ما قبل الانفجار والرقعة والبيادق!

> علي ثابت القضيبي

> مُؤخراً، ازدادت الصورة وضوحاً، وتَكشّفت معها بشاعة المشهد الذي يَتجلّى بين ثناياه ضلوع الطّرف الخارجي على أرضنا، فالشّرعيّة تلكّكت في تنفيذ اتفاق الرياض، والدولة الرّاعية تَجنحُ الى مُهادنتها، في جانبٍٍ آخر تتفاقمُ استسلامات الشّرعية فيما تَبقّى لها في جغرافيا الشمال، والأغرب التّسليم بالعتاد، ناهيك عن تصعيد الحوثي لهجماتهِ في حدودنا في ثرة والضالع وأحياناً في يافع، وهذا من باب الإشغال وحسب، أمّا المُثير فهو انسحاب الشرعية نحو تُخوم النّفط في شبوة وحضرموت!

* لا أعتقدُ أنّ كل هذا لا يومئُ إلى أنّ ساحة معركة كسر العظم القادمة هي جفرافيتنا وحسب، ولذلك أصرّت الشرعية على عدم الانسحاب من شقرة وشبوة، واليوم هي تُجري مناورات عسكرية هناك، كما وثمّة تحشيد مُكثّف في كل حدودنا مع تعز، وهذا بدعمٍ قطري علني.

* بصراحة.. ما يدهشني هو خُفوت الصوت الدّاعي إلى تكثيف كل الجهود للتصدي للحوثي وحسب، وهذا برزَ بصوتٍ مُجلجلٍ طوال محادثات واتفاق الرياض، والتّحالف العربي سابقاً، والآن المملكة هي هنا لمواجهة الحوثي حصراً، لكنّ الشرعية تُسلم وتنسحب جنوباً، كما وليس ثمّة فِعلٍ عسكري حقيقي من المملكة تجاه الحوثي في المناطق التي يحتلها مؤخراً، ولا في كل تَمدده في الشمال، والأهم أنّ المملكة لم تُخاطب الشّرعية بصوتٍ حادٍ عن استسلاماتها المُهينة للحوثي شمالاً! كل هذا يُفصحُ عن الكثير من الخبايا والسيناريوهات التي تدور هنا.

* لا أعتقد أنه يغيب عن أذهان قادتنا في الانتقالي أنّ كل ما يدور هنا هو لُعبة أكبر من كل البيادقِ المُتَحركة على الرقعة، كِبارها وصغارها، سواءً الشّقيقة المملكة، وحتّى السلطة الشرعية، إلى البيادق الصغيرة والدمى المُتمنطة بالأسلحة ومن مختلف الفئات والجماعات المحلية والخارجية، وهذه الأخيرة على استعدادٍ للقتل عندما يأمرُها عرّابوها بالتحرك.. لذلك تَسيرُ خُطى اللاعبين الذين نَفترضهم كِباراً بِتعثٌرٍ ومماطلة تُثيرُ الاشمئزاز.

* هنا.. وهذا رُبما يستفز كثيرين، وأوّلهم قيادتنا في الانتقالي، لأننا سنتعرّضُ لمن يفترضوهم شُركاء حقاً، هنا ثانيةً وثالثةً أسأل الشقيقة السعودية، وهي جاءت وبقيت الوحيدة هنا بدعوى إسناد السلطة الشرعية وإعادتها للسلطة، لكن لماذا لم تُخاطبها الآن بصوتٍ عالٍ عن انسحاباتها المُخزية والمُرتّبة بجلاءٍ مع الحوثي والتّوجه جنوباً وحسب؟! هذا هو السؤال المُحوري اليوم، وهو لإثبات حُسن النّوايا على خلفيات مجيئهم الى هنا لنصرة الشرعية كما يدّعون.

* كل البيادق تتحرّكُ بِإيعازٍ أمِرٍ خارجي، بِما فيهم مَن نَفترضهم كِباراً هنا، ويُمكن أن يكونوا كباراً عند الآخر لكن إلى حدٍ ما، أي بحسب ثِقَل مخزونهم النّقدي والنّفطي وفِعْلَهُ وحضوره في الخارطة الاقتصادية للعالم، ما يعني أنّهُ يمكن مُراعاة شيء من طروحاتهم ورُؤاهم ليس إلا، لكن السيناريوهات المرسومة لا يُمكن لأحدٍ أن يُحيدَ عنها أو يتجاوزها ألبتّة، كل هذا تُصورهُ وقائع الأحداث الحية على الأرض اليوم.

* وعليه.. ما يُمكن رؤيته في الأفق هو أنّ جغرافيتنا الجنوبية ستشتعلُ جحيماً كما اشتعلت سوريا وليبيا، وهذا بسبب كل ما يدور اليوم، ولأنّ الكبار جداً غايتهم إشعال وإنهاك رقعتنا العربية، وقد آنَ الأوان بالنسبة لنا، ولأنه لا يُمكننا القبول بالعودة الى عهد العبث والإذلال والاسترقاق، وهذا لا يقبله الكائن الحي الشريف، وما عانيناه ليس قليلاً أصلاً، لذلك لا خيارات أمامنا إلا خيار الثبات على حقوقنا وأعراضنا وأرضنا، وليقدر الله ما يكون، وهو الذي لا يظلم مظلوماً، ثم إن شهوة ونية الانتقام والثأر تتطايرُ شُرُرُها من بين أنياب ومخالب الخصوم قبل وجوههم.. أليس كذلك؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى