رمضانيات.. إضاءات على غزوة فتح مكة المكرمة

> أمين عادل الأميني

> الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلى آله الأطهار وأصحابه الأبرار وأتباعه الأخيار إلى يوم الدين.
تم أما بعد سبق وتحدثنا في اليوم العاشر من هذا الشهر الكريم عن غزوة بدر الكبرى وأنها وقعت في رمضان والآن سنتحدث بإذن الله تعالى عن حدث عظيم وقع في رمضان كذلك وهو فتح مكة المكرمة وكان في السنة الثامنة من الهجرة المشرفة، في هذه السنة كسرت أصنام الشرك ورفعت راية التوحيد، وكان من سبب هذا الفتح ما وقع في صلح الحديبية والذي كان بين النبي -صلى الله عليه وسلم- وقريش في السنة السادسة للهجرة وكان بند منه نصه: أن من أحب أن يدخل في دين محمد وحلفه فليدخل، ومن أحب أن يدخل في عهد قريش فليدخل، فدخلت خزاعة في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- ودخلت بنو بكر في عهد قريش، وكان بين القبيلتين دماء في الجاهلية، فوقعت حادثة على إثرها أغارت بنو بكر على خزاعة وهم آمنون، وقريش لم تلتزم بالعهد بل أعانت حليفتها على قبيلة خزاعة وأمدتهم بالسلاح والرجال سرا، فقدمت جماعة من بني خزاعة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلبون النصرة وأخبروه بنقض العهد وإعانة قريش لبنو بكر، فأدركت قريش حقيقية فعلتها وخشيت ضياع هيبتها بالهزيمة، فأرسلت أبو سفيان للنبي -صلى الله عليه وسلم- ليشد في العقد ويزيد في المدة، فكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- فلم يرد عليه، ثم كلم أبا بكر الصديق وعمر ليشفعا له عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلم يردا عليه كما كان يرجوا، وكلم عليا فلم يفلح كذلك، ثم استجار الناس وخرج عائدا إلى مكة وأخبر أهل مكة بالخبر، وأما النبي صلوات ربي وسلامه عليه فقد أمر الجيش المدني بالتجهز للقتال ودخول مكة، وهو وعد وعده الله إياه في صلح الحديبية والآن بشاراته تلوح في الأفق،ونصر  رب الأرض والسماء لهذه الأمة في هذا اليوم من شهر رمضان المبارك قد تحقق، فمكن لأمة نبيه الكريم عزائم أمر دينهم فسبحان الله العظيم الكريم واسع العطايا والجود، ودعا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قائلا: *اللهم خذ الأخبار والعيون عن قريش حتى نبغتها في بلادها ثم خرج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعه نحو عشرة آلآف مقاتل وولى على المدينة ابن مكثوم،وفي الطريق إلى مكة لقي عمه العباس وأهله وعياله مهاجرين إليه مقرين بدعوته في منطقة الجحفة، ولقي غيرهم وواصل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طريقه إلى مكة ومعه الجيش المسلم وكان قد أمرهم بحمل نيران مشعلة قيل كل رجل يحمل مشعلين وكانت ليلة مظلمة وهذا مشهد عظيم، حتى قال فيه أبو سفيان: مارايت كالليلة نيرا قط وأمن رسول الله -صلى الله عليه وسلم على مكة- فقال من دخل الكعبة فهو آمن ومن داره فهو آمن ومن دخل دار أبا سفيان فهو آمن، وحدث هذا النصر العظيم في شهر رمضان ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مكة فاتحا منصورا فما رأى فيه الناس كبر الملوك وغطرستهم ولا دخول القاهر المذل لهم بل رأوه متواضعا صلوات ربي وسلامه عليه قد طأطأ راسه لله عز وجل حتى إن جبهته كادت تمس رحله وهو يقرأ قوله تعالى: *(إنا فتحنا لك فتحا مبينا) ويعيدها، وقد دخل الجيش المسلم مكة وهم صائمون والناس تنظر إليه بتقرب، نعم هم أولئك الذين أخرجوه ونبذوه وحاولوا قتله، وبعد كل هذا يغفر لهم ويعفوا قائلا: لا أقول فيكم إلا كما قال يوسف لإخوته لا ثثريب عليكم اليوم يغفر الله لي ولكم، إنها النبوة لا الملك والجبروت، ودخل الحرم وحوله ثلاثمائة وستون صنما فأخد يكسر بعضها ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا). كل هذا حدث في شهر رمضان وكذلك أغلب الأحداث العظيمة كنزول القرآن وغزوة بدر وفي فتح مكة دحر الشرك،وانتصر الإسلام وتبدد الظلام وانكسر إلى يوم الدين إن شاء الله.
اللهم ارزقنا الثبات على هذا الدين والموت عليه وحقق النصر تلو النصر لهذه الأمة ومكنها في الأرض تمكينا كيفما ترضاه ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى