقد حث المسؤولون الأمريكيون، العراقيين مرارًا على مواجهة هذا التأثير، لكن التوترات استمرت في التصاعد، ففي يوم الثلاثاء الماضي، قام أنصار ميليشيا تدعمها إيران بإشعال النار، في منطقتين للاستقبال في السفارة الأمريكية في بغداد، وانتهى حصارهم الأربعاء، بعد أن أمرتهم ميليشياتهم بالانسحاب.

واختتمت الصحيفة بالتساؤل عن عدد حلفاء إيران ووكلائها، الذين سيرغبون في دعم طهران في حالة نشوب حرب شاملة – وإلى أي مدى سيكونون مستعدين للتحرك؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى