رغيف العيش «الروتي».. خبز الجائع وقوت حياته المنهارة

> تقرير/ عبدالقادر باراس

> الوضع القائم يسير إلى الانهيار وسط استفحال الفقر والعوز، وقد ازداد الوضع المعيشي سوءاً في السنوات الأخيرة التي تلت الحرب جراء ارتفاع أسعار المواد الغذائية المستمر، وصل على إثرها في الآونة الأخيرة سعر (الروتي) الواحد في محلات المخابز والأفران بعدن إلى 25 ريالاً.
وفي الوقت الذي شكا فيه مواطنون من هذا الارتفاع، يبرره ملاك الأفران بارتفاع سعر تكاليف مواد التشغيل، مثل الدقيق والزيت والخميرة وأجور العمال وإيجار المحلات، إضافةً إلى تضاعف سعر الغاز.

ولم تتخذ الحكومة أي من الإجراءات أو التدابير الاقتصادية، وتركت قطاعات واسعة من المواطنين تحت ضغوط متزايدة في مواكبة تلك الزيادات منذ ما يسمى بـ "الإصلاحات الاقتصادية" ونشوب الحرب في العام 2015م حتى تدهور العملة والتي وصلت إلى تهاوي كبير أمام العملات الأجنبية.
ورفعت الحكومات اليمنية المتعاقبة دعم القمح عدة مرات، جاءت أغلبها بعد 2010م، وبهذه الزيادة الأخيرة يكون سعر الخبز "الروتي" قد شهد سبع زيادات منذ العام 1990م.

  • تدهور الروتي وارتفاع سعره:
قرص الخبز المسمى في عدن بـ "الروتي" والذي يعد الوجبة الأساسية لـ (الإفطار والعشاء)، كان معروفاً بنوعيه "الروتي الصندوق والطوال"، أصبح حجمه مؤخراً أشبه بحجم "أصبع أو قلم" بما يساوي طوله 15 سم أو 6 بوصات.
- يوجد في العاصمة عدن أكثر من (210) فرن ومخبز لبيع الخبز "الروتي".
- منذ ارتفاع الوقود على مراحل لجأت كثير من الأفران إلى استخدام الحطب كوسيلة بديلة باعتباره أقل تكلفة من الديزل.
- ارتفع سعره منذ بداية ما يسمى بالوحدة وخاصة في العقد الأخير بفترات متقاربة، دون أن يكون للجهات ذات العلاقة أي موقف جدي لإيقاف عملية التلاعب بأقوات الناس. 

العام سعر الروتي بالحبه
1990 ريال واحد
1994 2 ريال
1998 5 ريال
2011 10 ريالات
2014 15 ريال
2017 20 ريال
2020 25 ريال

رفض لقرارات رسمية وكان مكتب الصناعة والتجارة في العاصمة عدن، قد حذر ملاك المخابز والأفران باتخاذ إجراءات حازمة تجاه المخالفين في رفع أسعار الروتي أو التلاعب به، وأصدرت بشأن ذلك قراراً حددت بموجبه أوزان وأسعار خبز القوالب "الروتي" وإلزام جميع الأفران ببيعه للمستهلكين بالكيلو جرام، كما حددت سعر الكيلو جرام للمستهلك بـ (380) ريالاً يمنياً، وعدد الأقراص (19) قرصاً، ووزن القرص الواحد (52) جراماً وبسعر 20 ريالاً، لكن العديد من أصحاب المخابز والأفران لم يطبقوا هذا القرار، حيث عمدوا إلى تخفيض وزن الروتي ليصل إلى (وزن الريشة)، قبل أن يبدأوا مع مطلع الأسبوع الحالي إلى أغلاق المحلات وإيقاف بيع الروتي والرغيف، رفضاً لقرار وزارة الصناعة والتجارة القاضي بتخفيض سعر البيع، فيما قامت بعض الأفران بالبيع بسعر 30 ريالاً للقرص الواحد.

وعبّر مجموعة من ملاك المخابز والأفران عن امتعاضهم من الارتفاع الجنوني لسعر الدقيق وجميع مكونات الخبز الذي يُعد المادة الأساسية في صناعة الروتي، الأمر الذي تسبب بأضرار كبيرة وخسائر مالية لهم، مؤكدين تجاهل الجهات ذات الاختصاص لهذه الأزمة بالرغم من كل الرسائل والشكاوى والتظلمات التي تم تقديمها إليها.

غياب دور الرقابة
فيما أعاد مواطنون في أحاديث متفرقة لـ "الأيام" ارتفاع تسعيرة الروتي من قِبل عدد من ملاك الأفران إلى غياب دور الرقابة من الجهات المتخصصة وضعف هيبة الدولة.

مضيفين: "باتت الكثير من الأسر تشتكي من انخفاض أوزان "الروتي" الذي تستهلكه بصورة يومية، ودون وجود رقابة حقيقية في متابعة وزنه مقارنة مع ما يتم إعلانه من قِبل الجهات المسؤولة مع ملاحظة عدم وجود موازين في معظم المخابز، وإن وجد فهو فقط لغرض التظاهر بالالتزام بالوزن ولكنه لا يُستخدم مطلقاً، مؤكدين بأن التسعيرة الجديدة لم يكن متفق عليها من قِبل جميع الأفران والمخابز في المدينة.

وتعتمد غالبية الأسر في العاصمة بصورة أساسية، على هذه الوجبة، لاسيما مع وجبتي الفطور والعشاء، وهو ما جعلهم يخشون من أن تكون هدف هذه الأزمة تثبيت زيادة أسعار الروتي كغيره من السلع.

حرب التجويع
وقال نبيل أنعم، وهو تربوي متقاعد: "مررنا بحروب كثيرة لكن حرب الجوع والفقر يعد كفراً بحد ذاته، مؤكداً بأن صراعات الطبقات السياسية تساعد بافتعال الأزمات من كل النواحي".
وأضاف في حديثه لـ "الأيام": "الخبز والهواء والدواء إذا مُنعت من الناس فالموت هو المصير المحقق لهم، لهذا قضية الخبز مصيرية وتعني (الحياة) للمواطنين"، مؤكداً بأنه إذا لم يتم السيطرة على الجانب الاقتصادي فأن الوضع المعيشي سيتدهور أكثر فأكثر، وسيصل إلى ما لا يحمد عقباه، وستنتج عنه ثورة الجياع.

وعود بالحل
وفي الوقت نفسه يؤكد مسؤولو مكتب الصناعة والتجارة بعدن بأنهم يسعون إلى إيجاد حلول تحافظ على السعر والوزن وإعادة احتساب الكلفة، وضبط المخالفين للسعر الرسمي.

من جهتها ألزمت إدارة الأسواق وحماية المستهلك بمكتب الصناعة والتجارة بعدن جميع الأفران في عدن بالسعر الرسمي للقرص الروتي وإحالة جميع المخالفين إلى نيابة الصناعة، ونوهت بأنه لا يحق لأي مخبز رفع سعر القرص الروتي أو إنقاص وزنه حسب القرار الصادر من محافظ عدن رقم (160) لسنة 2018، والذي حدد بموجبه سعر القرص الروتي بـ 20 ريالاً، وفقاً لقرار مكتب الصناعة والتجارة، والذي تم بموجبه تحديد السعر والوزن الرسمي".

«لن نسمح بإذلال المواطنين»

مدير عام استقرار الأسواق وحماية المستهلك بمكتب الصناعة والتجارة بعدن، فضل صويلح، وصف استمرار إغلاق غالبية الأفران في المدينة بـ "حرب اقتصادية وبمؤامرة حقيقية تدار على عدن".
وأضاف في تصريحه لـ "الأيام": "ملاك الأفران لديهم أرباح كبيرة وزعمهم بتكبدهم خسائر غير صحيح، ولهذا نحن لن نسمح بإذلال المواطن، كما أننا لن نقبل بتلاعب ملاك الأفران بالوزن أو السعر، ولدينا نيابة ستتخذ كل ما يلزم ضدهم"، داعياً في السياق ذاته إلى تكاتف كافة المؤسسات والمواطنين بهذا الخصوص.

وقال: "متى عجزنا عن توفير الخدمات للمواطن فعلينا بترك عملنا والبقاء في منازلنا".

فيما يؤكد ملاك الأفران أن السعر الذي أقرته وزارة الصناعة عليهم لبيع قرص الروتي الواحد بـ 20 ريالاً، سعر لا يتناسب مع الغلاء الذي طرأ على المكونات الأساسية للروتي كـ "الخميرة والدقيق والأكياس، فضلاً عن أجور العمال المرتفعة وكذا إيجارات المحلات، واستغرب ملاك الأفران من فرض تسعيرة للروتي وفق دراسة جدوى تعود لفترة ما قبل ارتفاع الأسعار بعد سنوات.

تؤكد المؤشرات بأن المشكلة ستظل قائمة لعدم وجود حلول عملية من قِبل جهات الاختصاص لوضع حد لمعاناة المواطنين في أهم سلعة أساسية يتعاملون معها بشكل يومي وهي (الروتي).
ويقول مواطنون إن الإشكالية ليست بوجود القوانين التي يتم سنها ولكن تكمن في عدم متابعة تطبيقها، خاصة إن هناك كثير من القوانين صدرت طيلة السنوات الماضية ولم تنفذ بسبب غياب هيبة الدولة، وتخلي الجهات الرسمية عن تحمل مسؤوليتها في حماية المستهلك من خلال دعمها للمواد الرئيسية.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى