مشاكل حب التملك

> هناك مشكلات يمكن حلها بفائق السرعة، ومشاكل اجتماعية أخرى حلها يكمن في تأخيرها للنهاية، ومشاكل يمكن أن تتلاشى إستراتيجياً، وأن الإقدام على حلها بصورة مبكرة قد يعقدها أكثر مما يحلها.

لكن هناك مشكلة جلبت لنا الحروب والغزوات، وهذه المشكلة ممتدة من القرن السادس عشر والسابع العشر وحتى الآن.

وهذه المشكلة تنحصر في أقوال مأزومة، مفادها أن الإمامة ظلت تدعي أن الجنوب العربي ملك لأجدادها الذين احتلوا الجنوب في فترات سابقة، وأطاع نظام صنعاء هذه الأقاويل، وهو يحاول في كل مرة أن يستعيد أرضي أجداده، خاصة عندما يكون الجنوب في حالة ضعف، وقد كرر هذه المحاولة مرة عن طريق الغزو المباشر عام 1994م، ومرة عن طريق الشعارات الوطنية التي وظفها نظام صنعاء لاسترداد ملك أجداده عن طريق هذه الشعارات الوحدوية التي انساق وراءها الجنوبيون بطريقة عاطفية وحسن نية.

وخلال ثلاثين عاماً من استيلاء الشمال للجنوب بالقوة العسكرية، قامت النخبة الحاكمة في صنعاء بتصويرها لنا حكاماً طفيليين شرهين ولا يشيعون، واستولت نخبة بيروقراطية على ثروة الجنوب وضحاياه، وكانت غير ضرورية وغير مرغوب فيها، حيث تمسكوا بالقوة حتى يتأخر المحتوم عليهم.

وجاؤوا لنا بحكام أقل ما يمكن أن يقال عنهم إنهم في خانة (الخساسة)، والخسيس ليس بالمولد أو بالثروة؛ بل بالوظيفة التي يشغلها، وكانوا أقوياء بالوظيفة بعد أن فقدوا احترام الناس، وفقدوا تصديقهم، واحتفظوا لأنفسهم بالسلطة طالما ادعوا أنه لا يوجد بديلاً لهم أو لعدم وجود حل طبيعي.

والجنوب ملك لأبنائه وليس ملكاً لأحد يدعي ذلك، فالجنوب قائم منذ الأزل، وعاشت على أرضه حضارات كانت مناراً للآخرين والآثار المكتوبة على الحجارة وعلى عظام الحيوانات والصيد شاهدة على ذلك.

والآثار الموجودة في منطقة (صبر) اللحجية تدل على ذلك رغم عدم إظهار تلك الآثار للناس، حيث وجدت أسلحة محرقة ومقتنيات على طول الشريط من صبر حتى باب المندب، ووُجدت جثث محرقة بسبب غزو (مأرب) على الجنوب وإحراق ممتلكاته.

والتملك قد يكون في ملكية سيارة أو أغراض شخصية، ولكن التملك لأرض يعيش فيها الجنوبيون منذ آلاف السنين، فهذه كارثة لا حدود لها.

ويحتاج الجنوبيون إلى إستراتيجية كيف إفراغ ذهن المواطن الشمالي بأن الجنوب ملك لأجدادهم عن طريق التربية والتاريخ والجغرافيا والمنطق، ولا أعتقد أن الادعاء بالجنوب أنه ملك لأجدادهم.

جاء دون وجود أطماع بأرض الجنوب وثرواته وموقعه الإستراتيجي، فالجنوب أرض الشبع والثروة والشمال لديه ثروة لا تقل عن ثروة الجنوب، ولكن الأطماع بحق القوي على الضعيف، وهي ثروة لا يستفيد منها المواطن الشمالي، بل تستفيد منها نخبة البيروقراطية التي جعلته فقيراً عقوداً من الزمن.

وعدم وجود نخبة سياسية تؤمن بالتجديد والتقدم في الشمال بدونها لاستقرار سياسي ولا نظام اجتماعي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى