يا قواتنا الجنوبية.. حظر تجوال لكن بمنطق

> تتخذ السلطات في كل البلدان القرارات والأنظمة التي تراها ضرورية لتنظيم الأمورٍ فيها، ولكنها تتدارس الأمر وبتروٍ ودقة من كل الجوانب، وبحيث لا تترك ثغرة فيها أو تخلق معوقات أو تبعات سلبية أو تعود بالأذى على البلاد وأهلها.

* كنت وصديق عزيز علي وأسرته لعلاج صغرى بناته التي أصيبت بالمكرفس كما ظننا، وهناك - في مستشفى الوالي بالمنصورة - اتضح أنها مصابة ببدايات سرطان الدم، وقضينا كل النهار حتى الواحدة ليلاً في متابعات وتحاليل وخلافه، وهكذا بقيت والدتها وإحدى إخواتها بجوارها، وغادرنا أنا وأبوها وأختاها، وفي النقاط العسكرية لحظر التجوال واجهنا من العبث والاستفزازات والتقيد الأعمى بالتعليمات ما لا يتخيله عقل.

* أنا على يقين هنا بأن ثمة من سيتبجح بأن هذا تجنياً على قواتنا الجنوبية، أو أن هذا الطرح للإساءة والتشويه، وربما من سيقول: هذا خصم لجنوبنا..إلخ. مع العلم بأنني من المدافعين وباستماتة عن جنوبنا وقضيته منذ بدايتها وما انفكيت، بل وبالمصادفة في يوم المشكلة نشرت لي رائدة صحافتنا "الأيام" مقالا أدافع فيه عن الأحزمة الأمنية والنخب وخلافه، وأطالب فيه بضرورة تسليمها لمرتباتها الموقوفة لثلاثة أشهر، ولا تعليق هنا.

* ما أريدُ لفت الانتباه إليه هنا هو ضرورة معالجتنا لأي اختلالات في أدائنا الجنوبي عموما، وأن لا ندعها تتراكم، لأن الصمت سيشوه الصورة التي نحلم بها لجنوبنا، وكم تحدثنا في تناولاتنا الصحفية لهذا الأمر، وخصوصا بالنسبة للأحزمة الأمنية وخلافه، ولكنه الأذان في مالطا بكل أسف!

* توقفك النقطة الأمنية بحجة الحظر، ونشرحُ لها خلفيات بقائنا اضطرارياً إلى الآن في المستشفى لمتابعة حالة مفاجئة لسرطان أصاب طفلتنا، ثم إن برفقتنا عائلة، وفي نقطتين تفهّموا حالتنا ومررونا، أما البقية البقية - 4 نقاط بين المنصورة والبريقة - تصفعك إجاباتهم: "ما لنا دخل، معنا تعليمات، عد من حيث أتيت..."، فأين نذهب بالعائلة التي معنا؟! وكيف وأين نبات؟! أو.. أو..، كل ذلك لا يعنيهم مطلقاً، بل تأتي إجابات بعض الجنود متعجرفة مستفزة مقرفة، مع أن قادة النقاط يكونوا يتحدثوا معنا أو يحاولوا استيعاب الأمر.

* تخيّلوا معي.. عسكري عادي، ويتعاطى القات وهو منزوٍ في نقطة في الظلمة ويصرخ: يرجعوا ما فيش مرور، حظر تجوال وممنوع الحركة على الكل..! وفي نقاط يصيح ثلاثة إلى أربعة بجنود بنفس هذا المنطق، وتخيلوا يحدث هذا عندما نكون نناقش قائد النقطة عن ملابسات تأخرنا! فأين الانضباط العسكري هنا؟! وكانت ليلة سوداء حقاً.

* في منطقتي الخيسة بالبريقة، ونحن نتحدث مع بعض أصدقائنا بهذا الصدد، فقد صدمني أن حوادث مماثلة حصلت باعتراض المناوبين في الورديات الليلية للإطفاء في مصفاة عدن! وأيضا ورديات الممرضين والممرضات في مستشفى مصفاة عدن! بل حتى مناوبات الحراسات الأمنية للمستشفيات الخاصة تعرضت للاعتراض والمنع من الحركة! والمضحك في منع عمال ورديات ضخ النفط لمحطات الكهرباء وخلافه! فقد تم رفض مرور كل هؤلاء! وهؤلاء منوط بهم تقديم خدمات أكثر من حيوية للبلاد كلها.. فكيف يحدث هذا؟!

* إنه عدم الدراسة الدقيقة لإجراء الحظر بمجمله، وعدم وعي النقاط الأمنية بكيفية التعامل مع الوقائع التي أمامها، كما وكيفية ونوعية التعاطي بقدر من الارتجالية الممزوجة بشيء من عدم الانضباط العسكري الصارم الذي يتسم به طابور لا بأس به من منتسبي أمننا المستجدين، كل هذا يحتاج إلى ضرورة المراجعة والتعاطي بشكل واقعي مع موضوع الحظر، وأيضا يحتاج إلى فرمتة أداء قواتنا العسكرية والأمنية.. أليس كذلك؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى