استيراد العقول من الخارج

> بلدي بكل مفاقرها وتاريخها وحضاراتها لم تستطع حل مشكلتها الداخلية، وتنتظر عقلاً من الخارج يساعدها على حل مشكلاتها.

أين العقول اليمنية؟ هل قتلت أم أنها مشردة على طول العالم وعرضه؟ أم أنها قابعة في البراري والصالونات؟

مشكلة نظل نتقاتل عليها سنوات طويلة، ولا نجد لها حلاً، هل عقمت اليمن في إنجاب العقول المنيرة والمستنيرة؟

لقد سخر علينا العالم، ونحن نتغنى بأمجاد تليدة، وتكسرنا مشكلة غير قابلة للحل عندنا، ولكنها ميسّرة للعقل الخارجي ومشكلتنا نظام لا يعترف بحقائق العصر، ولا بالتداول السلمي للسلطة، ولا للشعوب حق في تقرير مصيرها.

وعقولنا مركبة على انتزاع كل شيء بالقوة، وبقوة السلاح تحكم وبقوة السلاح تستحوذ على حقوق الآخرين، ولا تعترف بالجنوب أنه كانت له دولة ونظام ودستور وتريده العودة إلى بيت الطاعة.

ماذا نقول للشيك والسلوفاك القوميتين اللتين انفصلا عن دولتهما؟ وماذا نقول ليوغسلافيا الاتحادية التي تفككت أوصالها وتحصلت كل قومية منها على حقها في استرداد إقليمها كالصرب والكروات والألبان وغيرها؟ كيف تريدون دولة اتحادية لليمن، وصنعاء بيد الحوثي؟ وكيف تريدون جنوباً ملحقاً بالاتحادية وهو مشتت الأوصال؟ وكيف تريدون دولة يمنية موحدة وشعب الجنوب عانى طويلاً وبيعت ممتلكاته في الداخل والخارج من الوحدة التي تريدون بقاءها والتشتت الذي جرى للجنوب من أثر الوحدة لكوادره في الجيش والأمن والتعليم وغيره؟ إذا تريدون عدن والجنوب يلتحقان بالدولة الاتحادية عليكم بالذهاب إلى 15 داونج استريت في لندن حيث مكتب رئيس الوزراء البريطاني جونسون لطلب مشورته بهذا الأمر، لأن بريطانيا اشترت عدن بحر مالها ولا معقول أن لا تؤخذ مشورتها.

لقد كان واضحاً هذا الأمر أن عدن لم تستقر لا أمنياً ولا اقتصادياً عندما حولوها إلى عاصمة وطنية للجنوب، ولم تستقر عندما حولوها إلى عاصمة مؤقتة لليمن، فماذا نقول في هذا؟ أليس هناك أيادٍ خفية لم تجز هذا الأمر ولم توافق على تحقيقه؟.

وكلما حصل الصراع بين الإخوة الجنوبية يذهبون إلى لندن، فنقول لهم ارجعوا إلى حالة الجنوب العربي.

الجغرافيا لا تتحول ولا تتغير بقوة السلاح مهما عظمت القوة، إنها قوة التاريخ والجغرافيا والنظام الذي ساد فيها منذ مطلع القرن الثامن عشر، حيث أعلن الشيخ فضل بن علي العبدلي وتؤازره قوة يافع وقبائلها القوية، تصفية الوجود (الزيدي) في الجنوب.

والآن انتهت دولة العربية اليمنية وانتهت دولة اليمن الديمقراطية، وانتهت الوحدة، وأصبحت اليمن خالية من الجمهوريات وينتظر بزوغ نظام جديد على أنقاضهما.

فهل يا ترى نرى جنوباً عربياً يعود لقوة بعد انقضاء خمسين عاماً ويتربع الآن في صنعاء نظام إمامة جديد؟ فهل نرى أيضاً بوادر طلوع نجم الجنوب العربي؟ هذا ما سوف ترينا إياه الأيام القادمة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى