اليمن.. خيارات مدمرة

>
الاستفزازات التي تقوم بها جماعة الحوثي، خاصة في الأسابيع القليلة الماضية، تشير إلى أن الاستعداد للسلام ليس من أجندتها، على الرغم من التصريحات التي يدلي بها قادتها في هذا الشأن بين الحين والآخر، فإقدامها على مهاجمة العاصمة السعودية، الرياض، بطائرات مُسيّرة، وشنها هجمات صاروخية على منشآت نفطية ومدنية وعسكرية في مأرب، ومناطق أخرى من اليمن، يؤكد إصرارها على تخريب العملية السياسية، والتمسك بخيار الفوضى، بديلاً من المفاوضات حلاً للأزمة القائمة.

وجاءت عملية القصف الإجرامية، التي قامت بها، الأحد الماضي، لسجن النساء في مدينة تعز، والتي راح ضحيتها العديد من البريئات، لتشكل دليلاً إضافياً على غياب العقل السياسي الناضج، الذي يراهن عليه المجتمع الدولي؛ لإنجاز تسوية شاملة، تنهي الأزمة الناتجة عن الانقلاب الذي نفذته الجماعة في عام 2014، تنفيذاً لأجندات خارجية، وهو الانقلاب الذي جلب معه الويلات على الشعب اليمني بأسره.

الاعتداءات المتكررة التي تقوم بها جماعة الحوثي، ومن بينها استهداف عدد من المواقع المدنية في المملكة العربية السعودية قبل أيام، هي مؤشر على رغبة الجماعة في السعي إلى استمرار الحرب، والبحث عن اهتمام إعلامي في ظل أولوية تصدي العالم لجائحة «كورونا»، فالحوثيون، ميليشيات متمردة، وكما أشار إلى ذلك، د. أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، «وفي كل اختبار لا يستطيعون أن يتجاوزوا منطق أنهم عبارة عن مليشيات إرهابية متمردة، وأداة في يد نظام خارجي، يستهدف كافة اليمنيين».

وفي وقت انشغال العالم بالتصدي لوباء «كورونا»، الذي صار يطرق أبواب اليمن، بحكم افتقاره لإمكانية مكافحته، والتصدي لتداعياته، يصر الحوثيون على انتهاج خيار المواجهات المسلحة، كما هو حاصل اليوم في مأرب والجوف والحديدة، محدثين الكثير من المآسي والجرائم التي لم يعرفها اليمن طوال تاريخه.
لقد زادت الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية، سواءً من خلال استمرار حملة الاعتقالات التي تقوم بها في المناطق التي تقع تحت سيطرتها، أو عبر شن هجمات بالصواريخ ضد منشآت اقتصادية وعسكرية في الداخل، أو الاعتداءات المتكررة ضد المملكة العربية السعودية، وكلها تشير إلى أن خيار السلام ليس مطروحاً في أجندتها، وكل ما تريده هو استمرار الحرب؛ لأنه يوفر لها سبل البقاء والاستمرار في السيطرة على المناطق التي تخضع لجبروتها.

وفي المجمل، فإن الجماعة الحوثية تجاوزت عملية البحث عن السلام المفقود، والذي ترعاه الأمم المتحدة، بمباركة من التحالف العربي، المساند للشرعية اليمنية، واتجهت بدلاً عن ذلك إلى وضع المزيد من التعقيدات؛ لمنع توافقات سياسية، تفضي إلى سلام دائم وشامل في البلاد، من شأنه أن ينهي الحرب المستمرة منذ سنوات طويلة.

"الخليج"

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى