الأقليات اكثر تأثرا بفيروس كورونا المستجد في المملكة المتحدة

> لندن «الأيام» أ ف ب

> يرى عامر أوان، وهو أربعيني من أصل باكستاني، أن الثقافة الخاصة ببعض الأقليات تجعلها أكثر هشاشة في مواجهة كوفيد-19، ويستشهد على ذلك بالقول "عندما توفى والدي بالفيروس، أراد أصدقاء لا يضعون كمامات أو قفازات معانقتنا".

اضطر هذا المطوّر العقاري القاطن في برمنغهام، وسط بريطانيا، أن يتخذ قرارا صعبا الأسبوع الماضي بفصل جهاز التنفس الاصطناعي عن والده نذير (68 عاما) الذي جاء من باكستان قبل 56 عاما.

لكن ذلك غير كاف لشرح لماذا تمثل الجاليتان الافريقية والآسيوية، وأقليات اتنية أخرى، ثلث المرضى الأكثر تضررا بكوفيد-19 في المستشفيات، وفق ما تظهر دراسة المركز الوطني للبحث والمراجعة حول العناية المركزة، في حين تشكل 14 بالمئة فقط من إجمالي سكان البلاد.

يعتبر رئيس الجمعية الطبية البريطانية شاند ناغبول أن ذلك "مقلق ومزعج للغاية".

كتب ناغبول مؤخرا في جريدة ذي غاديان "يقولون لنا إن الفيروس لا يميّز بين الأفراد، لكن أولئك المنحدرين من الأقليات الاتنية، وخصوصاً السود والآسيويين، نسبتهم عالية بين الحالات الأكثر تضررا".

ينطبق الأمر ذاته على الطاقم المعالِج. ألفا سعدو، جيتندرا راتود، محمد سامي شوشة وسيد حيدر وغيرهم، هؤلاء من بين أوّل عشرة أطباء توفوا نتيجة فيروس كورونا المستجد، وجميعهم من أصول مهاجرة.

في رسالة إلى وزير الصحة مات هانكوك، قال عدة نواب معارضين من حزب العمال إن "وفاة هؤلاء الأطباء العشرة ليس صدفة"، وطالبوا بفتح تحقيق حكومي "عاجل".

من جهته، قال مدير مركز التفكير "بريتيش فيوتشر" ساندر كاتوالا لوكالة فرانس برس إنه "يوجد عدد مرتفع من الفلبينيين المتضررين (من كوفيد-19) بين الممرضين وحاملي الناقلات الطبية وأعضاء آخرين في طواقم المستشفيات"، على نحو "غير متناسب" مع عددهم الاجمالي في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.

"يُنظر إليهم كغرباء"

أقر هانكوك الأحد أنه "للأسف، فإن عدداً غير متناسب ممن توفوا في هيئة الخدمات الصحية الوطنية جاؤوا هنا لعمل وكسب العيش".

بموازاة ذلك، أعلن الخميس متحدث باسم داونينغ ستريت، مقر رئاسة الحكومة، فتح تحقيق.

يفسر الأمر جزئيا بحضورهم القوي في صفوف الطاقم الطبي. على سبيل المثال، جاءت الممرضتان اللتان حياهما رئيس الحكومة بوريس جونسون عند مغادرته المستشفى التي تلقى بها العلاج من كوفيد-19، من البرتغال ونيوزيلندا.

وفق مكتب الاحصاء الوطني، يمثل المهاجرون 12 بالمئة من الطاقم الصحي في المملكة المتحدة، وترتفع النسبة في لندن التي تمثل إحدى أكثر المناطق تضررا من الوباء، لتصل إلى 23 بالمئة.

رغم ذلك، أكد النواب العماليون في رسالتهم أن "الأطباء المنحدرين من أقليات لا يتلقون في كثير من الأحيان معاملة متساوية، وينظر إليهم مسؤولهم كغرباء ولا يوفر لهم الدعم اللازم".

وارتكزت الرسالة على دراسة أجرتها هيئة الخدمات الصحية الوطنية، خلصت إلى أنهم أقل شكوى من نظرائهم، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بنقص المعدات.

وظائف أكثر عرضة للأمراض

لناحية المرضى من أصول مهاجرة، جاءت هذه الاحصائيات المنذرة بالخطر نتيجة الدمج بين الاستعدادات الجينية وعوامل اجتماعية ثقافية.

يشرح المشرف على دراسة المركز الوطني للبحث والمراجعة حول العناية المركزة كامليش كانتي أن الأشخاص المنحدرين من "جنوب شرق آسيا يعيشون عادة في مناطق أكثر فقرا ويعانون أكثر من السكري وأمراض القلب".

لكن، في تصريح للبي بي سي، قالت المديرة المساعدة لـ"صندوق رانيميد" الدكتورة زبيدة حقي إن الأشخاص المنتمين إلى أقليات "يعملون أكثر من غيرهم في وظائف ضعيفة الأجر وأكثر عرضة للأمراض (النقل، طواقم الصحة، التنظيف)، ما يضعهم في مواجهة مباشرة مع فيروس كورونا المستجد ويفاقم خطر تعرضهم لمرض خطير والوفاة".

يضاف إلى ذلك أنهم يعيشون في أحيان كثيرة ضمن "عائلات واسعة". يضيف عامر أوان و"أحيانا يمكن أن نرى أربعة أجيال تعيش تحت سقف واحد"، ينتج عن ذلك أن "بعض الناس في جالياتنا لا تأخذ على محمل الجد" تدابير التباعد الاجتماعي.

تأثر أوان بعدم قدرته على "احتضان والدته بين ذراعيه" منذ وفاة والده، لكنه مصمم على أن يكون نموذجا يحتذى به، "يجب على جاليتنا أن تتحمل المسؤولية. علينا التحرك وإلا سترتفع الأرقام أكثر".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى