السعودية وفك الارتباط

> توفيق جزوليت

> رغم الصمت المطبق من قبل الرياض والمجلس الانتقالي الجنوبي والمعانات المتزايدة للشعب الجنوبي الصامد، جميع المعطيات على الأرض العسكرية منها والدبلوماسية في اليمن تؤكد أن الولوج إلى فك ارتباط عدن مع صنعاء أضحى أمراً واقعاً، ومرغوباً فيه ضمنياً من بعض الجهات وصريحاً من جهات أخرى.

هذا الصمت الذي لجأت إليه السعودية بعد فشل تطبيق مقتضيات اتفاق الرياض، يعكس مدى التناقض الذي يهيمن على القيادة السياسية السعودية بين المنافحين للجنوبيين والمتعاطفين مع حركة الإخوان، غير أن الانتصارات العسكرية التي كان ولا يزال يحققها الحوثي واعتراف المنتظم الدولي به، أضحى يؤرق الرياض، ولا ريب أن هذه التطورات المتسارعة من شأنها أن تفرض على الرياض إعادة حساباتها الإقليمية لضمان أمنها وأمن المنطقة. تصريحات بعض الساسة السعوديين تعتبر أن مواجهة الحوثيين غير مجدية، فالحوثي قوة حقيقية في الشمال ويحكمه منذ خمسة أعوام، ولم يعد الأمر يخفى على أحد. لذلك إذا سقط الجنوب في أيدي الحوثي سيهدد أمن الخليج والمنطقة من خلال البحر العربي ومضيق باب المندب.

كما تعالت أصوات من الرياض تتهم قوات الرئيس عبدربه منصور هادي، بنهب الدعم السعودي المقدم للشعب اليمني، في ذات الوقت يعتبر الإعلام السعودي أن ‏ الإخوان خانوا التحالف العربي ويعملون من تحت الطاولة مع الحوثي الذي يتجه نحو السيطرة الكاملة على تراب الأراضي الشمالية، مما حذا بنواب حوثيين داخل قبة برلمان صنعاء المطالبة بفك الارتباط مع الجنوب.

المخابرات العسكرية السعودية على معرفة وإدراك أن الجنرال علي محسن الأحمر، سر هزائم الشرعية التي تدعمها الرياض منذ خمس سنوات، بدليل زيادة حجم الفساد والمحسوبية في صفوف ما يسمى بالجيش الوطني الذي لم يحقق أي انتصار حقيقي في ساحة الوغى؛ بل ذاق الهزيمة تلو الأخرى في مناطق حيوية مثل حجور ونهم والجوف، ويعلم أن نسبة مهمة من قيادات الجيش الوطني أعلنت ولاءها للحوثي، ومما يزيد الطين بلة أن مليشيات الحوثي ازدادت قوة، وباتت تملك صواريخ وطائرات مسيرة تهاجم عمق السعودية.

على الصعيد الدبلوماسي، المجلس الانتقالي الجنوبي الذي ظل ملتزماً باتفاق الرياض استقطب اهتمام الدول أعضاء مجلس الأمن وفي مقدمتهم روسيا التي تطمح أن يكون لها موقع في الجنوب لخدمة مصالحها الإستراتيجية.
الشرعية المختطفة من حزب الإصلاح الإخواني، أصبحت كارثة حقيقية تدعمها العناصر الإرهابية، من المستحيل تحقيق السلام في منطقتي اليمن والخليج بوجودهما، على الرياض أن تقتنع أن شمال اليمن للحوثي وجنوب اليمن لأهله وأن الشرعية التي يقودها الإخواني علي محسن الأحمر في طريقها إلى مزبلة التاريخ.

*بروفسور في القانون الدولي وإعلامي مغربي

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى