فوزية.. أم تعيل 7 أيتام بمرتب 17 ألف ريال

> زنجبار «الأيام» خاص

> أن تختار ألماً من أصل ألمين أن تختار أهون الخسارتين، أن تبتر بعضك لتنقذ بعضك الآخر.. هذا النوع من الخيارات يواجهه العديد من أبناء بلادي الذين كتب عليهم أن يعيشوا مواطنين بالدرجة العاشرة في هذه البلاد النامية التي تعد من بلدان العالم الثالث.

أحدهم يختبر هذا الإحساس بتخييره بين دراسته الجامعية التي تتطلب رسوماً مالية لا يستطيع توفيرها، والعمل لدى منظمة دولية تدفعه لتزييف الحقائق وتشويه صورة مدينته التي ليست بحاجة لمزيد من التشويه، وآخر بالبقاء مع والدته المسنة والنظر إليها بحسرة إذ هو غير قادر على إجراء العملية الجراحية التي ستنقذ حياتها كما أخبره الأطباء والذهاب إلى جبهات الموت ليعود بأوراق نقدية خضراء وربما لا يعود.. لكن فوزية ذات الوجه الذي خُطّ عليه عناء سنين العمر خياراتها كانت أشد إيلاماً.. فهي مخيرة بين رؤية فلذات أكبادها يموتون جوعاً ويئنون وجعاً وبين امتهان التسول وبيع كرامتها التي خرجت بها غنيمة من بين براثن الزمن.

الأرملة فوزية عامر أحمد علي، القاطنة في مدينة جعار بمحافظة أبين أم لـ 7 أولاد وتصارع الزمان وظروف الفقر لتربي أولادها اليتامى وتوفر لهم الغداء والملبس والعيش الكريم وتعتبر هذه المهمة الأصعب في ظل أوضاع البلاد بشكل عام ورفع أسعار السلع الاستهلاكية بشكل خاص.

المهمة التي تعذرت على أرباب الأسر، الذين يعملون بمرافق حكومية بداية النهار وأخرى آخره وعلى الأسر التي جميع أفرادها يعملون، لم تتعذر على فوزية وظلت تسعى لتكسب الرزق الحلال من مصادر عدة، ولكن المجتمع الذي لم يمد يده ليمسح بها على رؤوس اليتامى لم يكفّها عن محاربتهم في لقمة عيشهم، ففوزية وكما حكت بدموعها وعبراتها قبل كلماتها، كانت في العام 2009م تعمل بالتعاقد مع مكتب مدير عام مديرية خنفر مقابل 17 ألف ريال كمرتب شهري، ورغم قلة المبلغ مقابل توفير احتياجات ومتطلبات 7 أبناء بلا معيل، إلا أنها تمسكت بالعمل ليتم إيقافها ظلماً عن العمل بعد اختلاق مدير مكتب المأمور مشاكل حولها لم تجد لها تفسيراً وقالت: "المأمور تعامل معي بسلبية غير متوقعة رغم شكواي من مدير مكتبه"، ورغم حصولها على توجيهات من محافظ أبين، أبوبكر حسين سالم، لإعادتها للعمل إلا أن المدير العام لم يعِر تلك التوجيهات أي اهتمام.

فوزية عامر أحمد والبكاء يملى عيناها
فوزية عامر أحمد والبكاء يملى عيناها

وأضافت وهي تسرد قصتها الحزينة " صندوق الرعاية الاجتماعية اعتمدني ضمن قوائم المستحقين ولكن بعد استكمال الإجراءات تم استبعادي دون إبداء الأسباب "فوزية وأبناؤها السبعة بحاجة ماسة للإعانة التي حرموا منها لتتكالب عليهم الظروف ويشمر لهم المجتمع عن أنيابه وكأنهم أجرموا بأن وجدوا أنفسهم يتامى وبلا مصدر دخل.

إن ما يدمي القلب حزناً أن فوزية تطرقت، أثناء سردها لتفاصيل حكايتها، إلى مرتب زوجها المتوفى الذي يستلمه ذووه، حسب قولها، ومنعوا أبناءه من حقهم الذي خلفه لهم والدهم بعد رحيله لتدعنا نقف متعجبين مستنكرين لمدى القساوة والغلظة التي اعترت أفئدة الناس قبل وجوههم.

قصة الأرملة فوزية وأطفالها ما هي إلا عنوان لكتاب ابتاعه أولياء، الأمر بعد أن كتبت صفحاته بعنف شيطاني وكراهية مقيتة وأنانية نتنة ووزعوه في شوارعنا بالمجان لنقرأه في آذان بعضنا البعض قبل أن نعمل به عمي البصيرة، متناسين أن من لا يرحم لا يُرحم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى